التفاهم الأسري من دعائم الاستقرار حيث يعد الحوار من دعائم التواصل بين الأسرة والأبناء، وتُتهم معظم الأسر السودانية بانعدام المساحة المتاحة للأبناء لإبداء رأيهم فمازلنا نرى نموذجًا للأب الدكتاتوري المنفرد بالرأي والذي يصر على أن يعيش الأبناء في جلبابه، فتراهم يفرضون عليهم خيارات التعليم واختيار التخصص والزواج والسكن وغيرها من الأمور المصيرية والفاصلة في حياة الأبناء «البيت الكبير» استطلع أهل الرأي وخرج بالتالي: لم أدخل الكلية برغبتي سلوى محمد «طالبة» قالت إن مجال الطب لم يكن رغبتها وكان حلمها دراسة القانون، وجاء اختيارها ترضية لوالدها.. وتجزم بالقول إن تحصيلها كان يمكن أن يكون أفضل من ذلك لو تسنى لها دراسة القانون، وتؤكد سلوى أن صوت الأبناء داخل الأسرة السودانية غير مسموع والآباء يسعون دومًا إلى أن يكون الأبناء نسخة أخرى منهم. واقع الحال وتذكر «س» التي فضلت حجب اسمها أنها تعرفت إلى شخص ما وتقدم لخطبتها ولكن أسرتها رفضت بحجة أنه غير مناسب، وقالت: حاولت إقناعهم جاهدة ولكنهم رفضوا الحوار بحجة الخوف على مستقبلي ولم يتركوا لي فرصة لإقناعهم وأغلقوا باب الحوار، وهذا هو واقع الحال في الأسر السودانية. جلباب أبي ويروي «م.ن.» الذي يبلغ من العمر 25 عامًا تجربته قائلاً: قررت الارتباط بفتاة اخترتها بمحض إرادتي وبعد تمحيص، ولكن والدي رفض وأصر على زواجي من ابنة عمي، وعندما رفضتُ وحاولت إقناعه بوجهة نظري وصل الأمر إلى درجة الضرب والأذى وزوجني ببنت عمي رغم عدم قناعتي.. ويضيف أن الآباء لا يحترمون دائمًا رغبة الأبناء ويصرون على أن نعيش في جلبابهم خاصة في شؤون الزواج مما يؤكد عدم وجود حوار داخل الأسرة. لصالحهم الصادق حسين موظف ورب أسرة رفض بشدة مفهوم «دكتاتورية»، وقال: ليس الأب «دكتاتور» ولكن لا بد من وجود بعض الحزم والشدة في القضايا المصيرية عبر الإدلاء برأيهم لكن دون التأثير في قراراتهم، وعلى الأبناء أن يدركوا تمامًا أن هذا الامر في مصلحتهم بحكم الخبرة والتجارب لتي خضناها كآباء، وفي اعتقادي أن كل أب في هذه الحياة يبحث عن مصلحة أبنائه حتى يراهم في وضع أفضل، لذلك أجزم بأن التدخل كثيرًا ما يكون لصالحهم. ضرورة حتمية الأستاذ محمد عبد الرحمن «باحث اجتماعي» ذكر أن ثقافة الديمقراطية في الحوار ضرورة حتمية لمواكبة المجتمعات وهي سبب أساسي للتطور في التنمية البشرية وتفجير الطاقات الذاتية مضيفًا أن انعدام الحوار داخل الأسرة السودانية يعود لعدة أسباب أهمها طريقة التربية والتنشئة في الأسرة، وعادات المجتمع أو مفاهيمه التي تقيم الأسلوب السلطوي الذكوري حيث إن الرجل في الأسرة السودانية سواء كان رب البيت أو الأخ أو الابن ينفرد برأيه ولا يتيح للآخرين فرصة إبداء الرأي أو الاعتراض بأي شكل كان مما يؤدي إلى الكبت الذي ينتج عنه الانحراف والتشرد، وقال إنه لعلاج هذه الظواهر السلبية يجب الاستعانة برجال الدين لتغيير بعض المفاهيم والقيم الخاطئة والتوعية الصحفية باستخدام الإعلام الدعوي للأسس الصحيحة لأن الأسرة هي نواة أساسية في المجتمع في صلاحها صلاح المجتمع وإعطاء الأبناء فرصة لإبداء الرأي وتشجيعهم على المشاركة فقد قال رسول الله «صلي الله عليه وسلم» «ربوا أبناءكم لزمان غير زمانكم».