المسافة الزمنية بين الثاني من سبتمبر الماضي وحتى اليوم لم تجد تفسيرات واضحة المعالم لتعزيز محاولات تصعيد القضية التي ظلت رحاها تدور لفترة تجاوزت الثلاثة أشهر، رغم تدخل الحكومة المركزية لاحتواء الموقف. وبحسب النبرة التي ظلت تعلو فوق سقف المطالب الأربعة التي دفعت بها اللجنة العليا لحل قضايا حلفاالجديدة مساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع الذي وعد خيراً، فإن الأمر قد تخطى حواجز الوزير الذي أشعل الثورة ضد حكومته بعد مطالبة أهاليه بعزله في اليوم الذي سبق تفاقم الأوضاع، ليصل الأمر إلى استدعاء والي كسلا من قبل الحكومة المركزية لمعرفة تفاصيل الأمر على ما يبدو، وأشارت اللجنة التي تضم أطيافاً من المجتمع المدني بالمنطقة من بينهم قيادات حزبية بارزة «مؤتمر وطني» ومعارضون، خلال مؤتمرها الصحفي الأخير للتنوير بحيثيات القضية، أشارت إلى عدم درايتها الكافية بالإجراءات التي ستتخذها الحكومة للتعامل مع القضية، ونفت علمها بما دار من حديث بين الوالي والمركز، فالمطالبة بالتحقيق مع مدير شرطة محلية حلفا وتكوين لجان للتحقيق في الأحداث برمتها، كانت من بين المطالب الأربعة التي دفعت بها اللجنة لمساعد الرئيس، لظنهم أن المدير هو من أطلق يد قواته لترويع المواطنين تحت أصوات الأعيرة النارية بعد إصابة أربعة أشخاص، بينما تم احتجاز أحد المصابين داخل الحراسة، على حد قول المذكرة التي حصلت «الإنتباهة» على نسخة منها، ولم تبد المطالبة الثانية المتعلقة بإعفاء وزير التخطيط العمراني بالولاية عبد المعز حسن هماً يؤرق اللجنة التي ضمت خلال لقائها بالصحافيين قيادات سياسية من أبناء المنطقة من بينهم القيادي بالمؤتمر الوطني حسين عويس، المحامي المعروف والقيادي بالبعث العربي وجدي صالح، جعفر محمود من الحزب الشيوعي وغيرهم من منتسبي الخدمة المدنية، لجهة أن الأمر أصبح مفرغاً منه، بحسب أحد أعضاء اللجنة الذي أشار إلى أن الوزير المعني هو الوحيد الذي يمثل ابناء المنطقة في حكومة الولاية، وتشير المذكرة إلى المطالبة بالتحقيق مع الوالي حول الأسباب التي منعته من التحقيق في الأحداث والقيام بدوره باعتباره ولي الأمر وقائد المسيرة، إلى جانب الكشف عن الجهة التي أصدرت الأوامر بإطلاق النار، ومحاسبة المتورطين في الأحداث وتقديمهم للمحاكمة. وتمنت المذكرة في خاتمتها الاستجابة لهذه المطالب خلال عشرة أيام من تاريخها الموافق الخامس والعشرين من سبتمبر الماضي، الأمر الذي دفع كلاً من قيادات المؤتمر الوطني «حسين عويس، معتمد حلفا السابق طارق توفيق، عضو المجلس الوطني سيد محجوب، متوكل حسن عبد الصادق» للدخول في أتون القضية، بحسب إفادات وجدي صالح الذي ترأس المؤتمر الصحفي والذي رفض في ذات الوقت توصيف الأمر خارج حدود المصلحة العامة، بدايةً من تكوين اللجنة التي تضم كل عناصر المجتمع المدني بالمنطقة دون تجاوز، موضحاً أن الكرة حتى هذه اللحظة في ملعب الحكومة لتفعيل تلك المطالب المحدودة، متهماً جهات عدة بمحاولة الدفع بهم لحمل السلاح. وقطع بعدم وجود نوايا لحمل السلاح. وقيادات المؤتمر الوطني بالمنطقة بعيدة عن التعبير عن مواقفها المناهضة لحكومة الولاية وواليها إزاء التصرف بحكمة تضاهي حكمة «القضارف» التي سعي واليها على وجه السرعة لإطفاء الحريق الذي كاد يؤجج صراعاً لم يكن ليخمد لولا الحذر الكافي مما يمكن أن تنجم عنه مثل هذه التصرفات التي يرجح البعض أنها غالباً ما تنطوي على تضارب في المصالح، ولهذا قال عضو اللجنة وأحد قيادات الوطني بولاية الخرطوم حسين عويس: «نزعنا من أنفسنا كل انتماءاتنا الحزبية لأجل الوقوف مع أهلنا في حلفا». وأضاف مستغرباً من موقف حكومة الولاية وعدم جلوسها مع المواطنين لبحث القضية: «على إخواننا في الوطني أن يراعوا الله فينا». ويبقى دعم «الوطني» لمواطنيه بحلفاالجديدة حال خروجهم إلى الشارع للتنديد بسياسات الحكومة الولائية، منهجاً غير مسبوق للحزب في التعاطي مع مثل هذه الأزمات التي تجتاح مناطق عدة، وإعلاءً للشعار الذي ترفعه القيادة «ألا أحد فوق القانون».