شارك بقصة نجاحك! قم بإلهام الآخرين واربح! إعلان مسابقة.. ورد إلى إيميلي مؤخراً من أحد المواقع الإلكترونية اختيار ثلاث قصص نجاح فائزة تكون الأكثر إلهامًا مقابل جوائز نقدية بالعملة الصعبة! وأحسب أن قصص النجاح الأكثر إلهامًا هي تلك التي تأتي من رحم المعاناة والحرمان والإعاقة إن صح التعبير.. فهناك نوع من البشر تحفِّزه المحن والخطوب.. وآخر يستسهل الاستسلام والخنوع والبقاء في ركن قصي من الحياة الواسعة لا ينفعل .. لا يتفاعل.. لايشارك ولا يحرك ساكنًا حتى يأخذ الله أمانته التي حتمًا لم يقدرها أو يحسن التعامل مع ما تفضل الله عليه من نعم إما جهلاً أو نكراناً حمانا الله..! وبيننا كتاب الأديب العربي طه حسين يحكي عن صراعه مع الألم.. طه حسين فقد بصره في الثالثة بسبب رمد في عينه عالجه منه حلاّق القرية بشكل خاطئ؛ فأُصيب بالإعاقة نتيجة الجهل والتخلف.. لكنها لم تمنعه من أن يدرس في أعرق الجامعات الأوربية وينال الدرجة العلمية ويؤلف ويثري المكتبة العربية بالروايات والقصص والشعر.. كما عمل رئيسًا لتحرير العديد من الصحف وكتب المقالات وكان عضوًا في العديد من المجامع العلمية في مصر وخارجها.. وتحدثنا الأيام عن هيلين كيلر التي أصابتها حمى عندما كانت في الثانية من عمرها أعيت الطب والطبيب وفقدت بعدها حاستي السمع والبصر، وبعد حياة بهيمية لا تتواصل فيها مع الآخرين إلا بالإيماءات والإشارات، وعندما تفشل في التعبير تنتابها نوبات غضب وبكاء حتى مجيء أستاذتها التي أنارت لها دربها.. وتعلمت هيلين القراءة بطريقة بريل، وتفوقت على أقرانها وبلغت شأنًا في الثقافة وتعلَّمت إضافة إلى اللغة الإنجليزية الفرنسية والألمانية واللاتينية، وألَّفت الكتب وكتبت المقالات للصحف والمجلات، وألقت المحاضرات في أنحاء العالم لتجمع التبرعات للجمعيات التي تعنى بفاقدي البصر .. وتقول هيلين: «عندما يوصد في وجهنا أحد أبواب السعادة تنفتح لنا العديد من الأبواب الأخرى؛ لكن مشكلتنا أننا نضيِّع وقتنا ونحن ننظر بحسرة إلى الباب المغلق ولا نلتفت لما فتح لنا من أبواب»!.. والنماذج كثيرة ليوناردو دافنشي راسم الموناليزا اللوحة الأكثر جدلاً في العالم، عاش بين أب لا يريد أن يعترف به ابنًا وأم تركته وتزوجت رجلاً آخر، وأسرة انتمى إليها لاحقًا، ووجد الاضطهاد من أبنائها، الأمر الذي جعله يرحل إلى ميلانو باحثًا عن مَن يُقدِّر مواهبه ويرسل إلى حاكمها عارضًا خدماته ومواهبه في الهندسة والتصوير والنحت والفلسفة، ويقولون إن دافنشي كان يخرج للعمل منذ بزوغ الفجر إلى غروب الشمس دون طعام، وفي بعض الأحيان يظل كذلك عدة أيام فقط لكي يمض بعض الوقت أمام عمله ثم ينصرف دون أن يضع لمسة واحدة فقط يتأمل ما أنجز وربما يذهب ويعود حين تأتي فكرة جديدة للعمل .! وإذا أدهشتنا تلك النماذج فهي تربكنا وتثير غيرتنا وسخطنا على ما نشاهد من حالات تتزاحم في الطرقات وأمام السيارات تستجدي أعطوها أو منعوها أو أطفال لا ندري ما قد تجود به أزمانهم يتسابقون يحملون خرقاً بالية يتنسمونها ويعيشون مغامرة يومهم ثم يبيتون في المجاري والأزقة وأمام أبواب المنازل! وإذا غيرهم وجد بابًا مفتوحًا دخل منه هؤلاء لم يعلموا أن ثمة أبواب!! فكم قصة نجاح مؤودة على أرصفة الطرقات ولا وجيع!!