ظل العمل في مجلس الهلال ومن نشأته قبل أكثر من «80» عاماً يقوم على التطوع لخدمة النادي الذي يدين له هؤلاء الاداريون بالولاء والحب ويضحون في سبيله بالجهد والصحة والمال لتحقيق الانتصارات والانجازات التي تسعد الجماهير وتنثر الفرح في دواخلها وهي التي تقتطع ثمن تذكرة المباريات من قوت يومها لتشجع الفريق وتبث روح الاصرار والحماس في لاعبيه لينتزعوا الانتصارات التي تشرف النادي وترفع هامته عالية في سماء الرياضة داخل وخارج الوطن. وعبر أكثر من ثمانية عقود ظل الهلال يعتمد في تسجيلات اللاعبين وتسيير النشاط الثقافي والاجتماعي على دخول المباريات وتبرعات أعضاء المجالس والذين ضربوا المثل في العطاء المتجرد، حيث باع علي الياس سكرتير الهلال في السبعينيات سيارته لحل مشكلات بعض اللاعبين، كما باع زعيم أمة الهلال الراحل الطيب عبد الله مساحات كبيرة من الأراضي السكنية بالمنشية وصرفها على الهلال ليضرب المثل في التضحية من أجل النادي الذي أحبه ونذر حياته له، كما حمل طه علي البشير حكيم الهلال النادي على أكتافه لثلاثة عقود سجل خلالها أكثر من «40» لاعباً من حر ماله وتحمل كل أعباء النادي المادية في تلك الفترة عطاءً خالصاً ومتجرداً دون من أو تفاخر، اضافة لكثير من الأقطاب الذين كانوا يدفعون للهلال بسخاء كآل ابو العلا ومحمد احمد ملاح الأب الروحي للنادي وفاروق سركسيان وكثيرين غيرهم من الرموز الذين لم يحدث أن طالب أي منهم باعتبار تبرعاته ديوناً وطالب بردها، لأنه دفعها عن قناعة للنادي الذي يحبه ويريد ان يراه دائماً شامخاً وعزيزاً ومنتصراً. سقت هذه المقدمة بمناسبة تصريحات السيد صلاح عبد الرحيم المكلف بأعمال أمين خزينة الهلال عن سداد المجلس للديون للشركات والأفراد، والذي رد عليه الأمين البرير بأن له ديون على الهلال اذا لم تسدد له قد يطالب بها عن طريق القانون.. وقبل هذا كان صلاح ادريس قد ذكر ان ديونه على الهلال تبلغ «37» ملياراً واذا اضفنا لها مديونية البرير البالغة «11» ملياراً تصل الجملة الى «48» ملياراً، في الوقت الذي ترك فيه الرئيسان ديوناً تجاوزت عشرة مليارات كمستحقات لمحترفين ومدربين أجانب وفنادق وشركات، وبذل مجلس التسيير الأول جهداً كبيراً لتسديدها وهو في أمس الحاجة للأموال لمعركة التسجيلات واعداد الفريق للبطولة الافريقية والموسم الجديد وتأهيل الاستاد. ونحن حقيقة لا نتهم اأحداً بأن هذه الديون غير صحيحة أو هناك مبالغة فيها، ولكن نؤكد ان الاعراف والتقاليد الهلالية تقول ان كل من جاء للعمل بالهلال متطوعاً ودفع الأموال للنادي لأي غرض من الأغراض تعتبر تبرعاً منه وليست ديوناً، لأنه دفعها بقناعة ولم تفرض عليه أية جهة ذلك، كما ان اية اموال لا يطلبها المجلس من العضو ولا تسجل في المحاضر ولا تظهر في الحسابات والميزانية ولا يتم اعتمادها بواسطة المراجع العام تعتبر في حكم التبرع، وليس من حق اي شخص ان يطالب بها، ولا اعتقد ان ما ذكرناه ينطبق على الأموال التي دفعها صلاح ادريس والبرير، لأنه لم تكن هناك حسابات منتظمة في عهد الرئيسين، حيث كانت الاموال تدخل وتخرج دون قرارات من المجلس أو مستندات تؤيد الصرف، الشيء الذي يؤكد صعوبة اثبات ان المجالس قد طلبت منهما دفع هذه المبالغ وسجلتها في المحاضر واعتمدتها في الميزانية وأصبحت ديوناً مستحقة. وبما ان العمل في مجالس الهلال تطوعي وتقدم التبرعات بقرار شخصي لدعم النادي، فإن مطالبة صلاح ادريس والبرير برد ما دفعاه للنادي من أموال بعد تركهما للرئاسة يجردهما من الانتماء للهلال وينهي علاقة الارتباط بالمؤسسة التي كانا يدعيان حبها، ويقف حاجزاً نفسياً امام امكانية عودتهما مرة أخرى للرئاسة بعد أن تحولا من قائدين للمسيرة الى بنكي تسليف يمنح الأموال ويطالب بالالتزام بالسداد. كما تؤكد المطالبة بالديون ان الهدف من سعيهما لقيادة النادي هو الحصول على الشهرة والمكانة الاجتماعية وليس تقديم خدمة متجردة للهلال الذي دفعا له عندما كانا في السلطة، وبعد تركهما لها طالبا بأموالهما، ولذلك فإن اصرار صلاح ادريس والبرير على المطالبة بالديون يشير بوضوح إلى انهما لم يكونا يعملان من أجل الهلال بدافع الحب والانتماء، بل لتحقيق دوافع شخصية لا علاقة لها بالمصالح العليا للأزرق. إذا كان الشخص العادي لا يعتبر الاموال التي يصرفها على أسرته ديوناً ويطالب أبناءه بردها اليه، فكيف يطالب رئيسا الهلال وهما اللذان كانا في يوم ما كبيرا الأسرة الهلالية، الأسرة بتسديد ما انفقاه عليها؟! رئيس المريخ جمال الوالي دفع للمريخ خلال السنوات العشر الماضية «16» مليون دولار، اي ما يعادل حوالى «150» مليار جنيه ولم يطالب بردها أو اعتبارها ديوناً او كروت ضغط ضد المعارضة والمختلفين معه لإخضاعهم لسلطته، بل أعلن في قناة «قوون» ان كل ما دفعه من اموال هي من اجل جماهير المريخ ولن يطالب بها في يوم من الأيام.. وهو موقف لا يمكن مقارنته بموقف صلاح ادريس والبرير المطالب بتحويل التبرعات لديون!! لو كان الهلال يريد أن يسدد للأرباب والبرير ال «خمسين ملياراً» التي دفعاها للنادي فكيف يستطيع ذلك وهو يعتمد على الهبات والتبرعات في تسيير نشاطه، ويعاني من عجز دائم في ميزانيته السنوية التي تحتاج الى اكثر من عشرة مليارات، ولذلك فإن الحل الأمثل لقضية الديون التي أثارت موجة من الاستياء وسط الجماهير ضد موقف صلاح ادريس والبرير منها، هو ان يتم اعفاء هذه الاموال اذا كانت فعلاً مستحقة لتعيد لهما شيئاً من المكانة في نفوس الجماهير بعد المطالبة بالديون من النادي الذي يتحدثان عن حبه والولاء له والارتباط به، وهم يلويان يده لاستعادة أموالهما!!