أذكر إنه في موسم من مواسم المونديال السابقة، وعندما كان الناس منشغلين بالمباراة النهائية لمنافسات المونديال بين البرازيلوألمانيا، كانت الفيفا تقيم مونديالاً موازياً لمونديال اليابان وكوريا في مملكة بوتان الدولة المضيفة لتلك المنافسات. وقد كانت لا تقل إثارة عن مباريات المونديال الأصلي. وكانت لها تصفياتها وصعود فرقها إلى الأدوار النهائية. وبينما كانت منافسات المونديال الأصلي للفوز بكأس رينيه الذهبي، كانت منافسات بوتان للفوز بالملعقة الخشبية لأسوأ فريق كرة قدم عالمي. والمباراة النهائية كانت بين فريق مونتسيرات وفريق بوتان الدولة المضيفة. بوتان دولة ملكية تقع على جبال الهملايا بين التبت وبنغلاديش والصين ونيبال، وليس لها منفذ على البحر. وقد انضمت للفيفا عام 2000م ولعبت أول مباراة عالمية في نيبال عام 1999م ومنذ ذلك التاريخ لعبت «8» مباريات لم تكسب أية واحدة منها. وفي تصنيف الفيفا يقع ترتيبها ال «202». أما جمهورية مونتسيرات فهي جزيرة من جزر البحر الكاريبي تشتهر ببركانها المشتعل طيلة العام. ولم تكسب أيضاً أية مباراة خاضتها، ولهذا نظمت الفيفا تلك المباراة في الثلاثين من يونيو لاختيار اأسوأ فريق عالمي. وربما كنت الوحيد في السودان الذي تابع تلك المباراة ولم أتابع مباراة البرازيل ضد ألمانيا لعلمي أنها ستنقل مرة أخرى. بدأت المباراة فاترة الوطيس بين فريق بوتان ومونتسيرات إلا أن أبطال بوتان الذين كانو يلعبون بين جمهورهم سرعان ما أحرزوا هدفاً في مرمى الخصم وانتهى الشوط الأول بهدف واحد مقابل لا شيء. وفي الشوط الثاني ووسط تشجيع الجماهير المتواصل سجل فريق بوتان ثلاثة أهداف نظيفة لتنتهي المباراة لصالحه بأربعة أهداف مقابل لا شيء. هذا وقد قدم مندوب الفيفا الملعقة الخشبية لفريق مونتسيرات على أساس أنه أسوأ فريق كرة قدم في العالم وصعد فريق بوتان إلى المرتبة «199»، وتوج فريق مونتسيرات في ذيل القائمة وعادوا إلى ديارهم بعد أن أحرزوا الملعقة الخشبية. وطيلة هذا الوقت وأنا أتساءل أين نحن من هذه الهزائم العظيمة؟ ما في حتى ملعقة واحدة بيها نطمن شوية؟ ولو تتبعنا تاريخ كرة القدم لرأينا العجب العجاب. ففي المباراة التي أقيمت بين فريق أربروث الأسكتلندي وخصمه دون أكورد في الخامس من سبتمبر عام 1885م سجل فريق أربروث 36 هدفاً في مرمى دون أكورد مقابل لا شيء وكانوا يحتجون على حكم المباراة لأنه لم يحتسب لهم «7» أهداف أخرى بعد أن اعتبرها جاءت نتيجة تسلل «شايف كيف الحكام ظالمين يا أستاذ النعيم سليمان»؟ وأذكر أن أحد أصدقائي كان له ابن يدرس في المدرسة الأولية وكان ترتيب ابنه في كل الأوقات والمواسم وساعات العمل الرسمية هو «الطيش»، وقد كان الأصدقاء يتندرون ويقولون «الطيش عند الله يعيش». اليوم جاءني صديقي وطلب مني طلباً غريباً. فقد جاءته نتيجة ابنه ولدهشته فقد كان ترتيب ابنه على غير العادة قبل الطيش. فقال لي: = من فضلك أنا عايزك تمشي معاي لأخينا ناظر المدرسة عشان أنا عايزو ينادي لي الولد الأكعب من ولدي دا.. بس أشوفو شكلو شنو.. تصور ولدي طلع قبل الطيش. وترتيبو «58» والطيش ترتيبو «59». وقد كانت فعلاً تلك ظاهرة تستدعي الوقوف عندها. شرحنا الموضوع لناظر المدرسة الذي «مات» من الضحك وطلب من ضابط المدرسة أن ينادي على الطالب... وزال العجب منا عندما جاء ضابط المدرسة وهو يقرأ من الدفتر أن الطيش هو تلميذ من النازحين لم يحضر الامتحانات لمرضه. وتنفس صديقي الصعداء وقد بان الأمر على حقيقته. ومن السودان من أرض المعجزات الكروية الباهرة أرسلها تهنئة خالصة لفريق مونتسيرات على ذلك الإنجاز الرفيع بنيله ملعقة الفيفا الخشبية، ونعاهدهم أننا سننازلهم وسنقتلع منهم تلك الملعقة ونعود بها ظافرين غانمين وموعدنا يوم يحشر الناس في المونديال القادم بإذن الله إن الله حيانا فلا نامت أعين الشبابيك والأبواب والمروق والعناقريب وكرعين العناقريب.