يبدو أن إعلام الهلال لا يستفيد من التجارب والدروس حتى لا تتكرر الأخطاء التي تقود للنتائج غير الايجابية للفريق كما حدث في مباراة المريخ الأخيرة في نهائي الكأس والتي تتحمل بعض الأقلام الهلالية مسؤولية خسارتها بثلاثية بسبب حملات الإشادة والتطبيل المبالغ فيها بمستويات اللاعبين وقدراتهم على الحاق هزيمة كبرى بالمريخ بأية مجموعة ودون مقاومة تذكر، ليدخل الأزرق المباراة وهو في قمة الثقة والاطمئنان لاكتساح المريخ بعدد كبير من الأهداف بعد أن سيطر الفريق على مجريات الشوط الأول الذي تقدم فيه برأسية بكري الرائعة ليضيع الشغيل ونزار وكاريكا عدة فرص مضمونة بعد أن تأكد لهم بما لا يدع مجالاً للشك أن الفوز على المريخ أصبح في حكم المضمون ولا يحتاج لأي جهد أو قتال على الكرة يستهلك الطاقة ويعرض النجوم لمخاطر الإ صابة. وفي ظل هذا الغرور الذي يعتبر مقبرة المواهب انتفض المريخ بعد ضربة الجزاء التي أضاعها سيسيه ولعب بقوة ورجولة وإصرار لانتزاع الفوز الذي ضاع من الهلال بسبب الاستهتار والاستهزاء بالخصم الذي صوره الشاعر بقوله: ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسد هصور والمؤسف أن بعض الأقلام الهلالية لم تتعظ من تجربة التطبيل التي أدت لهزيمة الفريق، بل عادت للسير في طريق حملات الإشادة باللاعبين بتأكيدها على قدرة الهلال على الفوز ببطولة الممتاز بكل سهولة ليرد الصاع صاعين للمريخ في مباراة الخميس التي ستكون مهرجاناً للصفقة والرقيص ومأتماً في ديار المريخ الذي ليس له اية فرصة للمحافظة على البطولة التي فاز بها في الموسم الماضي، وهو إصرار على عدم التراجع عن الخط الإعلامي الذي حول تقدم الهلال في الشوط الأول إلى خسارة أحزنت الملايين من جماهير الهلال وجعلتها تنام مكتئبة ومكسورة الخاطر!! وإذا كانت الثقة المفرطة التي ملأت بها بعض الأقلام الهلالية نفوس اللاعبين وتسببت في الهزيمة المرة، فإن فوز الهلال على المريخ واستعادته للممتاز لا بد أن يمر عبر استراتيجية إعلامية مختلفة يؤكد فيها اعلام الهلال للاعبين أن الكرة تعطي من يعطيها بجد واخلاص، وان النصر دائماً حليف من يبذل ويعرق ويجتهد لإعلاء شأن فريقه وإسعاد جماهيره، وان الخسارة التي مني بها الفريق امام المريخ لم تكن لفوارق فنية وبدنية، بل كانت نتاجاً طبيعياً لروح الاستهتار والتراخي التي سادت اللاعبين بعد الهدف الأول، كما لا بد للاعبين ان يعرفوا ان الفوز على المريخ لن يكون سهلاً وميسوراً لأنه نادٍ كبير وعريق وصاحب تاريخ مشهود وشعبية كبيرة ويضم مجموعة متميزة من اللاعبين في كل الخطوط في مقدمتها جمال سالم الحارس العملاق الذي يعتبر نصف قوة الفريق بمرونته ويقظته وتوقيته الدقيق في الانطلاق لامساك الكرات أو الخروج لالتقاط العكسيات، ولذلك يحتاج الوصول لشباكه للتهديف القوي والمركز من كل الزوايا والأبعاد، ولصانع ألعاب يخلق الفرص بتمريراته الذكية داخل المنطقة التي تتيح للمهاجم فرصة التهديف من أماكن يصعب على الحارس جمال الإمساك بها أو إبعادها. خلاصة القول أنه لا بد من تغيير أسلوب «النفخ» الاعلامي الذي أثبت فشله الذريع، واستبداله باستنفار اللاعبين للقتال بقوة ورجولة في معركة الخميس، وحثهم على العطاء المستجيش ضراوة ومصادمةً لرد الاعتبار واسعاد الأنصار، لأن الكرة لا تعطي الا من يبذل ويعرق ويجتهد وليس من يأتي مزهواً بقدراته ومهاراته فيفاجأ بمقاومة شرسة تطيح بآماله وتجرعه مرارة هزيمة كان يحسبها أبعد من الثريا فاذا هي اقرب من حبل الوريد. فلا وألف لا لحملات الإشادة التي أفقدت الهلال بطولة كأس السودان، ونعم لإعلام موضوعي متوازن يطالب اللاعبين باحترام الخصم والقتال طوال زمن المباراة لانتزاع الفوز بالجماعية والسيطرة الميدانية والهجوم الضاغط وعدم اضاعة الفرص بالهدوء والتركيز ولعب الكرة في المكان المناسب بالمرمى. رحل سيف الحصاحيصا ودرعها مزمل يعقوب فجع الوسط الرياضي بكل ألوان طيفه برحيل أحد رموز الصحافة الرياضية وعناوينها المضيئة المغفور له بإذن الله مزمل يعقوب ابن الحصاحيصا الوفي الذي عمل في تغطية النشاط الرياضي بالحصاحيصا لما يقارب النصف قرن من الزمان تولى فيه مهمة الدفاع عن أندية واتحادات الحصاحيصا وود مدني والجزيرة بالحقائق والمنطق والموضوعية، وكان بحق سيف الحصاحيصا ودرعها التي نذر حياته من أجلها، وظل يؤدي دوره نحوها قبل لحظات من دخوله المستشفى ورحيله الذي أحزن مئات الآلاف من جماهير الرياضة التي شق عليها نعيه، فبكته بالدمع الهتون وأقبلت على بعضها معزية في فقدان واحد من أعظم الصحافيين في تاريخ الحصاحيصا والجزيرة والوطن. ألا رحم الله مزمل يعقوب رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً، وألهم آله وذويه وأصدقاءه الصبر والسلوان وحسن العزاء.