في دول العالم الثالث تظل معالجة قضايا الفساد معقدة جداً، وتتشابك فيها خيوط كثيرة تلقي عليها ظلالاً تصرفها عن الأنظار، الأيام الماضية تحدث صلاح قوش عن عدم استخدام قضايا الفساد لتصفية الحسابات الخاصة، الطريف في الأمر أن أمين حسن عمر وصف حديث قوش بتبديد قوات نظامية لمليارات الجنيهات بأنه تصفية حسابات خاصة. أقول لصلاح قوش إن كانت تصفية الحسابات تكشف المفسدين والمتلاعبين بأموال الشعب، فلا مانع لشعب السودان بأكمله من استخدام تصفية الحسابات حتى يتطهر وليس يتحلل المفسدون. الكشف عن أية قضية فساد أو مفسد في الأرض لا يعني ذلك تصفية حسابات، صحيح أنه قد تكون هناك حساسية بين زيد وعبيد في وزارة ما، وما أن يكتشف زيد أن عبيداً مفسد يبلغ عنه فاعتقد أنها ظاهرة صحية، ويجب على الدولة أن تتبنى مشروعاً ككثير من المشروعات الوهمية التي تطلقها، تسميه بمشروع تصفية الحسابات طالما أية عملية فساد يتم الكشف عنها يخرج إليك من يقول إنها تصفية حسابات. لقد انعدمت الوطنية وأصبح الشخص لا يبلغ عن أخيه إذا ضبطه مختلساً مالاً عاماً، لأن زملاءه سيصفونه بأن لديه حسابات قديمة مع ذلك الشخص ويتهمونه بأنه صفى حسابه معه بطريقة يصفونها بالقذرة. إن الصحوة التي يشهدها المجتمع حالياً لمحاربة الفساد يجب أن يجد الدعم من الحكومة والبرلمان ومنظمات المجتمع المدني، فبدلاً من وضع المتاريس لها بالحديث غير المنطقي عن تصفية الحسابات وغيره، يجب على كل المسؤولين وضع كل الملفات على التربيزة وعدم التستر وإحالة كل من يشتبه به إلى نيابة المال. ٭ حسناً فعل والي الخرطوم حينما أحال منسوبي مكتبه إلى وزارة العدل للتحقيق، وكان بإمكانه إيقافهما عن العمل أو فصلهما وانتهاء القضية، ويجب على المسؤولين محاربة الفساد بشتى السبل والتي من بينها الصحافة وهي على استعداد لأن تشيل «وش القباحة» إذا شعر أي مسؤول أو مواطن بأي حرج بالتبليغ عن قضية فساد. ندعو الجميع لتصفية حساباتهم لكشف المفسدين ليتعافى الوطن من الأمراض التي ألمت به ونجدد دعوتنا للحكومة بإعمال مشروع تصفية الحسابات حتى تكون المسألة أكثر تقنيناً وترفع الحرج عن مصفي الحسابات. الحديث عن أن الفساد موجود بكل العالم حديث يجده المفسدون مبرراً للاعتداء على المال العام، نعم هناك فساد ولكن هناك قوانين ومراقبة وعقوبات رادعة لمن تحدثه نفسه بالاختلاس، يجب محاصرة المفسدين بدلاً عن إيجاد المبررات التي تساعدهم في ارتكاب الجريمة.