الحرب على غزة لم يكن الهدف منها نزع سلاح المقاومة ولا تدمير الأنفاق إنما كان الهدف الأساسي منها هو وضع نهاية للقضية الفلسطينية للأبد..!! ومما شجع نتنياهو على شن هذه الحرب أن التأييد العربي لها كان يمثل نسبة تسعين في المائة بينما التأييد لها داخل إسرائيل كان خمسة وسبعين في المائة..!! ولكن يمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين فالمقاومة الفلسطينية لم تتوحد كلمتها منذ نشأتها كما توحدت اليوم، فلم تعد هناك فصائل تتبع لدول عربية كما كان الحال سابقاً فالذين كانوا يتمتعون بدعم هذه الدولة أو تلك تبين لهم أن تلك الدول تدعم إسرائيل بأكثر مما تدعمهم، لذلك ذابت هذه الفروقات والعدائيات بين فصائل المقاومة ففي المعركة تجد الجميع حماس، جهاد، شعبية، فتح فالجميع أدرك أنهم مستهدفون بعد أن تخلت عنهم الدول التي كانوا يعتمدون عليها، وأصبح لهم هدف واحد هو فلسطين..! لم يشهد العالم وفداً فلسطينياً موحداً يضم كل الفصائل إلا بعد العدوان الآثم على غزة، ولم يشهد العالم تضامناً في الضفة الغربية، حيث خرج أهالي الضفة العزل بالحجارة يقاتلون الجيش الإسرائيلي المدجج بالسلاح..!! والوحدة الفلسطينية وحدها هي بوابة النصر، واليوم نرى فصائل المقاومة في غزة تبهر العالم وهي تواجه أقوى ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط، واليوم نرى سكان غزة وهم يباركون المقاومة رغم الأعداد الضخمة من الشهداء والجرحى وهم يرددون قتلانا في الجنة وقتالهم في النار..!! إن أجمل ابتسامة شهدتها في حياتي كانت لشهيدة فلسطينية شابة، ودعت الدنيا بابتسامتها التي طبعت في ذهن كل من شاهدها..!! ذكرت في مقال سابق أن فلسطين لا يحررها إلا أبناؤها وبعض المؤمنين بقضيتها من المسلمين، وفعلاً بدأت مقولتي تتحقق، فاليوم غزة تحارب وحدها، وبينما يقف العرب إما داعمين لإسرائيل وإما متفرجين إلا من رحم ربي وهم قلة..!! فالعرب كانت لهم الفرصة الكبرى لعدم قيام إسرائيل أصلاً في العام 1948 ولكنها الخيانة التي دبروها حتى ينهزموا فانهزموا وقامت إسرائيل!! وسار الإسلام من الأنظمة العربية على نهج من سبقوهم، فالذين مهدوا لقيام إسرائيل اليوم يدعمونها ضد المقاومة..!! كل الشعوب العربية أو قل معظمها تتعاطف مع غزة وتتألم لما يحدث بها ولا سبيل لها في الوصول إلى هناك أو إرسال مساعدات لهم، فأكبر دولة عربية وذات ثقل إقليمي أغلقت الأبواب عليها ومنعت دخول أوخروج حتى الجرحى للعلاج فاستشهدوا خلف البوابة المغلقة..!! إسرائيل اعتمدت في هذه الحرب على المحيط حولها فغزة معزولة عن الوسط الذي تعيش فيه وساعدها في ذلك الربط بينها وبين الحركات الإرهابية التي تدعي الإسلام، والتي تعيث خراباً في الدول الإسلامية ولا تقتل إلا من يشهد أن لا إله إلا الله، ومحاولة الربط بين حماس وداعش مثلاً محاولة بائسة حيث إن داعش تعتبر حماس منظمة كافرة..!! في حرب إسرائيل مع حزب الله اعتمدت إسرائيل على أن حزب الله معزول في لبنان فأرادت القضاء على المقاومة اللبنانية، وقد قالت كونداليسا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية إن الشرق الأوسط الجديد بدأت ملامحه تتمدد بهذه المعركة، ورغم ذلك هزمت المقاومة إسرائيل، ويحاول البعض تخفيف هذه الهزيمة بأن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها، وعدم تحقق الهدف هو الهزيمة..!! أما في حرب غزة فقد اعتمدت إسرائيل على محيطها العربي الذي وقف إما مؤيداً وإما متفرجاً ومباركاً، وبناءً عليه شنت هجومها الغادر لا لنزع سلاح المقاومة المستحيل إنما للقضاء على مليون وثمانمائة ألف يشكلون سكان غزة..!! وقد بلغ التآمر مبلغاً أن أحد وزراء الخارجية العرب وعد إسرائيل بدفع كل خسائرها في الحرب إذا قضت على المقاومة، والقضاء على المقاومة يعني القضاء على كل سكان غزة وقتلهم وتشريدهم لتظهر قضية لاجئين جديدة..!! يجب على أمريكا وإسرائيل أن يدركا أن هذه الحرب إن استمرت لن تقتصر على غزة وحدها بل ستتطور إلى حرب إقليمية، فالشعوب في المنطقة لن تتحمل أن يباد شعب غزة تحت ناظريها، بالإضافة إلى أن الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع قد توحدت فصائله وهذه أولى بشائر النصر..!! حتى العالم الغربي أخذ يستنكر وحشية إسرائيل وقتلها للمدنيين الأبرياء، والذين يدعي العدو الإسرائيلي أن حماس تتخذهم دروعاً بشرية، وهذا أسخف تبرير يمكن أن يقال، ومتى كانت المنازل دروعاً بشرية؟، وهل المساجد دروعاً بشرية والكنائس والمستشفيات وسيارات الإسعاف والمسعفين. وأين سيذهب مليون وثمانمائة ألف فلسطيني وهم محاصرون براً وبحراً وجواً أين يذهب هؤلاء حتى لا تتخذ منهم حماس دروعاً بشرية..!! أطفال يلهون على شاطئ غزة تم قصفهم هل هؤلاء أيضاً دروع بشرية..!! التأييد لغزة جاءها من أقصى أمريكا الجنوبية، بينما إخوة الدين واللغة والقرآن يباركون ما يجري من مجازر، وأقول لهم اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد..!!