شرعت في الحلقة الثانية في ذكر الإجراءات والسياسات التي اتبعتها الرأسمالية لإيقاف التدفق البشري وذكرت الإجراء الأول وهو تحريم الزواج المبكر منعاً من التكوين المبكر للأسرة الطبيعية والشرعية والتي «تنتج» بحسب المصطلح الرأسمالي بشرًا فالأسرة مثها مثل أي مصنع يديره رجل أعمال يمكن التحكم في طاقته الإنتاجية كما يمكن تحديد وقت افتتاحه ويمكن اتباع السياسات والإجراءات التي تعمل على تجويد العينات المنتجة او تدميرها وهي بطن أمها جرياً على مبدأ «تشييء الإنسان» فالإنسان الذي هو خليفة الله في الأرض في المصطلح الإسلامي هو لا يعدو أن يكون شيئاً من الأشياء بحسب المنظومة المعرفية الرأسمالية ومتابعة لذكر تلك السياسات القاضية بإيقاف التدفق البشري لمواجهة ما أسموه بالانفجار السكاني ومن تلك السياسات: 2/ إباحة العلاقات الجنسية في غير إطار الزوجية: لما حرمت الرأسمالية الزواج المبكر تعاملت مع غريزة الإنسان معاملة غير راشدة أنتجت ظواهر موغلة في الانحراف وتسببت في أمراض مهلكة وتم التعامل مع تلك الأمراض كذلك تعاملاً غير راشد يكشف عن السذاجة والسطحية!! وهكذا من عقوبة الضلال أن يعقبه ضلال ومن عقوبة المعصية أن تعقبها معصية بعدها والإسلام هذا الدين الواقعي الذي ينطلق من بشرية الإنسان ليرقى بها لا ليتذرع بها في إباحة الحياة البهيمية بدعوى أن الإنسان بشر فإن الضعف البشري الذي انطلق الإسلام في تفهم الإنسان على أسسه عملت تشريعاته على تهذيب تلك الغرائز ومعالجة تشوهاتها وإيجاد المنافذ الشرعية لها وليس كبتها على نحو ما فعلت النصرانية في رهبانية ابتدعتها وعندما عارضت الفطرة الإنسانية وعملت على تدمير الغرائز لا تهذيبها كشفت عن حالات اغتصاب يقوم بها الرهبان والقساوسة بحق رواد الكنيسة من القُصّر.. إن إباحة الإسلام للزواج المبكر بل ودعوته لتعدد الزوجات وسنه للسبي في الجهاد في سبيل الله في كل ذلك تهذيب عظيم لغريزة الإنسان وترقية للسلوك الإنساني لم يكن المشرع يخشى وهو يدعو للتعدد انفجارًا سكانياً بل كان الرسول عليه الصلاة والسلام يوصي بالزواج من الولود أي التي تكثر الذرية «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» إنها فلسفة تختلف اختلافاً جذرياً عن الفلسفة الرأسمالية التي تنطلق من نظرية الندرة النسبية. إن ما أريد قوله هنا إن إباحة العلاقات الجنسية غير المنتجة للبشر وغير المكونة لأسرة لم تكن مسلكاً شهوانياً فحسب ولم ينطلق الغرب فيها من منطلق الغريزة والشهوة فحسب كما يتم تصويره بل هو ينطلق من ذلك من فكرة رأسمالية ومبدأ أيدلوجي وعقيدة وتصور عن الكون والإنسان والحياة فبحسب الرأسمالية المتوحشة لمعالجة ظاهرة الانفجار السكاني لم يكتف الغرب بتحريم الزواج المبكر بل أتاح للمراهقين والبالغين ممارسة الجنس من غير حاجة لعقد زواج والذي يعني أبناءً وأطفالاً وأسراً فأراد فلاسفة الغرب التعامل مع الغريزة الجنسية في الإنسان بفتح الباب لها على مصراعيه في غير إطار الزوجية فقط بشرط ألا تكون اغتصاباً، ومضى الغرب في ممارسة غيِّه هذا حتى أصبح الأمر عنده مألوفاً وعادياً فلم يهفُ له هذا الجنس المتاح لأن الممنوع مرغوب فتحول من الزنا المتاح في الشريعة الرأسمالية إلى الاغتصاب الممتنع فكثرت في الغرب حالات الاغتصاب مع إتاحة الزنا وإباحته!! إن الفهم الصحيح لهذا التشوه السلوكي هو قراءته في ظل التشوه الفكري والأيدلوجي الذي تنطلق منه الرأسمالية في التعامل مع الغريزة الجنسية كخطر إقتصادي ومفاهيمي إذا تمت مممارستها في السياق الشرعي والأسرة الطبيعية وإليك القارئ الكريم كيف أن أمريكا سيدة الرأسمالية التي تبيح الزنا كيف تئن مؤسساتها الاجتماعية ومراكز أبحاثها الأمنية والقانونية من انتشار ظاهرة الاغتصاب فهذه بعض تقارير استعرضتها لجنة المجتمع بالكونغرس الأمريكي «في عام 2009 قدر عدد حالات الاغتصاب القسري ب 88097 وعلى سبيل المقارنة قدر عدد حالات الاغتصاب عام 1967 ب 3095700 لاحظ الازدياد الهائل وإليك هذه الاحصائيات المذهلة: تشير الإحصاءات أن واحدة من كل ثلاث فتيات في سن 14 سنة معرضة للاغتصاب، ويوجد بأمريكا نصف مليون عملية اغتصاب سنويا، وأن 61% من البنات الأمريكيات فقدن بكارتهن قبل سن 12 سنة. وفي إحصائية أخرى أنه في أمريكا نسبة إمكان اغتصاب المرأة ما بين واحدة إلى خمس والتقديرات المحافظة، واحدة إلى سبع، أي أنه من بين كل «خمس نساء» إلى «سبع نساء» تكون إحداهن تعرضت للاغتصاب، أو ستتعرض له في حياتها. وقد بلغت جرائم الاغتصاب عام 1995م أكثر من 97 ألف جريمة وفي استطلاع آخر يظهر فيه أن 1 من كل 7 أمريكان «أي 39.4 مليون شخص» تعرض لهجوم مباشر أو سوء معاملة لأغراض جنسية. كتاب الإحصاء الوطني الصادر 1997 عن إدارة الاقتصاد والإحصاء في مصلحة التجارة الأمريكي،، 78 حالة اغتصاب كل ساعة في أمريكا في كل دقيقة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، هناك 1.3 حالة اغتصاب لنساء بالغات، وتغتصب 78 امرأة في كل ساعة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وهكذا في كل يوم هناك 1871 امرأة بالغة تغتصب في أمريكا أي ما يعادل 56916 امرأة شهرياً. وقد أثبتت الدراسات أن 90% من كل حالات الاغتصاب يخطط لها سابقاً؛ ففي 87% من حالات الاغتصاب إما أن يحمل المعتدي سلاحاً أو يهدد الضحية بالموت إذا قاومته، ونتج عن الدراسة التي أجريت في إحدى الجامعات الأمريكية سنة 1998م أن 25% من الإناث اللاتي أجريت عليهن الدراسة إما أنهن تعرضن للاغتصاب أو أنهن تعرضن إلى محاولة اغتصاب. ومن ناحية أخرى تبين أن 50% من رجال الجامعة اعترفوا بأنهم قد قاموا بإجبار النساء على ممارسة الجنس. وقد تبين أن نسبة التحرش الجنسي في الولاياتالمتحدةالأمريكية هي العليا بين الأمم المتقدمة صناعياً في العالم وفي عام 1990م، تعدى عدد حالات الاغتصاب في الولاياتالمتحدةالأمريكية 100000 حالة اغتصاب ولأول مرة في تاريخ أمريكا، وارتفعت نسبة الاغتصاب أربع مرات بالمقارنة مع نسبة الجرائم الأخرى في السنوات العشر الأخيرة، وأخيراً توصلت بعض الدراسات التي أجريت في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى أن عدد النساء اللواتي تبلغ أعمارهن ما بين 16 24 عاماً هن أكثر عرضة للاغتصاب بثلاث مرات من النساء الأخريات. وفي إحصائية أخرى 18% «17.7 مليون» من نساء أمريكا تعرضن للاغتصاب أو لمحاولة الاغتصاب، أكثر من النصف تحت سن 17 سنة لأول مرة. وتقدر «جمعية مناهضة اغتصاب النساء» أن 35 حالة تلتزم الصمت مقابل حالة واحدة يبلغ عنها. المرأة في أمريكا: وفي عام 1997م: بحسب قول جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة اغتصبت امرأة في كل 3 ثوان، بينما ردت الجهات الرسمية بأن هذا الرقم مبالغ فيه في حين أن الرقم الحقيقي هو حالة اغتصاب كل 6 ثوان! ( فهذه هي أمريكا وهذه هي الرأسمالية المتوحشة تحمل بذور فنائها وترقبوا انفجارات الربيع الأمريكي عندما نستعرض ما أدت إليه هذه السياسات من حمل السلاح وإقامة المنظمات المسلحة لمواجهة السياسات الراسمالية.