ظلت ظاهرة الاتجار بالبشر محور حديث الدول العربية والعالمية، لما سببته من مخاطر وكثير من الكوارث التي أدت إلى عدد كبير من الوفيات لمختلف الجنسيات التي كانت في طريقها إلى أوروبا، الامر الذي جعلهم يعتكفون خلال مؤتمر عالمي لوضع حلول جذرية للقضاء على الظاهرة، وذلك بالتزام حكومات الدول الأوروبية في تقديم الدعم الكامل لدول القرن الافريقي لاجتثاث الظاهرة. وفي بيان قدم في ختام أعمال مؤتمر الاتحاد الافريقي الوزاري لمكافحة الاتجار بالبشر وتهريبهم بدار الشرطة بالخرطوم، دعا وزراء أكثر من «15» بلداً من دول المصدر والعبور والمقصد للهجرة، الى جانب وفود رفيعة المستوى من الاتحاد الافريقي والامم المتحدة والشركاء، لانتهاج نهج تعاوني مشترك، من اجل التصدي لظاهرة الاتجار بالبشر وتهريبهم في منطقة القرن الافريقي. حيث عُقد مؤتمر الاتحاد الافريقي الاقليمي بالتعاون مع السودان والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة في الفترة من 13 16 أكتوبر 2014 بدار الشرطة بالخرطوم السودان، بشكل اساسي هدف المؤتمر لبحث آفاق التعاون بين دول الإقليم، فيما يتعلق بمعالجة قضايا وتحديات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين بين دول القرن الأفريقي، ومن ثم الخروج برؤية مشتركة لمعالجة القضية. بينما طالب نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبدالرحمن، برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد لتتمكن من محاربة الاتجار وفق امكانات تساعد على خلق بيئة عمل لمحاربة البطالة، للتصدي لظاهرة الاتجار وتهريب البشر التي اصبحت تعاني منها الدول في ثلاثة ابعاد دول «المصدر والمعبر والمقصد»، قاطعاً بالتزام السودان بالتعاون ودعم الجهود الجماعية لدول الاقليم والعالم في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر، وأكد بان السودان بات يعتبر أحد أكثر الدول الرائدة في الاقليم في مجال مكافحة الاتجار بالبشر والتهريب، نتيجة للخطوات الاستباقية التشريعية والاجرائية التي اتخذها من وقت مبكر الى جانب ما توافر له من خبرات طويلة ومتميزة في استضافة اعداد كبيرة من معسكرات اللاجئين والمهاجرين من دول الجوار منذ ثمانينات القرن المنصرم. وأشار حسبو للجهود الضخمة التي بذلتها حكومة السودان ولا تزال، لمجابهة التحديات المتنامية التي فرضتها تدفقات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتهريبهم، مؤكداً التزامها التام والكامل بحماية الانسان علي أراضيها من كل اشكال الاستغلال غير الانسانية، وأعرب عن استعداد السودان للتعاون على الصعيدين الاقليمي والدولي، مضيفاً بأن السودان يتطلع لمزيد من التعاون مع المجتمع الدولي، وأقر وزير الداخلية الفريق أول ركن عصمت عبدالرحمن بقصور في أجهزة الرصد ومتابعة اللاجئين بالبلاد، مشيراً الى تسرب «70%» من اللاجئين بالمعسكرات الى المدن، ومن خلاله يتم التهريب بواسطة شبكات اجرامية منظمة لافتاً الى ان البلاد تحتاج لدعم ومعينات جوية وبحرية لملاحقة المهربين والمتورطين في جريمة الاتجار بالبشر،. وشدد على سعي حكومته لضبط المعسكرات وتنظيم عملية الدخول والخروج وتوفير معينات للاجئين بالمعسكرات. وأكد عصمت في ختام جلسات المؤتمر الإقليمي للاتجار وتهريب البشر بمنطقة القرن الأفريقي أمس، صعوبة التحكم في الحدود الواسعة للسودان مع دول الجوار، منوهاً إلى اتفاقيات وقعتها بلاده لتشكيل قوات حدودية مشتركة مع دولتي إريتريا وإثيوبيا. موضحاً أن القوات المشتركة السودانية الليبية حققت نجاحات كبيرة وعملت على تخفيف تهريب البشر عبر الصحراء الليبية. ولفت إلى أن مخرجات مؤتمر الخرطوم سيكون لها أثر كبير في مكافحة الاتجار وتهريب البشر بمنطقة القرن الأفريقي. وقال عصمت إن المؤتمر خرج بمرجعيات واستراتيجيات وخطط عمل، وإن إعلان الخرطوم الصادر عنه سيكون له تأثير كبير في محاربة الظاهرة. من جهته ارجع نائب وزير الخارجية الايطالي ورئيس الاتحاد الاوروبي لابو بيستلي انتشار الظاهرة الى انخفاض التنمية وعدم وجود فرض عمل مشدد ضرورة ان تكون الهجرات شرعية وذات فائدة للدولة، وقال ان العائد المادي للهجرة سنوياً يتراوح بين «120 400» مليار دولار واضاف لابد من ايجاد حلول لتنمية الشعوب، معلناً استعداد حكومته لوضع تحديات لحل التعقيدات التي تفاقم المشكلة. وفي ذات السياق اكد نائب وزير العدل النرويجي هيناشو غوباي، دعم وشراكة حكومته لمحاربة الظاهرة ووضع دراسات عميقة لحل المشكلة واسباب الهجرات اضافة الى العمل على تحسين هجرة العمالة والهجرة الشرعية، وتطوير الاطار القانوني ومحاربة العصابات التي تستغل الشباب والنساء والاطفال وحماية حقوقهم وفق الاتفاقيات الدولية للدول الافريقية، فيما قال مدير دائرة الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الافريقي ألوالي مايغان أمام المؤتمر، إن الاتحاد الافريقي وبمساعدة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) والمنظمة الدولية للهجرة (IOM) قد استطاع ان يعزز آليات الحوار والتنسيق الاقليمي في ادارة الهجرة، وأن يدعم الدول الاعضاء في تعزيز قدراتها واستجابتها في التعامل مع الجريمة المنظمة العابرة للحدود، لا سيما الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين وحماية الضحايا بشكل عام وطالبي اللجوء داخل نطاق القرن الافريقي. و القى مايغان الضوء على الظروف المأساوية لضحايا الاتجار الذين أُجبروا على الفرار من الاضطهاد والنزاعات، واضطروا للمشي مسافات طويلة في الصحراء دون معينات حياتية، ما تسبب في كثير من الاحيان في الموت، هذا الى جانب تعرضهم لانتهاكات في حقوقهم الاساسية بما في ذلك الابتزاز والتهديدات وتجارة الاعضاء. من جانبها أعربت المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين اآن إكونتير نائبة مدير المفوضية لمكتب افريقيا، عن تقديرها لاعلان الخرطوم الذي تمت مناقشته في المؤتمر حيث رأت بأنه يقترب من المشكلة اقتراب علاجي، وأن الاعلان يعترف بتأثير الاتجار بالبشر على اللاجئين وطالبي اللجوء الذين يعتبرون الأكثر ضعفاً في العالم، وأكدت أن نتائج هذا المؤتمر تمهد الطريق للخطوات المقبلة الهامة التي يجب اتخاذها من اجل تعزيز التعاون الاقليمي. وقد شهد المؤتمر حوارات مكثفة بين الوزراء حول قضايا الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين في منطقة القرن الافريقي، حيث تمت مناقشة تقارير اجتماعات الخبراء التي جرت خلال الايام الماضية والمتعلقة بمبادرة الاتحاد الافريقي تحت اسم إعلان الخرطوم والذي يمثل خارطة طريق واستراتيجية دولية للتصدي للاتجار بالبشر، حيث تبين المبادرة التزامات الدول التي تقع في نطاق الظاهرة وكل الدول المتأثرة في التصدي للاتجار بالبشر وتهريبهم، بين دول الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي، وفي ختام المؤتمر أجاز الاجتماع الوزاري إعلان الخرطوم كوثيقة شراكة استراتيجية بين دول القرن الافريقي، والاتحاد الاوروبي، والمفوضية السامية للاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، والشركاء، كما تمت اجازة الشروط المرجعية لمبادرة الاتحاد الافريقي حول استراتيجية مكافحة الاتجار بالبشر في القرن الافريقي.