تحليل سياسي يبدو ان المشهد السياسيى .. بكل مكوناته .. فى حاجة الى اعادة ترتيب على الصعيد النفسي او السايكلوجى .. او حتى الاحساس .. الاحساس بالذات والاحساس بالاخر .. وفقا للمنطق السياسى والقراءة الواقعية للمشهد .. فحتى منتصف الاسبوع الثانى من ابريل المنصرم .. كان المؤتمر الوطنى ..المحظور حاليا ومجموعة احزاب الحوار المتحالفة معه وشاركت فى تشكيل الحكومة .. ودعونا من حكاية المسافة الواحدة .. تعتبر هى المنظومة الحاكمة .. وفى المقابل كانت مجموعة الاحزاب التى تقف على الضفة الاخرى .. وابرزها مجموعة نداء السودان و قوى الاجماع الوطنى وحلفائهما من الاحزاب والمنظمات والتنظيمات يمثلون المعارضة .. وبسقوط النظام .. كان من الطبيعى ان يحدث تلقائيا تبادل للادوار .. وللمواقع .. اى ان يصبح الحاكمون هم المعارضون .. و ان يصبح المعارضون هم الحاكمون .. ولا يتوقع المراقب ان تختلف عنزان فى هذا المبدأ البدهى او الطبيعى .. ولا يفهم ان يثور جدل ليقفز فوق الحقائق ويحاول اعادة تعريف من هو الحاكم ومن هو المعارض .. الا اذا كان الهدف مجرد محاولة لاعادة خلط الاوراق .. و كسب الوقت .. لماذا ..؟ قد تكون الاجابة عصية الان ..! و قد يكون مفهوما .. بل ومتوقعا .. ان يستمر الوطنى .. او بعض كوادره .. فى حالة الانكار التى دهمتهم منذ فترة .. وان تستمر حالة المقاومة والمناورة والمراوغة .. فعملية الفطام المفاجئة .. والتى جاءت بعد ثلاثين عاما من السلطة المطلقة .. مفهوم ان تجد هذه المقاومة .. و ان تتعثر عملية الانتقال من حالة السلطة المطلقة .. الى حالة الفراغ العريض .. بل الى حالة الملاحقة القانونية والمساءلة الجنائية للبعض .. مما لم يكن متصورا وقوعه حتى وقت قريب ..! اما غير المفهوم .. وغير المنطقى .. وغير المتسق مع الوقائع .. فهو حالة الاحساس بالمعارضة التى تتلبس القوى التى انجزت التغيير حتى الان .. قناعتى مثلا.. ان طرفى المعادلة فى المشهد السياسى الان هما .. المجلس العسكرى الانتقالى وقوى اعلان الحرية والتغيير .. فاذا كان الطرف الاول فى هذه المعادلة .. قد بدأ فى ممارسة السلطة .. صحيح انه بدأ على استحياء .. ثم ظل يتمدد كل يوم .. فالمدهش ان الطرف الثانى فى المعادلة ما زال يتحرك و يتصرف و يتحدث كجبهة للمعارضة .. لا كشريك اصيل فى السلطة .. و لعل هذا هو المأزق الحقيقى الذى تواجهه قوى الحرية و التغيير الان ..! وحين تتحدث قوى الحرية والتغيير عن استمرار الاعتصام حتى انجاز مطالب الثوار .. فثمة سؤال جوهرى يطرح نفسه .. ما الذى تريد ان تنجزه قوى التغيير اهم من فرض شراكتها الحقيقية فى السلطة الجديدة .. والشراكة فى السلطة هذه لا تكون عبر المؤسسات فقط .. حين تقوم .. ولا احد يعلم متى ستقوم .. بل تكون الشراكة فى السلطة الثورية .. التى تهيىء المسرح لعمل المؤسسات حين تقوم .. ان تفكيك الدولة العميقة .. او دولة الحزب لن يتم عبر المؤسسات .. حين تقوم .. بل بالاجراءات الاستثنائية الانية .. الم ترتضي جميع الاطراف تعليق الدستور وفرض حالة الطوارىء ..؟ فما تزال الاتحادات والنقابات تدار بذات الكوادر .. وما تزال الوزارات والمؤسسات تدار بذات الكوادر .. وما يزال الاعلام الرسمى الذى يفترض انه يبشر بالتغيير .. يدار بذات الكوادر .. ولا زال قوى اعلان الحرية والتغيير .. يتفرج و يتحفظ ويعبر عن قلقه فى احسن الاحوال .. فهل انتم معارضون ..؟!