حسب التصريحات التي أدلى بها البروفيسور الأمين دفع الله القيادي بالمؤتمر الوطني وأعقبه أيضاً رئيس البرلمان دكتور الفاتح عز الدين، أن هنالك اتجاهاً لتعديل دستور العام 2005م تحديداً مادة «انتخاب ولاة الولايات» للعودة الى النظام السابق، اي ان يأتي الوالي «بالتعيين» المباشر من الرئيس وينصرف بالإقالة المباشرة من المركز. هذا التعديل تسبب في مفتتح الألفية الثانية في الإطاحة بالترابي من رئاسة البرلمان، الترابي خاض معركة شرسة لإدخال تعديلات على دستور 1998 أبرزها مطالبته بانتخاب الولاة، حيث أكد دستور 2005 الانتقالي حتمية انتخاب ولاة الولايات انتخاباً مباشراً من مواطني الولاية ،وفقاً لحديث والي جنوب دارفور الاسبق د. عبد الحميد موسى كاشا للصحيفة بان الدستور الانتقالي لسنة 2005م فصله الرابع الذى عنى بنظام الحكم اللامركزي، مشيراً الى ان المادة «24» بها اربع مستويات للحكم كمستوى يمارس سلطته على مستوى الولايات فى كل انحاء السودان، الفصل الثاني عشر خصص للولايات عن كيفية انشاء اجهزتها التنفيذية والتشريعية والقضائية نص فيه بان يرأسه وال ينتخبه مواطنو الولاية وفقاً لنصوص الدستور والاجراءات التى تقررها المفوضية القومية للانتخابات . انتخاب الولاة العام 2010م واشار كاشا تأسيساً لما سبق ذكره جرت انتخابات 2010م ولاول مرة فى السودان انتخابات عامة للولاة شارك فيها المواطنون كل فى ولايته، موضحاً وهو جهد يحمد للقائمين على امره وصورة حقيقية لمشاركة المواطنين فى الحكم وايضاً انفاذ للفيدرالية السياسية، على ضوء ذلك كانت الحصيلة ولاة منتخبون ترأس كل جهازه التنفيذي مكوناً مجلس وزراء حكومته الولائية. انتخابات 2015م قال كاشا الان بعد انقضاء اجل ولاية الولاة المنتخبون، تجري الاستعدادات لانتخابات عامة فى ابريل 2015م حيث نجد حراكاً سياسياً كثيفاً لاختيار المرشحين المؤهلين لذلك، بيد ان المتمعن والمراقب الى ماهية هذا الحراك يتبين له جلياً ان هناك تحولاً ما قد حدث فى طبيعته ومنطلقه مقارنة مع سابقه فى 2010م، حيث ظهرت بصورة جلية ملامح التأثير والبعد القبلي فى تبني المرشحين خاصة الولايات التي تتجذر فيها المفاهيم القبلية، وتتعدد وتتباين فيها المجموعات السكانية من حيث تكويناتها القبلية «دارفور وكردفان» على سبيل المثال. البُعد القبلي تنامي ظاهرة الاختيار المؤسس على البعد القبلي رغم صغر دائرته، امر له تأثيره السالب فى مرحلة الترشيح الاولي، مضيفاً أن له اثار اكثر سلبية فى المرحلة الثانية الانتخابات ولها ما بعدها المتمثلة فى تعميق النظرة القبلية الضيقة، اضافة الى وضع الانتماء القبلي فى مرتبة اعلى من من مرتبة الانتماء السياسي اوالحزبي كما ان السير فى اتجاهها قد يضعف الاحساس بالانتماء للوطن، مبيناً بان مشاركة المواطنين فى العملية الانتخابية هو هدف سامي يعمل على تفعيل مبدأ الشورى وتحقيق الديمقراطية واعمال اللامركزية الرامية الى حكم الناس بانفسهم، وقد نجد البعد القبلي فى الترشيح لمنصب الوالي الذى بدأت تظهر بعض ملامحه فى مرحلة الترشيحات فى تقديري مؤشر غير ايجابي وتحول خطير لدور القبلية من الاهلي للمجتمعي الى الحلبة السياسية و ايضا اذكاء لروح القبلية، وهي حتماً ظاهرة تحمل فى طياتها الكثير مستقبلاً سيما فى مرحلة الانتخابات، تجدر بالاشارة فى ظل الوضع الذى بدت تسود فيه النزعة القبلية الضيقة، فان اتباع نمط اواعمال انتخابات مباشرة يشارك فيه المواطنون بالتصويت المباشر والفصل فيها لصناديق الاقتراع هذه العملية قد تفضي الى عواقب قد لا يحمد عقباها، منها يكون الولاء القبلي اكثر جاذبية من الولاء او الانتماء السياسي، وعليه يكون الاختيار والتفاضل بين المرشحين لا يتأسس على الكفاءة يقود الى انقسام حاد بين المجموعات بين مؤيد ومعارض، ما يؤدي الى السعي لتصفية الحسابات. قلق وحمى وأعرب د. كاشا عن قلقه من ما يجري الان من صراع محموم فى الساحة السياسية لاختيار الولاة، بالرغم من الاراء المتباينة عن درجة القبول للولاة فى الولايات الا ان معظم الولاة يتصدرون قوائم الاختيار وبنسبة كبيرة و هذا يضع علامة استفهام تثير الكثير من الشكوك والظنون عن صدق وشفافية وديمقراطية الممارسة، لذلك يجب على القائمين على الامر اخذ الحقائق بعين الاعتبار على ان تقديم الكفاءة عن البعد القبلي بالاضافة الى المعايير الدقيقة والموضوعية المؤهلة للترشيح، و على ان يعمل الوالي القائم ما امكن على تقليل حدة الصراع والحيادية. وبذات القلق اشار كاشا يتبادر إلى الذهن سؤالان، هل يمكن اعادة النظر ولو لحين فى اختيار الولاة الذى مؤداه يرأس الجهاز التنفيذى للولاية وال ينتخبه مواطنو الولاية انتخاباً مباشراً الى نمط اخر غير مباشر، ثانيا لا يتولى الوالي سدة الحكم فى الولاية التى ينحدر منها وينطبق ذات الشيء على الوزراء الولائيين؟. ويخلو منصب الوالي فى الحالات الاتية : انتهاء اجل ولايته و حالة الوفاة والعلة العقلية اوالبدنية المقعدة بقرار من مجلس الولاية التشريعي، اضافة الى حجب الثقة عنه بواسطة المجلس التشريعي بموجب ثلاثة ارباع جميع اصوات الاعضاء و لا يشترط فى ذلك مضي اى وقت من الزمن كما هو الحال فى المادة «179» من الدستور الحالي رِدّة أم تصويب اذاً لو تأكد بالفعل تعديل الدستور واخراج الولاة من الانتخابات القادمة في أبريل 2015م، يتأكد جلياً اهدار المؤتمر الوطني لوقته وماله في انتخابات التصعيد طيلة الفترة الماضية، وتعديل انتخاب الولاة جر في أذياله استعار النزوات القبلية لأن مكونات معظم الولايات تستند إلى قبليات معززة بالمساندة الشعبية، لكن تبرير البروف يبدو انه فى غاية التعقيد فالواقع أن القبلية معززة في تشكيل الحكومة المركزية. اشارة الى ما سبق، إذا أقدم المؤتمر الوطني على هذه الخطوة وقرر تعديل الدستور لتعيين الولاة بدلاً عن انتخابهم فسيثبت للجميع غياب النظرة الإستراتيجية الحصيفة، والدستور هو وثيقة يفترض فيها الثبات النسبي وليس اثبات تجارب للحزب الحاكم او ربما قد يكون ردة وتصويب لأخطاء سابقة.