وفد من الجامعة العربية يضم وزراء الخارجية العرب سيزور غزة.. بغرض التعرف على الأوضاع والنظر في الاحتياجات الأساسية والإنسانية بعد الحرب المدمرة والعدوان البشع للعدو الصهيوني على أهلنا هناك، وانكسار الجيش الإسرائيلي وعجزه عن اقتحام هذه القلعة الصامدة وكسر شوكة المقاومة. هذه الزيارة وصمة عار في جبين الجامعة العربية التي صمتت ولم نسمع لها حساً ولم نشهد تحركاً لأمينها العام ولا أي وزير خارجية من الدولة العربية المتخاذلة التي تريد اليوم المشي خلف جنائز الشهداء، وكانت تريد المشي خلف جنازة الوطن القتيل. زيارة أسوأ من الحرب نفسها.. أين كان هؤلاء الوزراء العرب عندما كانت آلة الحرب الإسرائيلية تحصد أرواح الأطفال والنساء والمدنيين والعجزة في غزة؟ كانت الشظايا في الأجساد البضة لأطفال رضع ومواليد حديثي الولادة وأبرياء، وكانت دماؤهم الزكية الطاهرة تكتب ملامح الغد الجديد للأمة العربية، فلم تكن معركة غزة وصمودها من أجل قطعة من الأرض محاصرة من كل جانب من البر والبحر والجو.. وإنما كانت أوبة قضية ظنها الناس قد قُبرت وطمرت تحت ركام التطبيع والتسوية والسلام الزائف المزعوم والمؤامرات من العدو والصديق ومن القريب والبعيد!! إن درس غزة هو الأبلغ في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ويفتح الطريق أمام تحرير الأرض السليبة وفك أسر القدس والمسجد الأقصى وإنهاء دولة اليهود.. فالجيش الصهيوني الذي ضخمته الدعاية السياسية وخيبات الأنظمة العربية منذ النكبة في 1948م بقيام الكيان الصهيوني والنكسة في 1967م مروراً بنصر أكتوبر الذي لم يكتمل واجتياح لبنان 1982م وغيرها من الحروب والغارات الصهيونية على البلدان العربية، هذا الجيش الذي صور على أنه من أعتى الجيوش في العالم، انكسر وتهشم وتداعى أمام صمود أهل غزة، فكل حروبه منذ 2008م حتى الحرب الأخيرة، لم يستطع هذا الجيش بكل عتاده وتقنياته وآلته الحربية الضخمة ومساندة الولاياتالمتحدةالأمريكية له، أن يدخل غزة ويجبر أهلها على الاستسلام له، فلم ترفع له الراية البيضاء ولم تنحنِ له الجباه ولم يذل له الأشاوس، وإنما هو الذي فعل ذلك. لقد رأينا في درس غزة البطولي، الجيش الإسرائيلي يهرول ويجري ويفر هارباً.. رأيناه مطارداً خانعاً ذليلاً ورعديداً جباناً.. وتكبد خسارة في الأرواح تساوي أضعاف ما تكبده في كل حروب الكيان الصهيوني مع الدول العربية... مجموعات من الشباب الفلسطيني المجاهد في كتائب القسام وسرايا القدس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية تفوقوا على هذا الجيش المدجج، وهزموه شر هزيمة وهزموا في ميدان الحرب والميدان السياسي حكومة نتنياهو التي تحصد الخيبة وتلوك مرارة الفشل والانهزام والإخفاق في دخول غزة وتحطيم المقاومة الفلسطينية وتدمير الأنفاق ووقف إطلاق الصواريخ التي وصلت لأول مرة إلى المدن الإسرائيلية وكانت وجعاً وناراً وحريقاً في قلب إسرائيل. صورايخ المقاومة برقن وأرعدن ثم صعقن من صادفن.. في ملحمة بطولية أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، فهي وحدها محور ارتكاز الأمة وعمودها الفقري وبوصلتها ذات الاتجاه الصحيح. صورايخ المقاومة.. تصحح التاريخ في المنطقة وتضع الصراع في دائرته الحقيقية، فلا صلح ولا سلام مع العدو، وستكون الدماء التي أريقت وأرواح الشهداء التي صعدت إلى بارئها، شاهدة بأن الجهاد والمقاومة هي الوسيلة الوحيدة لإنهاء الظلم والقهر ونزع السرطان الصهيوني من التراب المبارك في فلسطين وإعادة مجرى التاريخ إلى مساره. فمن حق عزة أن تفتخر بشبابها ورجالها ونسائها ورجالها، فلا يهمها إن وصل وزراء الخارجية العرب عن طريق معبر رفح أم لم يصلوا.. فهؤلاء لن تنتظر منهم غزة خيراً ولن يراهم أحد.. فليس بعد الخذلان ذنب.. فليتفرجوا على جريمة صمتهم .. فالمأساة مأساة أنظمتهم الخائرة الخائبة.. فليكونوا هناك فغزة ستسطع أكثر بوجودهم فالحسن يظهر حسنه الضد!!