يبدو أن قصص خالد سعيد شهيد التعذيب فى الاسكندرية ومحمد بوعزيزى فى سيدى بوزيد بتونس، قد تتكرر فى بريطانيا، حيث أصبحت التجاوزات الأمنية هي القاسم المشترك بين الأحداث التي تشهدها مناطق عديدة في العالم، وربما يكون لها النصيب الأكبر من أسباب التغيير الذي سيشكل من جديد الخريطة السياسية في تلك البلاد، وفقا لمعطيات فرضتها إرادة الدول سواء كانت شرقية أم غربية. الأحداث العنيفة دعت رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى قطع إجازته السنوية في إيطاليا ليترأس اجتماعا للجنة الطوارئ الحكومية كوبرا، من اجل احتواء الموقف والوصول الى صيغة تفاهمية يمكن من خلالها ارضاء الغاضبين وتهدئة الأوضاع. وقد أعلن نائب عمدة لندن اعتقال 525 شخصا على الأقل على خلفية أعمال العنف. وأكد إصابة نحو 44 من رجال الشرطة في المواجهات. وقامت السلطات بنشر 1700 شرطي إضافي لمواجهة أعمال الشغب ومحاولة وقف عمليات النهب بينما استمرت حملات الاعتقال. في تطور يعكس خطورة الأوضاع الأمنية، قررت الشرطة البريطانية استدعاء 16 ألف شرطي للانتشار في شوارع لندن خلال الأربع والعشرين ساعة المقبلة، وأعلنت الشرطة إلغاء الإجازات واستدعاء أفرادها من إجازاتهم. اعتبرت الحكومة البريطانية التي دعيت إلى اجتماع استثنائي لغرفة الطوارئ لبحث الأزمة، أن كل الخيارات مطروحة بما فيها استدعاء الجيش البريطاني للمساعدة في ضبط الإنفلات الأمني الذي أدى إلى إغلاق كل محطات مترو الأنفاق لمواجهة الأحداث التي حولت شوارع لندن إلى ساحة للحرب بين الشرطة والمحتجين. وقالت صحيفة «إيه. بي. سي» الأسبانية إن جهاز البيلاك بيرى هو أول سلاح تسبب فى المظاهرات البريطانية، حيث إن الشباب نسقوا تلك المظاهرات من خلال رسائل مشفرة على الماسينجر فى بلاك بيرى، حيث أبلغت الشركات المصنعة لهذه الأجهزة للتعاون مع السلطات بهذا الشأن. وكانت الشرطة البريطانية اتهمت الموقع الاجتماعى تويتر بتسهيل العنف فى لندن خلال 140 شخصاً بدأوا بالاتحاد لتنظيم تلك المظاهرات، وكان ذلك من خلال أول سلاح فى المظاهرات البريطانية البلاك بيرى. وأعلنت الشرطة البريطانية، أن السجون التابعة لها كافة، امتلأت عن آخرها بالمعتقلين في أعمال الشغب التي حولت شوارع لندن وعدداً من مدن البلاد الأخرى إلى ساحات حرب وعنف بين قوات الشرطة ومثيري الشغب. وقالت الشرطة منذ قليل إن الأحداث الأخيرة قلبت حياة الناس رأسا على عقب، وفي مؤتمر صحفي، قال مساعد نائب الشرطة، إن كل الخيارات مطروحة بما في ذلك استدعاء الجيش للمساعدة في حفظ الأمن. وامتدت أعمال العنف والشغب والسلب والنهب، لتشمل عددًا كبيرًا من مناطق لندن ومدن ليفربول ونونتجهام وبريستول وبرمنغهام، وكانت أعمال العنف قد تفجرت يوم السبت الماضي بعد مقتل شاب برصاص ضابط شرطة يوم الخميس الماضي في حي توتنهام شمال العاصمة البريطانية. وقررت الحكومة البريطانية استدعاء مجلس العموم البريطاني «البرلمان» من إجازته الصيفية السنوية لبحث تطورات الأزمة الأمنية الحالية. ومن المقرر أن يجتمع البرلمان اليوم «الاربعاء». وصرح حسين إبراهيمي، نائب رئيس البرلمان الإيراني أمس، أن بلاده على استعداد لإرسال لجنة حقوق إنسان لبريطانيا للتحقيق في انتهاكات الشرطة البريطانية ضد المتظاهرين. ونقلت شبكة برس تي في الإخبارية الإيرانية عن إبراهيمي قوله إن الشرطة البريطانية اعتقلت العديد من المتظاهرين الغاضبين تجاه مقتل شاب على أيدي الشرطة. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي» امس، إن شابًا عمره 26 عامًا توفي بعدما أصيب بالرصاص وهو داخل سيارة في منطقة كرويدون إلى الجنوب من لندن خلال الاضطرابات التي وقعت هذا الأسبوع، ليصبح أول قتيل يسقط في أحداث الشغب. وأكد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أن حكومته ستتعامل بحزم مع أحداث العنف التي تشهدها العاصمة بريطانية، لليوم الرابع على التوالي، وتوسعت لتشمل عدداً من المدن البريطانية. وأشار كاميرون، في كلمة ألقاها بعد اجتماع طارئ لحكومته لمناقشة الأزمة، محذرا المشاركين في أعمال الفوضى قائلاً: «إذا كنت راشداً بما يكفي لارتكاب مثل هذه الجرائم، فأنت بالغ بما يكفي لمواجهة العقوبات».