يعتبر الجهاز «الدماغي» العصبي هو الجهاز الحيوي الرئيسى الذي يسيطر على أجهزة الجسم الأخرى برسائل عصبية مما يؤدي إلى تكيف نشاط الجسم ومواءمته لوظائفه المختلفة الإرادية واللا إرادية الضرورية للحياة بانتظام وتكامل ما يمكن الجسم من التعامل مع بيئته الداخلية والخارجية، ويساعده على ذلك إفرازات الغدد الصماء التي يعمل «الدماغ» بمنزلة المايسترو لها. ورغم ذلك تحدث مشكلة انحراف الأدوار الجنسية عندما تظهر لدى الأطفال أدوار جنسية غير معتادة على نحو متطرف وجامد، أي عندما تظهر لدى البنات سلوكيات ذكورية ولدى الأولاد سلوكيات أنثوية متطرفة لذلك فإن مثل هذا السلوك يقترن بالقلق وانخفاض الثقة بالنفس وتدني القبول الاجتماعي للطفل، والأولاد، بشكل خاص، يجدون أن المجتمع لا يحتمل ظهور السلوك الأنثوي المتطرف لديهم أياً كان المجتمع، وكنتيجة لذلك، فإن عدد الأولاد الذين يخضعون للعلاج النفسي بسبب شذوذ النمو الجنسي أكبر بكثير من عدد البنات بنسبة «15:1» وتعتبر مساعدة الأطفال على تشكيل الهوية الجنسية (Gender identity) المناسبة لتكوينه البيولوجي من المسؤوليات الرئيسية للوالدين، وتسمى العملية التي يتعلم من خلالها الطفل السلوكيات والاتجاهات المناسبة اجتماعيًا لجنسه بعملية التطبيع الجنسي (Sex Typing) حيث يتعلم الطفل «المعايير الجنسية للدور»، أي الخصائص النفسية التي تعتبر مناسبة لأحد الجنسين وليس للآخر حتى ينشأ الطفل صحيحًا نفسيًا ويمكنه التكيف مع نفسه ومع من حوله، ويكتسب الطفل الهوية الجنسية (Gender identity) أي الشعور بأنه ولد أو بنت، كما يكتسب معايير الدور الجنسي خلال مرحلة الطفولة المبكرة، وفي الوقت نفسه الذي ينبغي أن يهتم فيه الوالدان بملاحظة أية مؤشرات لوجود مشكلة في الدور الجنسي لدى الطفل عليهما ألا يذهبا إلى حد التطرف فيصبحا منشغلين لأن ابنهما الذكر مثلاً يفضل النشاطات الأنثوية على الذكورية فقد أصبح هنالك تأكيد متزايد على عدم إرغام الطفل على الإذعان لقواعد الدور الجنسي الجامدة والضيقة مثل الضغط على الأولاد ليمنعوا مشاعر الخوف لديهم ويتمثلوا بالنموذج الذكري لأبطال الشاشة أو أن يُمنعوا المشاعر العاطفية لديهم كالبكاء مثلاً أو أن يمنعوا البنات من العنف في بعض الحالات كالدفاع عن نفسها مثلاً.. فالذكر السوي هو الذي يسلك سلوكًا اجتماعيًا ذكوريًا فهو مؤكد لذاته سعيد بتركيبه البيولوجي مع بعض الخصائص الأنثوية حسب ما يتطلبه الموقف كالاعتناء بالأطفال مثلاً أو البكاء عند المواقف المحزنة وهي سلوكيات تعتبر أنثوية فهذا الشخص يُظهر تكيفًا سلوكيًا في المواقف المختلفة ويقوم بالتصرف المناسب بغض النظر عن المعايير الشائعة للدور الجنسي، وكذلك الأنثى السوية فهي التي تسلك سلوكًا اجتماعيًا أنثويًا فهي مؤكدة لذاتها راضية عن نفسها وعن هويتها الأنثوية مع بعض التصرفات الذكورية حسب الموقف. المهم هو أن يصنف الطفل نفسه بشكل صحيح تبعًا لجنسه البيولوجي. فيما يلى بعض الإشارات التي ينبغي ملاحظتها لمعرفة ما إذا كان لدى الطفل مشكلة في الدور الجنسي أو الهوية: (Gender) 1 - أن يعبر الولد الصغير باستمرار عن تفضيله لهوية الجنس الآخر، كأن يقول الولد الصغير «أنا بنت» أو «أرغب عندما أكبر في أن أصبح أمًا ويصبح لديّ أطفال». 2 - أن يرتدي الطفل باستمرار ملابس الجنس الآخر. 3 - أن تظهر لدى الطفل ميول كميول الجنس الآخر وينفر من الألعاب التي تناسب جنسه وفي الألعاب الإيهامية يصر هذا الطفل على لعب دور الوالد من الجنس الآخر. 4 - أن يشبه المظهر الجسمي للطفل مظهر الجنس الآخر شبهًا وثيقًا فمثلاً أن تكون للولد ملامح ناعمة وجذابة تؤدي إلى ظهور استجابات عاطفية نحوه من قبل الراشدين. 5 - أن تظهر لدى الطفل مظاهر الجنس الآخر في تعبيرات الوجه والإشارات والصوت وأن يجد الطفل صعوبة في إخفاء هذه التصرفات حتى لو واجه النقد الاجتماعي الشديد. إن سلوك الأطفال المضطربين في الدور الجنسي غالبًا ما يسبب لهم النبذ من قبل أقرانهم والإزعاج وبغض النظر عن مدى تطرف السلوك عبر الجنس فإن الدلائل تشير إلى أن التوجه لا يكون قد تبلور في مرحلة الطفولة وبذا يبقى قابلاً للتعديل. الأسباب التي تؤدي إلى انحراف الهوية الجنسية:Gender identity) 1 - تشير الدراسات إلى أن الأولاد الذين ينشأون في مرحلة ما قبل المدرسة في بيوت بدون آباء أو يغيب فيها الآباء لفترات طويلة تظهر لديهم ميول واتجاهات وتصرفات أنثوية. 2 - تظهر في بعض الحالات علاقة وثيقة بين الطفل والوالد من الجنس الآخر بحيث يكون الاتصال النفسي والجسمي بين الطرفين قويًا إلى درجة متطرفة، وتكون العلاقة من النوع الذي يصفه الوالد بأنه «غير قابل للفصل» وفي مثل هذه الحالات تظل فرصة الطفل للتوحد مع الوالد من ذات الجنس ولتطوير سلوك الدور الجنسي المناسب. 3 - يميل بعض الآباء بسبب رغبتهم في الحصول على طفل من الجنس المعاكس، إلى جعل البنت تتصرف كأنها ولد أو العكس، إن على الآباء أن يكونوا متيقظين إلى ضرورة تطمين البنت الصغرى بأنهم سعداء لأنها بنت، وتطمين الولد الصغير بأنهم سعداء لأنه ولد فمن المهم جدًا أن يتقبل الوالدان طفلهما بغض النظر عن جنسه. 4 - تحمل بعض الأمهات شعورًا بالكراهية والحقد والحسد نحو الذكور، فيعملن على تنمية سلوكيات أنثوية لدى الأولاد، الأم، في هذه الحالة، تقرن الذكورة بالعنف الجسدي والعدوان والفسق الجنسي والجلافة، ولذا فهي تفضل أن يكون ابنها أكثر رقة. 5 - قد تكون هناك تأثيرات هرمونية أو وراثية، إلا أن ذلك لا يكون عادة السبب الرئيس في اضطراب الدور الجنسي. العلاج: تطوير علاقة أوثق مع الوالد من الجنس ذاته، ولكي ينمو التوحد المناسب لدى الطفل فإن على الوالد من الجنس ذاته أن يقضي وقتًا أطول مع الطفل وأن يقدم نموذجًا للتصرفات المناسبة، ويحتاج الطفل والوالد إلى ان يقضيا ساعة أو ساعتين معًا في الأسبوع معًا لوحدهما ويقوما بنشاطات مشتركة يميلان لها مثلاً الألعاب الرياضية وإذا لم يكن الأب من الجنس ذاته موجودًا، لسبب ما، ينبغي البحث عن نموذج دور بديل من بين الأقارب أو الأصدقاء أو المعلمين أو ربما المعالج النفسي ليقوم بدور المرافق أو الأخ الأكبر ويجب حيثما أمكن إلحاق الولد الأنثوي بصف يدرِّسه معلم ذكر ويجب أن يشجع الطفل لكي يقرأ كتبًا تتحدث عن أبطال من الجنس ذاته ومن المحتمل أن يقاوم الطفل في البداية محاولات الراشد من الجنس ذاته لمساعدته إلا أن على الراشد أن يستمر ويصمِّم على إقامة العلاقة مع الطفل والمشاركة في نشاطات اجتماعية تضم عدة أطفال وراشدين. 2 - تعزيز الوالدين لسلوك النمط الجنسي المناسب: ينبغى للوالدين أن يمتدحا الطفل ويشجعاه في كل مرة يقوم فيها بسلوك مناسب لجنسه كأن يمتدح الولد الأنثوى بنشاطات تعتمد على العضلات الكبيرة مثل الركض وكرة القدم وحتى المحاولات غير البارعة في لعب الكرة أو القفز ينبغي أن تُمتدح بقوة مع التشجيع الواضح على استمرارها.. وينبغي أن تستخدم في الثناء التعبيرات الذكورية أو الأنثوية المناسبة لجسم الطفل. فمثلاً يقال للولد الأنثوي «إنك ولد ممتاز» أو «سوف تصبح رجلاً قويًا عندما تكبر» ويمكن أن يوضع نظام النقاط كأن يكسب الولد الأنثوي نقاطًا إذا سلك سلوكًا ذكوريًا وتجسر بعض النقاط إذا قام بتصرف أنثوي، كتعبيرات الوجه الأنثوية وفي الوقت نفسه ينبغى للمعلم أن يطبق على الطفل نظامًا مشابهًا في الفصل. 3 - التعبير عن الرضى: ينبغي أن يتم التعبير بوضوح عن استهجان السلوك غير المناسب للجنس، كأن تقول للولد الأنثوي «إنك لا تصلح للعمل كمضيفة، بل تصبح للعمل كطيار، وأعتقد أنك سوف تصبح طيارًا ممتازًا» أعط الطفل معلومات محددة حول ما يعتبر ميولاً أنثوية. وعندما يتحدث الولد الأنثوي عن موضوع يصلح للبنات لا تعره انتباهك بل أشح بوجهك عنه وانشغل بشيء آخر، وإذا وجه إليك سؤالاً يتعلق بموضوع أنثوي، عبِّر عن عدم اهتمامك قائلاً مثلاً «هذا موضوع لا يهمني أو لا أريد أن أتحدث عن ذلك، فهذا موضوع يصلح للبنات». 4 - الإبدال: اقترح نشاطات بديلة للتعويض عن الميول الأنثوية عند الولد مثلاً. وفي الختام لكي يؤدي الإنسان رسالته في الحياة لا بد أن يكون صحيحًا نفسيًا ولكي يكون صحيحًا نفسيًا لابد ان يسلك سلوكًا يتفق مع ما اختاره الله له من نوع وإلا أضاع عمره في صراع من أجل إثبات كونه ذكرًا أو أنثى ولعاش منفصمًا عن الواقع قلقًا منبوذاً من المجتمع فاقدًا الثقة بنفسه وربما أدى هذا في نهاية المطاف إلى الاكتئاب ثم الانتحار فلنساعد أطفالنا ليكوِّنوا هويتهم (Gender) وفقًا لتركيبتهم العضوية البيولوجية. ويجب أن نغرس في نفوسهم ألّا تفضيل لجنس على آخر فكل له مميزاته على الآخر.. وله مهامه التي لا يستطيعها الآخر فليكن كل فرد راضيًا عن نوعه ليسعد ويُسعد الآخرين. تعليق: هذا مقال ضاف وواف يتناول مفهوم الجندر بمعناه الحقيقي الذي تواضعت عليه الجهات العلمية بلا كبير خلاف ولا نزاع.. وصلنا من د. منيرة مصطفى البدوي القضارف وهو يتحدث عن الانحراف الذي يعتري أحد الجنسين ويبين مظاهر الانحراف وأسبابه ونظرة المجتمع له وتقييمه من الناحية العلمية البحتة وأكثر من تقييم الشخص المنحرف ذاته لنفسه ذكرًا كان أو أنثى.. وفيه إشارة إلى تعاسة الشخص الذي يجد نفسه منغمسًا في دور يخالف الدور الذي أعدته الفطرة والطبيعة والإرادة الإلهية الغلابة له مما يؤكد تعاسة كثير من الناشطات في حقل المرأة رغم علامات السعادة الكاذبة التي تبدو عليهنّ بما يتوهمن أنهنّ قد حققنه من مكاسب للمرأة!!