* ظللت أبحث منذ فترة عن أي تصريح للسيد عبد الرحمن حسن عبد الرحمن، محافظ البنك المركزي، على أمل أن أجد فيه مبرراً واحداً لما يجري في أسواق العملات الأجنبية بالسودان، أو أي مؤشر يوضح للناس ماذا سيفعل بنك السودان في مواجهة الارتفاع المتوالي لأسعار الدولار. * أمس تحدث محافظ البنك المركزي، وعندما قرأت تصريحه قلت لنفسي: ليته صمت!! * ادعى الأستاذ عبد الرحمن أن أسعار صرف الدولار تشهد (انخفاضاً) واضحاً هذه الأيام، وأن الارتفاع الذي حدث مؤخراً سببه بعض (المضاربات الوهمية) التي أوجدت طلباً كبيراً على العملات الأجنبية! * عن أي انخفاض يتحدث محافظ البنك المركزي؟ * هل يعتبر وصول الدولار إلى ما فوق تسعة جنيهات، واستقراره في حدود ثمانية جنيهات ونصف الجنيه انخفاضاً بعد أن تضاعف سعره قرابة ثلاث مرات في عامٍ واحد؟ * أين كان البنك المركزي والدولار الحار يوجه الضربة تلو الأخرى للجنيه الكحيان، ويتلاعب به بأمر تماسيح العملة، الذين أخلى لهم البنك المركزي أسواق العملات الأجنبية، وجعلهم المتحكم الأوحد في أسعاره؟ * ما موقع البنك المركزي من الإعراب والدولار يتحول من (عملة) إلى (سلعة)، تقبل الاتجار والمضاربة والإيجار، في ظل غيابٍ كاملٍ للصرافات والبنوك من سوق العملات الحرة؟ * ماذا فعل البنك المركزي وهو يشاهد كل طرق الراغبين في الحصول على العملات الأجنبية تؤدي إلى السوق السوداء دون غيرها؟ * لن يجد من يريد أن يشتري الدولار بُدّاً من اللجوء إلى المضاربين والتجار الذين تحدث عنهم محافظ البنك المركزي في تصريحه الأشتر. * من يريد البيع لن يقبل لنفسه أن يوصف بالعتَه ليقبل خمسة جنيهات وسبعين قرشاً من البنوك التجارية والصرافات الصورية ما دام قادراً على أن ينال تسعة جنيهات أو أكثر من السوق الموازية. * غداً سيمثل محافظ البنك المركزي أمام نواب الشعب في البرلمان. * نتوقع من النواب الأفاضل أن يسألوه: لماذا يبقى السودان حتى اللحظة بمعزل عن أي تشريع ٍصارمٍ يجرّم الاتجار في العملات الأجنبية خارج المواعين الشرعية؟ * ما الذي يمنع البنك المركزي من إعداد مشروع قانون يحرِّم تجارةً تخرب الاقتصاد الوطني، وتجعل المستثمرين الأجانب يفرون من بلادنا فرار الصحيح من الأجرب؟ * كيف يستطيع التاجر، أو المستثمر، أو المُصِّنع أن يضع نفسه وأعماله في منطقةٍ آمنةٍ، ويحسب مصروفاته وأرباحه طالما أن أسعار العملات الأجنبية تتغير كل صباح؟ * لماذا يصر البنك المركزي على إخلاء أسواق العملات الأجنبية للمضاربين وتجار العملة، من دون أن يتخذ أي إجراءاتٍ تحد من نشاطهم، وتعزز قدرة الصرافات والبنوك على منافستهم؟ * لماذا يخرج المواعين الرسمية من سوق الدولار، ويُبقى التماسيح بلا حسيب ولا رقيب ولا منافس يحد من سطوتهم، ويجعل الراغبين في الحصول على العملات الأجنبية يجدون مبتغاهم في المنافذ الشرعية التي حددتها الدولة للنشاط المذكور؟ * قبل يومين تحدثت الأستاذة سامية أحمد محمد نائب رئيس المجلس الوطني، واعتبرت ما يحدث في سوق الدولار تدميراً ممنهجاً للاقتصاد الوطني، وقالت إن السودان بحاجة إلى سياسات وتشريعات رادعة ضد المتلاعبين بأسعار العملات الأجنبية. * فما الذي يمنع البنك المركزي من إعداد قانون يحفظ للدولة هيبتها، ويحزم المتلاعبين باقتصاد الوطن، ويجعلهم عبرةً لمن يعتبر؟ * إلى أن يتم ذلك سيظل البنك المركزي يلعب دور (الراعي غير الرسمي) لنشاط تماسيح العملة، وسيبقى الداعم (الخفي) لهم، لأنه لا يشكمهم، ولا يجرّم نشاطهم، ولا يظهر الحد الأدنى من الجدية لإعادة سطوة الدولة على سوق الدولار بتنشيط الصرافات والبنوك لتمارس نشاطها الطبيعي الذي ورثه تجار العملة. * إلى ذلك الحين سيظل أمر تحديد أسعار العملات الأجنبية بأيدي تجار السوق السوداء، بعيداً عن خزعبلات ما يسمى بالسعر الرسمي والتشجيعي والتأشيري وبقية الأوهام التي يرددها مسؤولو بنك السودان، ويخرج لها تماسيح العملة ألسنتهم، ويظلون المتحكم الأول والأخير في أسعار العملات الأجنبية!! *قال انخفاض قال!! اليوم التالي