المدهش في قضية شركة كنانة المتفجرة بعد إقالة مديرها العام العضو المنتدب محمد المرضي التجاني، أنها أخذت مسارات ملتوية وفيها إخفاء لكثير من الحقائق حولها، وإظهارها كأنها أزمة بين السودان والدول الأعضاء، وذلك ربما لحجم التحريض الذي انتظم الدول الأعضاء وقادته دولة الكويت، والسؤال هنا: لماذا استنجدالمرضي بدولة الكويت ولم يستنجد بالسعودية مثلاً؟؟ صحيح أن المساهمين العرب يمتلكون 60% من أسهم شركة كنانة والسودان كدولة مقر يمتلك 40% وكان الأوفق استشارتهم في موضوع الإقالة، ولكن وزير الصناعة السودانية هو رئيس مجلس إدارة الشركة ويمثل السودان ولديه الحق في ذلك ولكن حالة التساهل التي كانت في الشركة وجعلت من محمد المرضي التجاني إمبراطورية هي التي حركت الأحداث بهذا الشكل الدراماتيكي وصنعت حالة الاستغراب. إن صناعة السكر في فترة محمد المرضي التجاني تعرضت لنكسة وخسارات كبيرة بلغت (300) مليون دولار، ولم يسأل أحد، ثم تأسس مصنع سكر مشكور وهو يعاني عللاً فنية منذ البداية ومعلومة للجميع، حيث قدم تقرير فني بأن الأرض التي أُقيم عليها لا تصلح من حيث التربة وأشياء وإشكالات أخرى، ولكن كاريزما (المرضي) كانت طاغية على كل شيء وضربت بتقارير الفنيين والمهندسين عرض الحائط وأقيم المشروع الفاشل وهو الآن ينتج بطاقة «45%» فقط، لماذا لا أحد يسأل؟! ليس هناك ما يبرر كل هذه الضجة لمجرد أن محمد المرضي التجاني انتهت فترته ولم يجدد له، وأن يتم تصوير الأمر بأنه عرقلة لمسار الاستثمار وتضييق على المستثمرين العرب وغيرهم لمجرد أن الوزير أراد استعدال صورة كانت مطلوبة في مؤسسة اقتصادية وطنية عالمية، وتنتج أهم سلعة في العالم، ولكن بكل أسف مع إنتاجنا للسكر لكننا نستورده ولا أحد يسأل لماذا؟! إن صناعة السكر تتدهور وأن ملفها يدار بشكل غامض وفيه تساهل مخل يراعي المصالح الخاصة ولم يراع المصالح الكلية للوطن، وعندما تأتي المعالجات تثور ثورة وتدور معركة في غير معترك، نعم، إن كنانة شركة سكر عالمية ومن مصلحتها أن تتم مراجعتها بواسطة مراجع عالمي ومكتب دولي معروف، ولكن، ما الذي يمنع أن يراجعها المراجع القومي الداخلي للسودان لمزيد من حفظ ورعاية الأموال الوطنية والأجنبية، فلا أعتقد أن يرفض الإخوة العرب المساهمين في شراكة كنانة إذا قيل لهم إن السودان ينوى ولمزيد من الضبط أن تُراجع شركة كنانة من قبل المراجع العام لأجل حفظ أموالكم وكنوزكم في كنانة، لا أعتقد ذلك؟ أخشى أن يكون محمد المرضي التجاني يدير معركة خفية مع شخصيات لم تظهر على سطح الأحداث وعلى حساب (كنانة)، وأشد ما أخشاه أن تدخل معركة كنانة في الجدلية العقدية بالمنطقة العربية وصراع السنة والشيعة المتدثر في ثياب الاقتصاد واستخدام ملف (كنانة) و(المرضي) في تسميم علاقات الدول العربية بعضها البعض، وإذا كان الأمر غير ذلك لا أرى مبرراً يثير الضجة الإعلامية والحديث عن تحفظات بعض المساهمين على قرار عدم التجديد للعضو المنتدب. أختم وأقول على الدولة أن تتدخل في ملف صناعة السكر بالبلاد وطريقة إدارته لمزيد من الضبط والإحكام، وأن تعود المصلحة لخزينة الوطن وليس لجيوب الأفراد، ونكرر السؤال المحير: لماذا نستورد السكر ونحن الدولة الأولى عالمياً في صناعته؟؟ إذا علمنا الإجابة نكون قد استوعبنا ضرورات ومبررات إبعاد محمد المرضي التجاني.