مياه الشرب التي جعل الله منها كل شيء حي.. وقد حبانا الله بالعديد من المسطحات المائية. أنهار وآبار ونيلان من أعظم الأنهار في العالم والعديد من السدود وخصانا الله برحمته بالمياه العذبة.. وجعل آبارنا الإرتوازية أقرب للسطح.. وحبانا بوفرة المنابع والجمامات والحفائر ومياه الامطار المخزونة في باطن الأشجار، ورغم كل ذلك الزخم المائي فإننا نفتقر إلى الترشيد ونفتقر الى المؤسسية والمنهجية التي تستطيع توزيع المياه وتوفيرها. والاحتفاظ بمنسوب كافٍ للري والاستهلاك وفق معايير محددة.. ٭ فللأسف حتى الآن وقبل مئات السنين ونحن لم نستفد من مياه النيل.. فالعقلية التي تستطيع ان تقود موكب التغير وتستغل وفرة المياه استغلالاً امثل عقلية مغيبة وغير موجودة.. فكيف يستقيم العقل والمياه بكل كثرتها محيطة بكل انحاء البلاد والعطش قتل العباد.. الأرض ظمأى وجفت الحقول ونضبت الحواشات، واذا امسكت السماء المطر يوماً أكيد سوف يحل الجفاف ويجف الزرع وينضب الضرع.. فهل يعقل أن تظل المياه حبيسة في انهارها وآبارها.. وتعدم البيوت من مياه الشرب الصالحة فتظل المواسير عبارة عن «مواسير»... فحتى المياه التي عبر المواسير والحنفيات عبارة عن مزيج من الطمي والطين.. مياه متغيرة اللون والطعم والرائحة.. وخاصة بعد ظهور الحفارات الحديثة.. التي ملأت كل الأماكن وانتشرت في كل المدن والأرياف.. فاصبحت الخطورة بمكان.. لأنها تستنبط مياه الصرف الصحي وتختلط بعيون المياه الجوفية الصالحة للشرب.. والناس تشيل وتجغم وتشرب السم الهاري من الصرف الصحي ومياه المجاري.. «التي أذت بيت جاري» فانتشر الاسهال المائي وأوجاع البطن.. والمغص الحاد.. وازدياد الفشل الكلوي وظهور أمراض الكبد الوبائي.. وربما «كرونا» الوجعت ناس زقولنا.. وديل بالموية هرونا وكرهونا أكل المكرونة.. فللموية حكايات ومواقف أشهرها حكاية الرجل الذي قدم من الجزيرة للخرطوم. ولم يشهد منظر المياه العكرة.. ولم يتصور أن يجد مياها عكرة للشرب.. فدخل للمطعم في السوق العربي وعندما أتى له الجرسون بموية الشراب ووجدها عبارة عن طمير دفاق قال له: دي موية شنو؟؟ فرد عليه الجرسون: دي موية شراب فقال له بلدياتي: لو موية شرابكم متل دي طيب موية البلاعة بتاعتكم بتكون كيف؟! وحقيقة إن هذه المياه.. لا تصلح لشراب البني آدمين.. وحتى الروائح الكريهة تكاد تشمها في فم الكوب.. ومرة مرة كده.. بكتروا ليها الكرول قال عشان تتنقى.. وأريتو لو الناس شربت من مويه البحر.. كان أرحم.. فالناس المرتاحة والمرطبة يا هو بجغموا وبشفطوا موية الصحة وبهرونا بالصرف الصحي.. وأصبحت بطون المواطنين عبارة عن مستنقعات ومياه ضحلة وراكدة.. «فالجوغير» بمياه الشرب يؤدي إلى العديد من الأمراض المصاحبة للمياه.. وكل علة جايه من صهريج الحلة.. ومن هنا برسل مناشدة.. وبنادي اهل الموية في هيئة توفير بالمدن والأرياف. وناس وزارة الصحة بكل أقسامها الصحة الوبائية، الصحة الوقائية، الصحة البيئية الصحة الهمجية والمرضية المزمنة.. ليتهم يأتون ليتفقدوا كل صهريج في أية بقعة من بقاع السودان.. في أية حلة أو مدينة او مفازة.. عشان يشوفوا العجب العجاب .. أولاً كمية الطحالب والصدأ وترسب الطين والرملة والجذور المتعفنة.. وكمية الكائنات المستوطنة في بطن الصهريج أو في جوب الجب.. حاجة فظيعة.. والسؤال الذي نود أن نسأله لأهل الصحة والسيد الوزير الهمام وعالي المقام.. هل قام أحد من هؤلاء الهمام في إكمال المهام.. بالإشراف التام على كل صهاريج المياه.. حتى لا نصاب بالسقام.. هل تفقدت هيئة المياه صهاريجها أو آبارها مرة في كل عام.. إن شاء الله بعد تلاتة أعوام؟؟ وكل عام وأنتم بخير.. دون علهة أو مرض يصيبكم لأنكم إذا وردتم الماء تشربون موية الصحة النقية بالأوزون ويشرب غيركم كدراً وطيناً.. بعض من الحلال والأرياف في بعض المناطق ليست النائية في قلب الجزيرة وفي قلب العاصمة.. تصورا الناس ديل قنعوا من الموية ومن خير فيها.. حتى حنفياتهم قلعوها ورموها في الخردة.. ورغم ذلك ناس الهيئة يتحصلون منهم رسوم خدمات المياه.. وأصبح واقع عليهم ظمأ وظلم وظلام.. معقولة يا هيئة يا ظالمة .. ناس موية ما عندها.. في حارات الخرطوم وليها زمن ما غسلت الهدوم.. وما ابتلت للحلقوم تقوموا تدفعوهم رسوم.. واحد قال ليهم «لو شربنا موية بطينا» كنا سميناها رضينا.. ومن معاناة حارات الثورة أم درمان خاصة الحارة الواحد وعشرين تصوروا يساهرون ليلاً لحضور السيدة الموية.. وتأتي نص الليل «زي الحرامي» .. ومن الطرائف في قطوعات الموية المتكررة في الحارات.. واحد من المواطنين يمتلك مجموعة من الزهور النادرة وأشجار الزينة في منزله وأصبح يعاني من انقطاع المياه. قالوا له وزهورك دي يا أبو الزهور بتسقيها شنو!! فرد عليهم بسقيها بالتيمم.. وحكاية طريفة أخرى.. مواطن كبير في السن ظل يشتكي كل يوم من انقطاع المويه.. والجيران شفطوها بالموتور.. وظل يصبر كل يوم حتى الصباح في انتظار الموية والماسورة تشخر «آخ خ خ خ خ» قال والله حكاية عجيبة.. المأسورة نايمة تشخر ونحن مساهرين للصباح. حقو تجيبوا ليها مرتبة ومخدة عشان تكمل نومها فد مرة.. وأصبح هذا الرجل على هذا الحال.. حتى أصاب التعب والإرهاق جسده وكاد يعمى من السهر.. وذهبوا به لطبيب العيون.. وعندما كشف عليه الطبيب.. قال ليه يا حاج عندك موية في عيونك.. فصاح ساخراً.. الموية دي الواحد ينتظرها تطلع من الماسورة تقوم تطلع من العيون.. والله سبحانه الله في خلقه.. ومن الطرائف السياسية المتلعقة بأمر المياه.. حكاية الرئيس الأسبق الراحل جعفر نميري مع الرئيس القذافي.. حيث يذكر إن هناك جلسة جمعت النميري بالقذافي وأتي أحد وزراء القذافي وبعد التحية عرفه القذافي للنميري بأنه وزير الري والموارد المائية في حكومته.. فقال له النميري.. حاجة غريبة إنت بلدك ما فيها موية صالحة للشرب.. وعامل ليك وزير ري وموارد مائية.. فرد عليه القذافي قائلاً له: وإنت عامل في حكومتك وزير مالية واقتصاد.. عندكم قروش أو مال لحدما تعملوا ليه وزارة مالية. آخر نقطة موية من حق المواطن ومن أبسط حقوقه ان يجد ماءً صحياً ونظيفاً.. لأن الله جعل من الماء كل شيء حي.. وليتها تسري في كل حي!!