الزواج حرث النسل وسكن للنفس ومتاع للحياة وطمأنينة للقلب وإحصان للجوارح ونعمة وراحة بال. والزواج في الإسلام عقد لازم وميثاق غليظ وواجب اجتماعي ومودة ورحمة بين الرجل والمرأة يستكمل بها الإنسان نصف دينه حسب ما أقره ديننا الحنيف، والبحث لإيجاد الشريك المناسب مضنٍ جداً ويحتاج لتفكير وتحليل ودراسة والاستعجال في اختيار الزوج أو الزوجة يسبب كثيراً من المشاكل والخلافات التي تؤدي الى أبغض الحلال عند الله ناهيك عن الآثار النفسية السيئة التي تسبب فيها بعض الوقائع عند اكتشاف كثير من الحقائق المرة، وفى الظروف الحياتية الحالية يسعى الكثيرون لإتمام تلك الزيجات بأي شكل فقط يعتمدون على النظرة المادية والمكانة الاجتماعية غير ملتزمين بتحقيق ما جاء بالقرآن والسنة فى الاختيار والمعاشرة والحقوق، والقصة التي سأسرد وقائعها من الواقع لا من الخيال تترجم لنا كثيرا من معاني الابتعاد عما ذكرت. جاءتني مكالمة هاتفية أزعجتنى جدا من أحد معارفنا القدامى والساعة تقارب للعاشرة مساء وقد اجبرني رقم الاتصال الدولي للرد، حدثتني بانزعاج وخوف!! أنا محتاجة لحجز باية طريقة وتذكرة فى رحلة الفجر للسودان وبأي طيران واية قيمة!! قلت لها اهدئي لمنو؟ وحكت لى القصة، صحابتي «سين» زميلة دراسة لها لم يتعد عمرها الخمسة وعشرين عاما التقت به. رجل فوق الخمسين من العمر ذو مكان مرموق، عربات وعقارات وأصول وفوق ذلك يحسب على أنه زول دين ودولة او كما يدعى ويتظاهر، لمحها فى الدكان الملاصق لبيت خالها بام درمان وهى بلبس البيت العادية غير محتشمة وكانت تصطحب ابنة خالها لإحضار غرض سريع، نزل صاحبنا من سيارته الفارهة أمام نفس الدكان وتظاهر بانه يحتاج رصيد رغم انه يحمل خط رجال أعمال، تبسم لها بمكر وظل يلاحقها ويتمعن فى جمالها ومفاتناها وبساطتها، لاحظت له وخافت من نظراته وغادرت عائدة لدارها ولكنه لحق بها ودخل ذلك الشارع المظلم ورمى لها كرتا فيه كل تفاصيل الوصول إليه، ترددت فى أن تمد يدها لترفع الكرت وطلبت من الصغيرة أن تقوم بأخذ ما رماه وقد كان، لم تتصل به إلا اليوم التالى بعد كثير من التفكير والمشاورة فقد أقنعتها صديقة السوء في الجامعة أن تتصل به فكل المواصفات التى حكتها عنه كانت مغرية لصطياده، تكررت الاتصالات وكان اللقاء الاول والثانى وقبل ان يتم اللقاء الثالث أقنعها بفكرة الزواج، وحكى عن أم العيال وما يعانيه معها وتحدث حديث الخير والإيمان عن مشروعية التعدد وكلام الدين فى ذلك وعن أشياء كثيرة وبأسلوب يقنع إبليس، وبدأت الاتصالات والمشاورات والتأثيرات الأسرية واختلفت الآراء فى تلك الزيجة. فالبنية جميلة جمال الحور واسرتها بسيطة والعريس يكبرها بعشرين عاما لكنه مرطب وزول مسؤول ومحترم وتدخل احد اقربائها وطال المدح والثناء عليه فهم من طينة واحدة وتحدث عن شهامته«ورجولته» وعن امكانياته المادية والفكرية، وتم الزواج الأسطورى فى أشهر صالة بالعاصمة واتفقا على ان تكون الزوجة الثانية بعيدا عن الأولى وهيأ كل الأجواء لها بإمارة الشارقة، وجدت نفسها الاميرة المدللة ودخلت الى تلك الفيلا فى أرقى أحياء الإمارة، ظلت حبيسة جدران البيت واستغربت لعدم اصطحابه لها فى كثير من الطلعات بالذات التى يطول فيها غيابه لأيام بدعوى شغل طارئ ودواعى للمبيت بدبي أو أبو ظبي!! وتحملت سفره اكثر من مرة فى الشهر للسودان وكان يعود بلا أشواق او اشتياق، وجدت له العذر فلربما هموم العمل ومتاعب البزنس او الإرهاق هو سبب ذلك الفتور، ولكن الأيام كانت تخبئ لها واقعا لا يحتمل!! تجود عليها ذلك اليوم بفسحة وطلب منها ان تجهز نفسها لزيارة احد اصدقائه بذات الحي بالشارقة وأنه سيتركها مع زوجة صديقه الخميس والجمعة على ان يعود لها بالسبت، وفعلا أعدت لذلك كل مستلزمات المبيت وكانت سعيدة للتغير!! وأحضرها ودخل معها وغاب في ثوانٍ متعجلا بزعم لحاقه باجتماع هام، وأغلق هاتفه بعد ساعة من ذهابه واستخدم الرقم الآخر الذى لا تعرفه تعيسة الحظ!! أحست بصداع حاد ولفة رأس مماثل لما كان يحدث لها فى السودان وقد أحضرت معها بخرات من شيخ كارب باعتقاد جازم ان ذلك هو الشفاء الوحيد من العين التى أصابتها أيام النعيم والعرس الاسطورة، اتصلت عليه ليحضر لها ما نسيته بغرفتها ووجدت هاتفه لا زال مغلق، طلبت من ابن صديق زوجها ان يذهب معها لتناول البخرات وتعود فى دقائق وذهبا سويا وانتظرها خارج الدار وبدون تردد أدخلت المفتاح الذى معها فى الباب ودخلت بكل طمأنينة وكانت المفاجأة! زوجها وشريك حياتها فى سرير نومها وياللهول مفعول به وليس فاعلاً ومع رجل أجنبي الجنسية، وآخر ينتظر دوره خارج الغرفة، انهارت وخرجت مسرعة وعادت لزوجة صديق زوجها خائفة منهارة لا تستطيع ان تقول ما رأت، وقضت تلك الليلة فى عذاب وخرجت صباح اليوم التالي وصلت لصديقة دراستها وحكت لها ما قصصته عليكم، الأدهى والأمر انه ظل يهددها بالقتل إن نطقت بكلمة مما رأت، وتوعدها بانه سيقبض عليها فى كل مطارات الدولة ان حاولت العودة وفضح أمره بالسودان، لم تجن صغيرتي ذنباً غير انها كانت ضحية لأكذوبة وقصة تتكرر في واقعنا المعيش والمسكوت عنه كثير، اتقوا الله أيها الآباء وأولياء الأمور في اختيار العريس المناسب ذي الخصال الطيبة والسلوك القويم كم فتاة مثل «س» تعاني اكتشاف مآسى يقشعر لها البدن، ما ذنب تلك الصغيرة فى ما يعود عليها من ضرر نفسى، ماذا تقول لصديقاتها وقريباتها، وكم ثمن ما دفعته، إنها قصة واقعية تعيشها تلك الفتاة السودانية تصرخ في وادي الصمت وتقول بأعلى صوتها، لقد أنزلت حاجاتي بواد غير ذي زرع!