ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصداقية مجاز الكرة والملعب المفقودة قراءة نقدية لسيناريوهات الواثق كمير
نشر في حريات يوم 07 - 03 - 2013


[email protected]
“ما أكبر النفوس ، ما أمحَق الامكانيات والقدرات”
“أنا أمشي ببطء ، ولكن لم يحدث أبدا أنني مشيت خطوة واحدة للوراء”
إبراهام لنكولن
مُلخّص ورقة د. الواثق 1:
يقول الواثق ان البلاد تشهد مآزق مستمرَّة ومتتابعة على نطاقٍ غير مسبوق، ومناخ سياسي محتقن ومتوتر واستقطاب رأسي حاد وملحوظ بين الحكومة من جهة، والمعارضة السلمية والمسلحة، على حدٍ سواء، وبعض منظمات المجتمع المدني والتكتلات الشبابية، من جهة أخرى. أيضاً، هناك انشقاقات وانقسامات أفقية داخل الأحزاب السياسية، بما فيها الحزب الحاكم والحركة الإسلامية والحركات المسلحة، وتواتر معلومات عن تذمُّرٍ وتمَلمُلٍ داخل القوات المسلحة، مع تنامي الولاء القبلي والعرقي، وظهور الجهاديين والجماعات الإسلامية المتطرِّفة وتصاعُد نشاطاتهم العنيفة والمرعبة. ويتجلى هذا الاستقطاب السياسي الحاد في النزاع المسلح وتدهور الوضع الأمني في دارفور بوتيرة متسارعة، والحرب الدائرة في جنوب كُردُفان والنيل الأزرق، وتردِّي الأوضاع الاقتصادية وتفشي الفساد، والعلاقة المتوترة مع الجنوب.
إلى جانب هشاشة مؤسسات الدولة، يُشكِّل هذا الانقسام الوصفة المثالية لتفكُّك الدولة. فنحن نفتقر إلى رؤية مستقبليَّة واضحة وقيادة توافُقيَّة ملهمة، وهما عاملان أساسيان من بين العوامل الحاسمة والمطلوبة لتحجيم ولَجْمِ النزاعات المسلحة المتفاقمة، والانقسامات السياسية العميقة، والانبعاث المقلق للنزعات العرقيَّة والإثنيَّة والقبليَّة، وبالتالي الحفاظ على تماسُك ما تبقى من البلاد، وتجنُّب تفكُّك الدولة. وانه لم يتحقق الانتقال السلمي في أي بلد بالعالم في غياب قيادة حكيمة وبصيرة.
لا يمكن أن نتصوَّر أن إسقاط النظام والتغيير السياسي سيتم، هذه المرَّة، بالطريقة التقليديَّة من خلال نقل السلطة بواسطة القوات المسلحة ،كما حدث في 1964 و1985، أو في الثورتين التونسية والمصرية في 2011. وبطبيعة الحال، هذا لا يستبعد انتفاضة شعبية أخرى، ولو بشكلٍ مختلف، وبتكلفة بشريَّة وماديَّة باهظة. ومع ذلك، فلدى الرئيس البشير فرصة تاريخيَّة، في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ السُّودان، لاتخاذ قراراتٍ جريئة لإنقاذ البلاد من الانزلاق إلى الهاوية، وتحويل نفسه إلى بطل قومي، مع استعادة المصداقيَّة المفقودة للمؤتمر الوطني. ويقول د. الواثق ان الغرض من هذا التمرين هو المساعدة على تجاوز المأزق الحالي وتحريك الجمود في الوضع السياسي الراهن من خلال إثارة النقاش وإثراء الحوار حول الطرق الواقعية والعملية لتحقيق الإنتقال السلمي والتسوية السياسية الشاملة.
السياق الفكري الذى أنطلق منه:
إنطلقت الثورة السودانية ونظريتها من حضر المركز فى الستينات بفعل مركزية بنية التنمية الاستعمارية ومابعد الاستعمارية وقادتها نخب اقتصادية وسياسية وثقافية. هذه البنية شوّهت جوهر المجتمع التنموي الامثل وهو النزاهة كقيمة اجتماعية ونزوعه نحو توزيع عادل للثروة والسلطة. أقصد هنا المعني العريض للتنمية كعملية توسيع الحريات الحقيقية التى يتمتّع بها الناس ليعيشوا الحياة التى يرغبون بها مستلفاً تعريف موجز لها من استاذنا على عبدالقادر. قلت ان الثورة السودانية انطلقت من المركز الحضري ومؤسساته النقابية والتعليمية والحزبية الحديثة ، ثم انتقلت الى الهامش لتترعرع فيه منذ اكتوبر 1964 ؛ كان ماعون تلك المؤسسات المركزية يسع ابناء وبنات الهامش فى كثير من الأحايين ، وحين أصبحت تلك المؤسسات تمنع الماعون أنشأ ابناء الهامش منظماتهم وأحزابهم المدنية بما يناسب تطلعاتهم (جبهة نهضة دارفور ، اتحاد عام جبال النوبة ، ومؤتمر البجا الخ) . نقصد بمنع الماعون او ضيقه سيادة سطوة وقبضة فكر الطبقة الوسطي العربسلامية ومصهرها الحارق (ملتنق بوط) الذى لم يأبه لواقع التعدّد والتنوّع حتى حينما طرح نموذج الغابة والصحراء السودانوي ، على المستوى الثقافي، وهو يحمل بقايا أيدلوجية تلك الطبقة المهيمنة. ليس فى بالى أي ازدراء مجاني لفتية (على ضفتيْ الجندر) بقيادة حسن الطاهر زروق وأخريات فى الساحة السياسية السودانية الشمالية فقد رابضوا فى اقصى بقاع السودان وفى مؤسساته السياسية ينادون بمشروع استنارة فى قامة مجتمع تنموي يتميز بالنزاهة كقيمة اجتماعية.
حين لم يرعوِ المركز ودولته القومية الحديثة ذات الثقل العربسلامي الفادح عن مركزيته القابضة انتقل ثقل الثورة وعنفوانها الى الهامش. نحن هنا لا نقصد ان جذوة التهميش قد ماتت فى المدن ، وانما زاد أوارها بفعل سياسات الخصخصة وتقطيع اوصال مؤسساتها الصناعية والنقابية ولم تختفي مقاومات القوى الديمقراطية فى المركز ولكن هاجر منها اعداد من طلائع التغيير (من انتموا جغرافياً الى الهامش او بعض افراد المركز) زرافات ووحدانا الى تنظيمات الهامش المدنية والعسكرية. كنت دائم التأمّل فى نموذج وسيرة يحى بولاد التى نبّهنا اليها د. شريف حرير عن انبعاث الاثنية. دخل يحى بولاد طائعاً مختاراً وبكامل قواه العقلية والنقدية فى مصهر الطبقة الوسطي العربسلامية ككادر قيادي من الدرجة الاولي فى حزب الاخوان المسلمين.
صَوّر بولاد فى مجاز مرهف الحساسية العرقية ان “الدم كان أثقل من الدين” حينما سأله د.جون قرنق لماذا خرج من الاخوان المسلمين كون الجانب العرقي من معادلة المصهر العربسلامي الصفرية قد هدّ حيل تطلّعه ؛ فزهد فى مشروعهم الحضاري وحمل السلاح للخلاص منه. لعلّه انتبه أيضاً الى الجانب الطبقي فى تقاطع العرق والدين، كون الحاج آدم (نائب عمر البشير) وآخرين سبق عليهم كتاب الطبقة فظنوا انهم اشتروا لجرحهم الخاص غِمداً “وللاحزان مرثية”.
يكون من المفيد إعتبار محكية بولاد كنموذج دراسي حول تمظهر الازمة السودانية فى تقاطعات الطبقة والعرق والدين.
يقتضي التحليل العميق للأزمة الشاملة التى تعيشها المجتمعات العربية الاسلامية ،كما قال د. حسن حنفي، النظر الى “أولوية العقلي والثقافي ، سواء فى فهم آليات الازمة او فى بلوغ تحديث اجتماعي واقتصادي وسياسي للمجتمع والدولة” ، لذلك لايجدى مع حالة الازمة الشاملة طرح السياسيوي بمعزل عن نقد بنية العقل. بهذا الفهم فان د. الواثق بنى أطروحته على السياسوي فى أزمة جوانبها أكثر تعقيداً من السياسى وتسلّح بالحس السليم والنوايا الحسنة فى سراطٍ غير مستقيم ، وليس عليه “درَابْزِين”.
بدت لي سيناريوهات د. الواثق كمير وتفاكيره هنا كمشهد بانورامي لأطياف بينيّة تحتمل كل شيئ وتبدو فى شكل تناغم منسجم وهى ليست كذلك كما ساوضّح. وعلى طول نص الواثق كنت مهتماً بمركزية خطابه بمعنى ان الخطاب يقع على تخوم الكلمات والاشياء ، او يتوسّط البُعد اللغوي والبُعد الواقعي ليستقل بقوانينه فى الانتاج وتداعياته فى المعرفة والسلطة حسب أطياف دريدا البينية.
خطاب المركز هو الخطاب الذي غلب الهدّاي فاستكثرت سلطته على الريف القريب دونكي مياه نظيفة او عيادات صحيّة او مدارس فما بالك بالريف البعيد وانسانه وقيمة جسده كبنى آدم. هذا هو سياق ليس لنص الواثق علاقة مباشرة به لكن يبقى النضال (من منظور المركز ومؤسساته) من اجل الحقوق فى نطاق التداول الفكري او العرض النظري مادامت القرارات هي من اختصاص التمثيل السياسي والديمقراطي كما فى عبارة الكاتب الجزائري محمد شوقى الزين 2. وتصبح الحقيقة التى ننشدها هنا فى صلب صراع التفاوض بين المتقاتلين كون الحقيقة تعني أساساً القبض على كل شيئ نعتبره حقيقياً وننافح عنه بالقوة والعنف، والحقيقة ذاتها تصبح سلطة عقلية ودلالية وسياسية تتجسّد فى المؤسسات والمنظومات، او فى الاحكام والأعراف، او فى التمركزات ، مازال الكلام للزين، وتصبح تلك الحقيقة المقدّسة كتسلّط يجب تقويضها. واذا كان امامي حقيقتين واحدة يسوقها حَمَلةُ سلاح من الهوامش وأخرى متسلطو ربع قرن (او قرن بحاله) ؛ تكون “محاججة طالب الموت من أشق الأمور” كما فى عبارة مناسبة لعبدالله على ابراهيم فى كلمة موسومة “سائحون زى ديل بزورونى” .
وعلى ذكر عبدالله على ابراهيم لابد من الاشارة هنا الى اهتمامى لا ينصب فى السياسوي، وانما بزلزلة الانساق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التى تفرّخ الانظمة كما ذكر عبدالله فى اكثر من كلمة له، ومقصدى هنا أصلاً الخطاب المركزي الذى يحرّك الكتابة.
حثّني على الكتابة حول نص (نصوص) الواثق هو اهتمامه بمؤسسات ورموز المركز اكثر من جذور الازمة. حاول الواثق اقتراح نص وحزمة سيناريو ترضي الجميع فى شكلها ولكن جوهرها يحابي المركز والمركزية. حاولت ذكر تناقضات الورقة وعدم تماسكها مفهومياً ومنهجياً او منطقياً. استفزتني أيضاً ايدلوجيا صناعة بطل قومي اسطوري ومحاولة اعادة انتاج البعّاتي رغم قاعدة معلومات تجارب وفيرة وسائبة عن خيبات النظام العقائدي الذى يقوده بما يمكن وصفه بحسن الظن العريض.
بدا لى نص السيناريوهات بمثابة مجاز استعاري آخر أضاع فيه الاطفال شليل (فى لعبة “شليل وينو؟” حيث تتبادل الاتيام الصيحة: “أكلو الدودو” ؛ ثم شليل وين راح؟ أكلو التمساح) ، ثم صدّقت جوقة اللاعبين ان شليل المُختَرَع آيدلوجياً فى المجازي أكلته التماسيح اوالدود (الاسد). ونقووووم كدا نضع شليل مرة أخرى فى فك التمساح والدودو ونوعده ببطولة قومية تاريخية لو حفظ مواثيقنا وراعى عهودنا وشروط اللعبة الجديدة !! مجاز يجدع بعيد كما فى صدى الحكمة كون مجاز الكرة والملعب يبدو كمشهد تمويهي مشاتر ، ظاهره رحمة وباطنه خِدعة ؛كون الكُرة والملعب كانا منذ أكثر من عقدين ،وما انفكّا، حِكراً خالصاً لصاحب المعادلة الصفرية الكبري ذات نفسه وأحزابه المصرفية والثقافية والاجتماعية والدينية ذات الالف ذراع. بهذا الفهم فهو ليس بطلاً نسيج وحده،فى جوهر الامر، حتى على مستوى احتمال التمرين الاكاديمي.
فى نقد منهج الخطاب ومركزيّته:
أحاول فى هذه التفاكير نقد ومعالجة الورقة حسب المنطق الداخلي الذى طرحت نفسها به.
اولاً: مركزية الخطاب وعدم تماسك النص الداخلي حتى زلّة اللسان
يصدُر الواثق من خطاب مركزي رغم انه يزعم ،فى ظني، انه خرج بالنص من صندوق ثقافة المركز السوداني. أحتار كقارئ ازاء عدم تماسك النص الداخلي وإضمار الكاتب/المراقب/المستشار حيادية قومية سرعان ماتنجلي ،رغماً عنه، وكأن السيطرة على الوطن تنمسخ حتى تصبح على قدر “الخرطوم” التى يخاف عليها من “فراغ السلطة” وصراعٍ دامٍ عليها من “قِبَل التنظيمات المسلحة المتعددة” والتى كان الكاتب بالامس القريب ضمن الطاغم القيادي لأهمها!
نلاحظ هنا إنزلاق الخطاب ولسانه الى صورة حاملي السلاح فى ذهن الكاتب ‘ يسوّقها لنا فى عبارة غميسة تنطرح على لسان (آخرين كُثر) خارج لسان كاتب النص. وهى صورة الجبهة الثورية السودانية فى “أعين كثير من الناس كمنبر حصري للمُهمَّشين على أساسٍ عرقي وإثني، أي أنه يعبِّر عن متلازمة الجنوب الجديد” !! تعيد هذه العبارة للأذهان بما يسمي “بالمحاولات الانقلابية العنصرية” كثيمة أثننة وعرقنة تنطوى على تبسيط لصراع معقّد على سبيل تسويق صناعة التضامن العرقي المتوهّم المصنوع كوكبياً ومحلياً وعلى جميع محاور الصراع. يجب علي هنا ان اوضّح انني لا أطعن تنميطياً فى منطلقات د. الواثق كون تاريخه القريب يوثّق لغير ذلك. ما أود تثبيته هو توضيح الذهنية العامة التى انطلق منها النص (رغم مؤلّفه). بعبارة أخرى لو اهتم د. الواثق (بقليل من الحذر والدقّة) لأضاف لصورة الجبهة الثورية وتهميشها الاثني والعرقي بُعداً اجتماعياً ماهلاً ؛ كأن يبني التهميش على تقاطع الاجتماعي والتنموي والاثني (مثلاً) ، ضمن إهمال المركز التاريخي للهامش الجغرافي وبنيته الاجتماعية/الاقتصادية/الثقافية فى الدولة اللبرالية الجديدة (دولة مابعد الكولونيالية وبعد الاستقلال). لو قال الواثق ذلك لسلس له المنطق وخلّص المفهوم من التهميش “على أساس عرقي وإثني” ؛ او كما قال وبذلك يكون معنى التهميش مقعّداً وكذا الكُوَر والملاعب واللعيبة. حينئذ يتم تجاوز التبسيط الاعلامي الحاصل لزوم الربح من تسويغ تطفيف “منبر حصري للمُهمَّشين على أساسٍ عرقي وإثني” كما تجرى الثنائيات القديمة من شاكلة زرقة/عرب ، اولاد بحر/اولاد غرب وجلابة الخ.
لا يكلّف الواثق نفسه تسمية صناع الازمة وإطلاق النص على عواهنه فى قوله” الانبعاث المقلق للنزعات العرقية والاثنية والقبلية” . احقاق الحق يقتضى ان يؤكّد د. الواثق العصبة الجائرة ورئيسها الي دورها الرئيسي فى تأجيج الفتنة الاثنية وتفريق العباد حتى يقوموا الى الملعب والكرة بمصداقية.
هذا الخطاب لا يشفع له ان الواثق أشار فى مكان آخر الى “أن الظلم والتهميش يُبرِّر ويُضفي الشرعيَّة على اللجوء إلى الكفاح المسلَّح” . وهى أخف عندي من الخطاب الاقصائي المركزي الخبيث الذى سوّد الصحائف والصفائح بعد ميثاق الفجر الجديد فى يناير 2013 ، خطاب موجّه لمقاومة الهامش العسكرية ترجمته: لكم دينكم فى الصراع المسلّح ولنا ديننا فى الجهاد السلمي ؛ وكأن حمََلة السلاح (من موقع الهامش عديم الاستحقاق الانساني والمطفّف قيمياً) عصابة متمرّدة خارج الوطن دعك عن الحساسية الانسانية التضامنية التى بنعمتها نرضع جميعاً من أثداء أقوام متنوّعة ومتعدّدة.
حِجاجي الاساسي هنا ان الاهتمام بالهامش فى الورقة كان عارِضاً. الحديث عن الهامش لا يقتصر على بعده السياسي وانما على الغياب التاريخي لمفهوم وممارسة التنمية المتوازية ؛ وفى قلب المفهوم النزاهة كقيمة اجتماعية ، والتنمية كعملية توسيع للحريات الحقيقية والاساسية (العمل والتنظيم والتصويت والتجمع الخ) وليس الحريات الاربع البرجوازية التى تصاغ على مقاس المصالح الطبقية ؛ ثم سوء توزيع الثروة والسلطة كجزء ظاهر من جبل جليد التنمية غير المتوازنة. أصل الازمة السودانية اذن هو تنموي (بمعناه الواسع) ويجب البحث عن حلّها فى وجود فاعل لأصوت الهامش على مستوى الجماهير الشعبية ومؤسساتها لاتخاذ القرار. حين اقول النزاهة كقيمة اجتماعية أقصد تلك القيمة الانسانية العليا التى لم ولن تسمح بالتنمية غير المتوازنة وسوء توزيع السلطة والثروة. هذا ما لاحظت غيابه فى صميم سيناريو الواثق الذى يهتم بالاغلبية السياسية ذات الثقل فى المركز وتمثيلها (وهى حزبين او ثلاثة). صحيح فى موضع آخر يشمل الواثق “قوى جديدة” حين طالب المؤتمر الوطني “بأن يُقِرَّ بكينونة القوى السياسية والمدنية السودانية، وصعود قوى جديدة في مناطق النزاع المسلح (دارفور وجنوب كُردُفان والنيل الأزرق) وقواعدها الاجتماعية، وبدورها وضرورة مشاركتها في إيجاد الحلول لمشكلاتنا القومية.” (3.3) غير ان هذا الصوت يظهر شبه نشاز فى السياق المركزى الذى يفترض الاغلبية السياسية القديمة ذات الثقل السياسي التى ستشارك فى سيناريو الخلاص. أقول أغلبية وأعني حقيقة قيام انتخابات ، اكثر من مرّة، تمّت بدون اقاليم كانت لاتشارك بحكم الحروب الاهلية.
لو اعتبرنا تجربة جنوب افريقيا ذات توازن القوى (وليس توازن الضعف) مثلاً ، هل سيقبل “البطل القومى” وحزبه بالحزمة التى فرضتها جماهير جنوب افريقيا على نظام الابارتايد الذى التزم بتحول ديمقراطي سياسي وصيغة عدالة انتقالية (الحقيقة والمصالحة) وعضّ بالنواجذ على مصالحه وامتيازاته الاقتصادية؟. حزب المؤتمر الوطني ورئيسه (الذين خبرنا استراتيجياتهم ومصالحهم ومنطلقاتهم وفسادهم بما فيه الكفاية وحلفائهم من رؤوس الاموال المالية والصناديق) الذى يرشّحه الواثق للزعامة والبطولة لن يرض بما حدث فى جنوب أفريقيا كونه يصر على معادلة صفرية يكسب فيها ويخسر الآخرون ؛ ودونكم جميع الاتفاقيات القديمة والحديثة.
لأن يكون السيناريو المطروح ناجحاً او لا يكون ، يجب ان نضع مفهوم التنمية ؛ كعملية توسيع الحريات الاساسية للجماهير فى قلب رؤية السيناريو. وفق ذلك الاستهداف يكون تبنيّ برنامج تنمية متوازنة وليس فقط توزيع ثروة وسلطة كمصطلح يرضى النخب المعارضة ليوزّع عليها المناصب والامتيازات. وهذا بالتحديد ماتم من خلف الشعب حيث وُزّعت الامتيازات حسب اتفاقية السلام الشامل او رغمها كما شهدنا فى مهازل توزيع الوزارات الفدرالية الاساسية مثلما تم فى عهد الديمقراطيات فى حكومات ما بعد الاستقلال. لن يسمح واقع الراسمالية الطفيلية السودانية الهش وحزبها الحاكم اليوم أن يتجرأ بتبنّى سيناريو جنوب أفريقيا لانغلاق افقها وحساباتها الطبقية وتحالفاتها مع ناس “الخارج” (الذين حاول الواثق ان يصوغ سيناريو بدونهم) ، كونهم اشتروا ارض وموارد السودان فى ظل قانون استثمار ماركة 2013 يسل له لعاب الشركات متعددة الجنسية!! هذا يسمى فى القواميس معادلة صفرية لا أكلت ولا شربت.
عوجة رقبة مفهوم “السلام الاجتماعي”:
قلتُ فى مكان آخر تأويلاً لنص الواثق وكأن هناك كتّاب آخرون للنص الذى بين أيدينا. أقصد بذلك ان هناك أكثر من فصيل يعمل داخل مؤسسات النظام وخارجها فى الحركة الاسلامية يهش ويبش ويزغرد ويرقص للاطروحة. وحتى أشير بوضوح الى الفيل فى النص أقصد ذهن طلائع نخب الطبقة الوسطي العربسلامية المركزي ومؤسساتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والتعليمية، أقول ذهنها الذى ينداح ليشمل مؤسسات كثيرة ؛ ولا أستثنى التيارات التى تعتقد انها ضمن اليسار العريض. نحن يا سادتي إزاء تلاقح مركزي بين ابناء العمومة الفكرية فى مركز السلطة. وهذا سياق خارج النص الذى بين أيدينا وداخله فى آن. نحن اذن نتحرى ونقصد الخطاب الذى صنع اللغة.
موقف سيناريو الخلاص الذى يطرحه الواثق لا يلتزم جانب غِمار المهمشين فى الاقاليم وفى المركز. كلا التغيير عبر الكفاح المسلح والحِراك المدني السلمي احتمالان قيامويان بالنسبة له ضمن قراءته للواقع السياسي والاجتماعي السوداني. وفى نهاية التحليل يسوّغ الواثق لسيناريو لا يستفيد منه مهمشي الاطراف. وحتى يُهيئ القارئ القبول بالسيناريو الاوحد يقول د. الواثق ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي والديموغرافي والنزوح خلق فى العاصمة القومية صراعاً طبقياً ضارياً بين مجتمع الاغنياء ومجتمع الفقراء تآكلت فيه الطبقة الوسطي “مما سيشعل الغضب الشعبي، الملتهب أصلا، وينذر بانقسام حاد قد يفضى إلى قتالٍ أهلي وفوضى عارمة. وهكذا، يخلص النص الى إن “التهميش والمظالم المتجسِّدة في العلاقة بين المركز والمناطق “المُهمَّشة” يجب أن لا تلهينا عن الغُبن الاقتصادي والاجتماعي للفقراء والمستضعفين في المركز نفسه، مما يهدِّد بنسف السلام الاجتماعي.” (2.7) .
كلا الغضبتان (المسلحة والشعبية السلمية) عنيفتان ،حسب الواثق، ويهددان بنسف “السلام الاجتماعي” وكأن مفهوم السلام الاجتماعي هو اولوية فقراء ومستضعفي المركز اولاً ثم ثانياً ننظر لحقائق “التهميش والمظالم المتجسِّدة في العلاقة بين المركز والمناطق “المُهمَّشة”. اذن فليصمت فقراء الهامش وييمّموا وجوههم شطر سيناريو “التسوية السياسية الشاملة” الاوحد “الذي من شأنه أن ينقذ البلاد من الانزلاق إلى الفوضى، ويحول دون انهيار الدولة، ويحافظ على وحدة أراضي السودان.” (3.1).
مشروع السلام الاجتماعي الشامل الماهل (كغيره من شُعَب الاستنارة) لن يخرج من عباءة الطبقة الوسطى العربسلامية المركزية كونه نموذج عنيف خاوى الوفاض من النزاهة كقيمة اجتماعية والعقلانية والعدالة الاجتماعية لذلك يئست نخب الجنوب من “خيراً” فيه وستخرج من عباءته نخب الجنوب الجديد ودارفور.
يضعنا النص على مشارف مفهوم سلام اجتماعي رومانسي مشبوه يرفض قدرياً كلا الصراعين: السلمي والمسلح ؛ وعلى ذلك فليتنافس المستوزرون القدامي والجدد فى الحواضر المركزية والهامشية والمتنفذين. قدامي جنرالات الجيش والامن وشرائح جديدة فى الحضر من الطبقة التجارية والطبقة الوسطي فى قطاع الخدمات وغاسلي الاموال ، لهم مصلحة قصوى فى سياسات الخصخصة والفساد ، شرائح انخرطت فى المجتمع الاستهلاكي الحضري ولاعلاقة لها بالاغلبية المسحوقة العاطلة.
شملة كنيزة النص المهرود 3:
يعلى النص من شان المؤتمر الوطنى بصورة غير مباشرة فى صيغة استهتار مرير بالمعارضة بوصفها بعدم الجديّة. يقول الواثق “ان قوى الجبهة الثورية وأحزاب المعارضة السياسية عليهم ان يظهروا للشعب السوداني ، فى المقام الأول ، وللمؤتمر الوطني بانهم جادون فى الدخول فى حوار واسع”
تأمل معى هذه العبارة الاقصائية الساخرة وهي تضع الجبهة الثورية والأحزاب المعارضة خارج جسد “الشعب السوداني” على سبيل العَرَج المنطقي واطلاق الكلام على عواهنه بتسجيله إدانة قَبْلية (سُمبهار) كونه لم يقل لنا من اين أتت تلك الأغلبية الصامتة التى اسماها الشعب والتى لا علاقة لها على مايبدو بشباب الاحزاب التقليدية والنساء اللواتي ثُرن وجُلدن وعُذّبن واغتُصبن ومازلن فى الحضر والتخوم بواسطة أمن المؤتمر الوطني الذى يود د. الواثق ان يرتق فتقه ويعيد مصداقيته. وبذات التبسيط دعاهم الى إظهار جديتهم أمام جسد شعب هلامي مقدّس ثم إظهار تلك الجدية امام من؟ امام المؤتمر الوطني العزيز الجبار المهيمن ذى المصداقية المفقودة!!
لا تصدُر سخرية الواثق من المعارضة بشقيها المسلح والسلمي من موقف أخلاقي ومبدئي بل من واقع ضعفها وقوة النظام الحاكم لأن له نفوذ قوي وفعّال يصر ،حسب الواثق، “على الانفراد بالسلطة والهيمنة التامة على مؤسسات الدولة” و “يُصِرُّ بعنادٍ على احتكار سلطة الدولة وعلى الاستبعاد الكامل والإقصاء للقوى السياسية الأخرى” . أما منطقياً نستغرب كيف يسلس للواثق ان يعلي شأن من له دور اساسي فى صناعة هذه البنية الاستبعادية الاقصائية ويرشحه كبطل قومي حتى على سبيل التمرين الاكاديمي الفضولي.
لايجوز اذن ضمن هذه الهيمنة والاستبعاد ان يضع د. الواثق على عاتق هذا المؤسسة ورئيسها الحزبي والقومي تقعيد تحوّل ديمقراطي ومخرج آمن .
وكأننا يازيد مسحنا كل التاريخ المعاصر واعدنا كتابته من جديد. من اي حكمة يصدر هذا النص العجيب الذي يطالب فئة المهمشين من احزاب وقوي هامش جغرافي باظهار الجدية والتوبة ياحبوبة أمام الجلاد الفاسد المفسد؟
إمعانا فى التطفيف الايدلوجي والتشكيك فى المعارضة ، يضيف النص لصورة الشعب نخب لبرالية متعلمة ذوي حظوة تشكك فى المعارضة كبديل ممكن ومحتمل فى قوله “الكثير من السودانيين ، حتى بين اولئك الأكثر ليبرالية وممن نالوا حظاً أكبر من التعليم لايرون كيف يمكن لهذه القوى ان تساعد فى تحريك الأوضاع الراهنة الى الامام.” ومرة أخرى يؤكّد قناعاته عبر لسان “كثير من الناس” ويثقل موازين مصداقيتهم كونهم نخب متعلمة وكمان أكثر لبرالية !!
يتجنب مجمل النص ومابين سطوره نقد واقع تحميل الازمة لحزب المؤتمر ورئيسه حتى لا يفسد عليه اقتراح وضع الكرة فى ملعبه للمرة الرابعة والعشرين.
ثم يمعن النص فى السخرية بظل الفيل (المعارضة) ويطالبها بان تشرع فى جهود علنية وملموسة يؤكدون فيها للمرة الرابعة والعشرين انهم “يقفون مع التغيير السلمي والتسوية السياسية” بإنشاء “لجنة رسمية “مثلاً وكأن عشرات الاتفاقيات لم تُعقد وتُوقّع من قبل ولم تكوّن وزارات ووزراء وبروتوكولات ولجان ذهبت نارها ورمادها جميعاً ادراج الرياح وآخرها نص “الدوحة” طريح الموت السريري ، او الموت الدماغي لو شئت!!
ثانياً : عدم تماسك السيناريوهات منهجياً ومفهومياً ومنطقياً
يكمن عدم انسجام الأطروحة فى نيّتها تبرير اللامعقول وهو اعادة تثبيت اللاعقلاني وعدم احقاق الحق البسيط والواضح ؛ وهو ان تفكّك الدولة الراهن او الوشيك هو حصاد أيدلوجية حركة الاسلام السياسي المطلقة الاحادية الاستبعادية الاقصائية العقائدية فى تحالفها مع رؤوس الاموال العالمية والاقليمية ومؤسساتها. هذه الحركة هى جزء أصيل من جهل نشِط كوكبي يضم التنظيم العالمي للاخوان المسلمين ويدّعي “ان العالم يعيش فى حالة فراغ فكري وروحي وقيمي وحضاري” (حيدر ابراهيم ، مراجعات الاسلاميين) وهى حركة زئبقية تفتقد الحوار الجاد مع النفس ومع العصر كما قال احد كوادرها الصابئين، فكيف تتحاور مع الآخر؟. هؤلاء جزء من حركة حلّت نفسها فى الباطن بعد ان وصلت للسلطة وتركت النظرية والتفكير المضني ولجأت للشعار ؛ أما فى الظاهر نحن امام “بطل قومي” تحت الصنع كان رئيساً لمجلس “ثورة” هيأ نفسه حتى أصبح أمين عام . حركة اسلامية من أهم مؤسساتها “امانة الذكر والذاكرين” و أرقي مكاتبها “مكتب التجار” ؛ حركة تتمترس فى بنية تحالفات استراتيجية متداخلة بين السوق والأمن والقبيلة (بجهويتها وعرقيتها) !! حركة محاصرة ،حتمياً، بزمكان العولمة الطاغية وحكومتها اللبرالية الجديدة.
لابد ان يحدث نشاز فى نص الواثق (الذي يريدنا ان ننزل النهر الواحد مرتين)،كونه تحاشي هذه الحقيقة البسيطة فطفق يحسب الليمون مع الجوافة فى حساب الكوار.
يهوّن الواثق المنطق بجمعه ذئاب السلاح مع حملان التغيير السلمي ، بتهويله حراك التغيير المدني السلمي فى المدن الى “قتال أهلي وفوضى عارمة” وتقليصه الطبقة الوسطي فى النص حتى يتسنّى له (وهم جنرالات ووكلاء وزارات ووزراء ومدراء بنوك ورؤساء مجالس ادارات وشركات ومستشارون قانونيون وفقهاء شرعيين فى طريق الترسمّل ورؤوس اموال عربية وصناديق التمويل الخ) تهويلخطورته “مما سيشعل الغضب الشعبي” فيصعّد الغضب الى فوضى عارمة !!!
تنشُد الورقة سيناريو يحبط “الحلول المفروضة من الخارج” ؛ ولكنها تتناسى ان بنية وأيدلوجية السلطة الجديدة التى تريد بسطها على العباد لا تشتغل الا فى سياق استعداء الخارج واستدعاء تحرّشه. كل سياسات البشير وحزبه الحاكم تدعو للحلول المفروضة من الخارج :كالتهميش والاستبعاد وقصف مواطنيهم المدنيين بالانتونوف وتجويعهم وبناء السلفية فى الخفاء كسلاح عند اللزوم. قناعة كثير من الناس فى تقديرى هى انه بذهاب الظلم والايدلوجية المطلقة سيذهب العنف والاستبعاد المطلق ، ولو رويداً رويدا.
عدم تماسك النص يمسك يتلابيبه المنطقية حيثما وليت وجهك داخله. لا يجوز ان أن تخوض الورقة فى رؤية تزعم انها تقدم تحليلاً صائباً “للنزاعات المسلحة المتفاقمة، والانقسامات السياسية العميقة، والانبعاث المقلق للنزعات العرقيَّة والإثنيَّة والقبليَّة” ؛ فتبني للمجهول القوي السياسية والاجتماعية والطبقية التى فرّخت الازمة ورعتها عبر مشروع مقصود معلن سمّته المشروع الحضاري. الحق أقول مرة أخرى: صياغة سيناريوهات واستراتيجيات من “كِضِبْ ما بتقوّم بُنا” (خاصة ونحن بصدد بناء الدولة) باستثمار عبارة الشاعر حمّيد البليغة.
عدم انسجام النص ومربط ربكته وخلاصته العائرة يصدُر أصلاً من فرضية مسكوت عنها فى كل الورقة مؤداها أننا نجهل طبيعة بنية النظام والمؤسسات الحاكمة التى نتعامل معها وتاريخ علاقتها بالآخر ،مطلق آخر، حتى داخل بنيتها ؛ ورؤاها واستراتيجياتها وتكتيكاتها واهدافها القديمة والمتجدّدة وحدود تنازلاتها الحقيقية والزائفة.
هيّأتنا الورقة انها تطلب النجوم ولا تطمح الى تغيير بسيط وسطحي وانما “مساسٍ جوهري ببنية السلطة وتركيبة الحُكم” ؛ (1.1) منذ صفارة البداية برفضها للسيناريو الاول الذى “لا يؤدي، بأي حالٍ من الأحوال، إلى التحوُّل الديمقراطي، كما لا يُعَدُّ أو يُشكِّل مخرجاً آمناً من الأزمة الوطنية المستفحلة والمتفاقمة في البلاد.” (1.3) . هذا المنطق الداخلي الصخري (ظاهرياً) للورقة سرعان مايصبح عِهناً منفوشاً فى نهاية التحليل . أول شروط النظام الحاكم وعلى رأسه عمر البشير (ومن بين يديه ومن خلفه من السلفيين) أنه لن يقبل باي شرط يمس جوهرياً بنية السلطة وتركيبتها حتى ولو تراجعت قطعة الارض التى يحكمها الى مثلث حمدي.
هكذا تركتنا الورقة فى حيرة امام حزمة كبيرة من التناقضات محشورة فى سلّة واحدة.
آيدلوجيا صناعة البطل القومي الاسطوري (صورة عمر البشير ككاريزما ميتافيزيقية):
لمست فى نص الواثق غرائبية استهدفت فى نهاية التحليل وتحصيل الحاصل حشد وتعبئة رأي عام لصالح نموذج إسلام لا عقلاني ،فكرياً وتطبيقياً، وتطبيع الحركة السياسية علي نَسْقه وسياقه لعلّها تتغاضى عن قبحه وبؤسه حتى يتعقلن الجميع على صورته. صحيح ان الواثق لم يقل ذلك بصريح العبارة ولكن بعث تَرَب البِنيّة 4 البعّاتي من قبره يعني ذلك فى منطق النص. لاحظ يُقال ذلك فى زمن انفضّ من حوله كوادر صفّه الاول مثل د. عبد الوهاب الأفندي و المحبوب عبدالسلام ود. التجاني عبدالقادر الى حين يُبعثون مرة اخرى فى فقه ضرورة ومصلحة طازجيْن.
ضمن هذا النص الذى بين ايدينا تنطرح شخصية الرئيس عمر البشير – وهو على مشارف ربع قرن من الحكم – وكأنه فى مقتبل العمر ، يرجو منه الكاتب د. الواثق ان يلعب دوراً ذهبياً حاسماً ينمسخ فيه الى “بطل قومي وزعيم سياسي” (كذا) ، ولمّا تفارق آذاننا وارواحنا ومشاعرنا بعدْ ذبذبات إهانات عمر البشير البذيئة لرعيته “الداير يقلعنا” و”الحشرات” تماماً كسماعنا “جرذان” القذافي قبل اقل من عام. أقول تنطرح شخصية الرئيس فى نص د. الواثق كقيمة متعالية وأسطورة خارج البنيات والتناقضات الاجتماعية الاقتصادية السياسية النفسية والدينية والخيبات القياموية التى تخلّقت فيها ومنها وبها شخصيته ، فأصبح بنعمة النص رمزاً وقائد أمة ، فبطل وأسطورة عند د. الواثق احد كتّاب النص ؛ وفى ظنى الضعيف ان هناك كتاب وجنود من عند ربّك افتراضيون كتبوا النص وصاحبه على سبيل قراءة الخطاب.
يتوّج النص بطلاً وهمياً ، كون الأسطورة الدينية التى انطلق من لدُنها عمر البشير وأحزابه إرتدّت ضدّه ، والقيم الدينية التى راهن عليها انفلتت من بين يديهم ومن حوله وتفسّخت ، واصبح الشعب فى مخيلته رعايا يهشّ عليهم بعصاه ، وغدا الدين موضة ، وأصبحت مؤسسات السلطة ووممارسات محسوبيها الحزبيين والانتهازيين حوله مصنعاً كبيراً للازمات اليومية. إذن نحن إزاء شخصية ترمز بجدارة للإملاق الايدلوجي والخيبة ؛ هو ذات نفسه دون سواه رمز لجرائم بشعة ارتكبها وأمّن عليها ووثقها بترهاته وسبابه في حق الشعب ، ونظّم لابادات شملت شعوب جبال النوبة ودارفور ، والغى الدستور وحل الأحزاب والمنظمات المدنية ، وشارك فى تقنين الفساد ونهب أموال الدولة وسرق مع بطانته الحزبية وغير الحزبية اموال الحج والعمرة والزكاة، ثم أتي بام الكبائر (وهو تقسيم الوطن السوداني القديم) .
نزعم فى ذات السياق ان نص د. الواثق افتقد مصداقية اضطرته الى تكويم عويشٍ ونفشِ عِهْنٍ كثيرٍ من الكلام ، سنبيّن خطله بنقد لاعقلانية النص ولا معقوليته الظاهرة وتأويله بإعادة النظر فى معاني الكلمات وفيما ورائها ، وهو يسعي الى إعادة توفير شروط لتوازن النظام الايدلوجي المتطرف بذريعة تفكك السودان المحتمل.
ضمن هذا النقد يتبيّن لنا إن الذات الكاتبة انسجمت مع تطلعات النظام السائد المهيمن فقامت بتظليله للتمويه ، ثم اقترحت تسويات غريبة تحتفي بالسائد الذى كان وراء ذات الازمة ، سائد ذو ثِقل سياسي مركزي انفرد بالغنائم والامتيازات منذ حكومات مابعد الاستقلال. يقترح الواثق فى أكثر الحلقات التى استحكمت فيها المركزية بالنص استيعاب وتمثيل “القوي التى لها ثقل سياسي وقاعدة شعبية لدعم تنفيذ برنامج” يقترحه !!! وهذه وصفة كانت فى جذور الأزمة السودانية حيث سيادة “الثقل السياسي” و”القاعدة الشعبية” المركزييْن التى أعادت إنتاج دوائر خبيثة ركزت السلطة والثروة والتنمية وأتت بذات النادي ذى “الثِقل والقاعدة” المركزية ؛ وهو ذات خطاب الهيمنة الذى سمّي جميع اهل الهامش “أقليات”! يكون الثقل القاعدي بين السطور هو محصّلة جينولوجيا أولاد البلد وبطانتهم. هكذا أصبح النضال من اجل الحقوق فى نطاق العَرضْ النظري مادامت القرارات هى من اختصاص التمثيل السياسي والديمقراطي كما قال الكاتب الجزائري محمد شوقي الزين.
قلت فى مكان آخر من هذا المقال ان الاهتمام بالهامش فى ورقة الواثق كان عرَضياً وأضيف هنا ان د. الواثق يوفّر لى انطباعاً ما بأنه يطفّف من نضالات اهل الهامش ، مما لا أجد له تفسير كوننا جميعاً نعرف موقفه الايجابي الموثق من قضية الهامش حيث كان مناصراً حيويّاً و قيادياً نشطاً فى ما اسماه ب”المقاومة المسلحة” (والبيان بالعمل كما يقولون) .
دعنى أسوق نموذجاً عابراً من ورقته. يقول د. الواثق فى البداية ان التوقيع على الفجر الجديد “يمثل خطوة متقدِّمة نحو الاتفاق على برنامج سياسي مشترك للمعارضة” (2.3) . اذن بمنطق العبارة ان التوقيع خطوة ربما تعثّرت ولكن ستعقبها خطوات كسائر طبيعة العمل السياسي. كان الاحرى والمنطقي والايجابي ان يقترح الواثق كيفية الخطوات التى تعقب توقيع الفجر الجديد. ولكن سرعان ما يقارن الفجر الجديد بمؤتمر اسمرا الذى تم فى سياق آخر حيث كانت قيادات الصف الاول فى الاحزاب الكبيرة فى الخارج واستغرق التجهيز له سنوات عديدة حسب د. الواثق. ويتعجّل الواثق قبل اكمال بقفزة يوصف فيها ذات خطوة الفجر الجديد المتقدمة فى نظره بالفشل فى قوله “الا ان هذه الخطوة فشلت في تقديم الدعم السياسي اللازم للعمل المسلح، والذي سبق أن وفَّرته معظم القوى السياسية، تحت مظلة التجمُّع الوطني الديمقراطي، للجيش الشعبي لتحرير السودان، والمقاومة المسلحة” رغم الترحيب المبدئي بها من قادة الاجماع الوطني. ويستطرد د. الواثق بذكره ان هيئتها العامة وجميع أطرافها اعلنت “تحفظها و/او اعتراضها على بعض البنود والقضايا الأساسية المُضمَّنة في الميثاق، داعية إلى المراجعة الشاملة والتدقيق في الوثيقة” (2.3). اجد صعوبة فى عدم رؤيته لما هو ايجابي فى وعد قوى الاجماع “بالمراجعة الشاملة والتدقيق فى الوثيقة” والمراجعة النقدية؟ ام حقّت عليه حكمة الامام الشافعي “عين الرضا عن كل عيبٍ كليلة/ ولكن عين السخطِ تُبدي المساويا”؟ . أخشى ان اقول ان العجلة انفرطت أيضاً من الخلفية المركزية للخطاب.
كان العشم ان يكتب د. الواثق (كعضو سابق فى الحركة الشعبية لتحرير السودان) وفى باله السقف الرؤيوى والفكري والمفهومي العالي الذى رفعه د. جون قرنق فيما يخص براح وسماحة مفهوم السودان الجديد الفضّل خاصة فى ملابسات الانشطار والتشظي الحاصل. اذن يكون من المهم فى سعيي هنا احباط استهداف تسونامي نص الواثق فى اصراره أن يُعلي مفهومياً من احتمال (بُعِث نابِلاً من حيث لا حيث) قدرة عمر البشير الفذة فى ان يصبح بطلاً رمزياً أسطورياً خارج البنيات والتناقضات التاريخية التى صنعته.
يبدو الامر وكأن مرجعية فكرية ما أمسكت بخناق البنيات والتناقضات التاريخية التى تخلّقت ضمنها المرجعية فصارت هى الاخرى اسطورة عصية على المراجعة والنقد ؛ ثم ترتد الاسطورة لتعمل على تشويه البنيات مرة اخرى وتعتّمها باعادة انتاجها كأيدلوجيا فى معانيها السالبة. نحن ازاء مشهد خالي الوِفاض من الموضوعية والعقلانية والمعقول ؛ مشهد يضعنا أمام بطل أسطورى مُحتمل على يديه أُرتُكبت أبشع وقائع جنائية فى التاريخ المعاصر بعد النازية وابارتايد جنوب افريقيا والابارتايد الصهيوني وهي: إبادة بشرية لشعوب دارفور استمرت لعقد من الزمان وحرب دموية ابادية جديدة فى جنوب كردفان والنيل الازرق وإنشطار جغرافى لثلث الوطن بعد خمسة عشر عاماً من الحرب الجهادية الاهلية أهلكت ملايين وشردّت ملايين أخرى من شعوبه.
قلت نحن ازاء نص كتبه ، فى المجاز، أكثر من مؤلف ، على سبيل التيارات والفصائل والخطابات الخافتة والهامسة والحذِرة التى تتحرك فى مشهد صحوة وغيبوبة التحالفات السياسية السودانية. استقيتُ هذا الاحساس من إلمامي بتقنية حشد المصادر
crowdsourcing
الذكي وحكمته الجمعية التى اشتغل عليها د. الواثق فى تطوير النص كحَسَنة ورصيد للنص.
تُضمِر عملية صناعة بطل رمزي عزم الواثق استعادة مصداقية مفقودة لحزب المؤتمر الوطني عبر حرصها على اعادة الكرة (فى خداع درامي) والملعب (ضمن مشهد مجازي) الى صاحب الملعب الوحيد ، فى تمويه أشبه بمجاز شليل ، وكأن شياطين مُتَوهّمون ما اخذوا الكرة والملعب من مالك الملعب العقاري واتحاد الكرة والحكّام والمشاهدين على الرغم من سطوة عتادهم وأمنهم. ثم تضفى سحرا فردانياً متفرداً لقائد عاطل مصنوع من مادة تمويه أيدلوجي وتخييل أشبه بحضرة نبوية ، تنزّل الملائكة والروحُ فيها على رئيس ليس من صفاته حكمة الريادة والتأدّب ، ومن سماته دعوة معارضيه الى مطالعته للدواس ؛ وتنفخ فيه نَفَساً جديداً تمكّنه من تحويل “نفسه الى بطل قومي، مع استعادة المصداقية المفقودة للمؤتمر الوطني”، كما قال د. الواثق!! وهى عبارة تبدو فى صيغة هبْرة روحية ذات رهان شرس تُعلي شأن من لا شأن له. وهى أشبه بقراءة كف وعشم دينيْين ، لاعلاقة لها بواقع وحال البنيات الاجتماعية الاقتصادية التى تخلّق ضمنها صاحب الحَضْرة وحزبه ذي المصداقية المفقودة.
النص الذى بين أيدينا يضمر إعلاء روحي لشأن عمر البشير ؛ ووجه الاضمار هو ان د. الواثق لم يكتب ذلك مباشرة ، وليته فعل، ولكن جوهر حِجاجه فى مقال 2008 الموسوم “طلقة فى الظلام” وهذا المقال الذى نتناوله الآن ، هو ان مقدرات الرئيس (لاحظ اختيار كلمة الرئيس التى تبطن اعتراف بشرعية سلطوية) السحرية أوجدت نفسها خارج المؤسسات والسلطات والتوازنات السياسية العالمية والاقليمية ، بل خارج حزب الاسلام السياسي الذى انتجه، وكأن عمر البشير الفرد الفذ هو الذى اخترع حزب الميثاق/الاخوان المسلمين/الاتجاه الاسلامي/الجبهة الاسلامية/المؤتمر الوطني الخ. يسوّق د. الواثق فى 2008 نفس ما يزعمه فى 2013 ، وهو محوريّة شخصية عمر البشير فى “انقاذ” السودان ، مستخدماً سياقين مختلفيْن: السياق الاول هو إدعاء المحكمة الجنائية الدولية ضد عمر البشير في يوليو 2008 ، ثم أمر توقيفه فى مارس 2009 .
يقول الواثق فى سياق 2008 “ان الادعاء فى حق الرئيس ….سيشعل فتيل الصراع على السلطة …. وتتشكّل وصفة جاهزة لانهيار الدولة السودانية ….. والانزلاق الى هاوية فوضى شاملة وحرب أهلية مدمّرة” ؛ ثم يعيد ذات المحورية والرهان فى السياق الثاني فى 2012/2013 بُعيْد توقيع “الفجر الجديد” حيث يكتب ان السيناريو الثاني “ينذر بانقسام حاد قد يفضى إلى قتالٍ أهلي وفوضى عارمة……” (2.7)
نفس المفردات وتشبيه صِيَغ المبالغة وردت فى السياقيْن (فوضى شاملة وعارمة وانقسام وقتال) وكأن المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية تحدث لتؤكّد النبوءة الكارزمية او لكأن المياه الآسنة ذاتها تمر ثانياً تحت ذات الجسر ، أو كأن احداثيات الجسر لم تغيّرها حركة الكواكب!!
الشاهد ان ذريعة اسطرة عمر البشير تخلّقت للواثق فى الحالتين؛ الحالة الاولي كانت إدّعاء المحكمة الجنائية ضد عمر البشير فى 2008 ثم توقيفه فى مارس 2009 والثانية حين استفزّ د. الواثق “احتمال” بزوغ مرحلة نوعية ثانية (على غِرار ميثاق اسمرا) ، تتلاحم فيها المقاومة المسلحة مع الصراع المدني المجرّب فى الحَضَر ، حتى ولو بدأ مولود الفجر الجديد خديجاً سابقاً لأوانه (ابن سبعة أشهر) ومتعثّراً ومتأثّراً بتلوّث لحظة ميلاد موضوعيّة.
على سياق خلفية الفوضى والانقسام (معطوفة على الصوملة) ينطرح موقف د. الواثق القديم بعد مرور اكثر من اربعة سنوات على ذات النحو بعبارات الواثق نفسه كما يلي:
“نظراً للمساندة واسعة النطاق والمؤازرة غير المسبوقة التي حظي بها رئيس الجمهورية، داخلياً وإقليمياً وعالمياً، في مواجهة مذكرة إدعاء المحكمة الجنائيَّة، دعوتُ للوقوف خلف الرئيس البشير، مقترحاً دعم ترشيحه للرئاسة من قِبَل جميع القوى السياسية على أساس برنامج وطني توافقي يضع الوطن فوق الحزب. سيكون هذا البرنامج بمثابة المانيفستو الانتخابي للرئيس، وهدفه الأساسي أن يقوم الرئيس بإكمال مهمة الانتقال السلمية للديمقراطية والتعدُّدية السياسية. ذلك، خاصة وأن ليس هناك من حزب سياسي آخر قد حسم أمر تقديم مرشحه للرئاسة في ذلك الوقت المبكر. ومن ناحية أخرى، فقد نوَّهتُ إلى أنه من البديهي أن الاتفاق على هذا الترتيب لا علاقة له، على الإطلاق، بالتحالفات الانتخابية لهذه القوى والتي تتنافس على أساس البرامج الحزبية، للفوز بمقاعد الهيئة (الهيئات) التشريعية، والمناصب التنفيذية الولائيَّة.” (3.5)
وهى دعوة تتلبّس البراءة لاعادة انتاج اتفاقيات :السلام الشامل وأبوجا واتفاق القاهرة وجيبوتي والدوحة وووووو الخ… دعوة تصدر من ذات الذهنية التى انتجت ،مع سبق الاصرار، فشل تجربة صفوة مؤتمر الخريجين كمساومة تاريخية. فى الحالة التاريخية الاولى ساوم الذهن النخبوي لمؤسسة الطائفية وفى الثانية التى بين أيدينا يتخلّق مشروع مساومة عسكريتاريا عربسلامية طفيلية مؤدلجة وفى سجلّاتها الفكرية والتطبيقية خيبات لا حصر لها ولا مزيد عليها.
السؤال المفتوح على جميع الاحتمالات هو لماذا ياترى يروم الواثق اعادة انتاج البعّاتي ويدوّر حلزونياً فى ذات الدوّامة والشيمة، شيمة عمر البشير دون سواه؟ أطرح السؤال لأن موضوعة طرح الكاريزما أصبحت هاجساً للنص وطوّحت بمصداقيته.
نقاط وخلاصات متناقضة فى الورقة:
1. الحل الخارجي:
يقترح الواثق ان وصفته كفيلة بإحباط الحلول الخارجية غير انه فى موضع آخر يؤكّد على حكمة المجتمع الدولي. يذكر الواثق قُبيل الخاتمة ان الاقتراح الذى يطرحه يهدف الى ” تجنُّب انهيار الدولة السودانية، وإحباط الحلول المفروضة من الخارج” . ولكنه أمّن فى صدر الورقة ضمن السيناريو الاول “حرص المجتمع الدولي على تفادي الانهيار العنيف لنظام الحكم، بل والدولة نفسها، أو اندلاع حربٍ جديدة بين السُّودان وجنوب السُّودان”.
منهج النظر للغابة (وليس الاشجار) يقتضي إعتبار التوازنات الخارجية وسيلة للضغط والضغط وحده. وأي خارج نقصد؟ هناك “خارج” آخر هو رؤوس الأموال العربية والصناديق العربية التى استولت على ارض وموارد السودان تحلم بدوام نظام قنّن بيع موارد كل السودان بقوانين استثمار فاسدة لاعقلانية عسي ان تطيل بقاء عصبته فى السلطة حتى ترسل أموالها المغسولة بسلاسة الى خارج السودان. متى يتم زواج متعة بين رؤوس الاموال العربية وحزب المؤتمر الوطني؟
لاحظ معى هنا اشكالية المنهج حيث الواثق يراهن علي البشير ويتناسي حزبه ؛ ويركز على السودان ناسياً البعد الاقليمي
والدولي بل يحاول تجاوزه فى الالفية الثالثة ، كونه يشنأ مُعيباً الامم المتحدة ومجلس الامن والمحكمة الجنائية الدولية بذريعة سياسوية بوصمها ب”الانتقائية وازدواجية المعايير والخضوع لدوافع سياسية” !! وهذه حقائق قديمة فى قلب خطاب الصراع الراسمالي المعولم. وفى عجلة يستخف الواثق من العامل الخارجي فى قوله ان مايطرحه سيحبط “الحلول المفروضة من الخارج” وكأن اتفاقية السلام الشامل ليس صنيعاً خارجياً بحت. وفى ذات الورقة زاد د. الواثق الطين بلة حين احتفى بدور الخارج وثمّن دوره فى قوله فى السيناريو الثالث “هكذا اصطفت الاغلبية الساحقة من البلدان الافريقية والدول الاعضاء فى جامعة الدول العربية بحزم خلف البشير فى ادانة مذكرة الإدّعاء.” (3.6)
مصالح المجتمع الدولي متشعبّة ومتناقضة وأيضاً متحرّكة وديناميكية وكل الاحتمالات مفتوحة حسب توازنات حكوماتها ومجموعات ضغطها والحشاش يملا شبكتو. ثم لا بد ان نضع فى الحسبان ان رؤوس الاموال العالمية وشركاتها ومؤسساتها ودولها قسّمت العالم “الآخر” من جديد بالتراضي.
2. مجانبة الدقّة وحسن الظن العريض فى ممارسات ووعود حزب عقائدي كتابه مفتوح:
* أزعم هنا ان الواثق يقع فى فخ حسن الظن العريض فى ممارسات حزب المؤتمر الوطني مجانياً بما يشبه المدح والمطايبة والطبطبة وكاننا نتحدّث عن تاريخ قديم لم نعش وقائعه الموضوعية. مثلاً الواثق يصف حزب المؤتمر الوطني بموضوعية فى سياق الانتخابات “في ظلِّ إصرار المؤتمر الوطني على الانفراد بالسلطة والهيمنة التامة على مؤسسات الدولة” (1.2)
ولكنه لا يستصحب هذا الواقع ويرتد عن الموضوعية بلغة ملتوية فى قوله “يبدو كما لو أن المؤتمر الوطني يُصِرُّ بعنادٍ على احتكار سلطة الدولة وعلى الاستبعاد الكامل والإقصاء للقوى السياسية الأخرى، بذريعة شرعيَّة الترتيبات الدستوريَّة القائمة على اتفاقية السلام الشامل ….” (1.5) ومصدر الالتواء هو استخدام عبارة “يبدو كما لو” ؛ فهى مُبهَمة وضبابية فى طرح لا يقبل الالتباس إزاء حقيقة ساطعة كاحتكار السلطة والاستبعاد والاقصاء.
* يصف د. الواثق الواقع السياسي والاجتماعي المتردّي فى السودان بلغة محايدة فى المقدمة مثل:
“تنامي الولاء القبلي والعرقي، وظهور الجهاديين والجماعات الإسلامية المتطرِّفة وتصاعُد نشاطاتهم العنيفة والمرعبة. ويتجلى هذا الاستقطاب السياسي الحاد في النزاع المسلح وتدهور الوضع الأمني في دارفور بوتيرة متسارعة، والحرب الدائرة في جنوب كُردُفان والنيل الأزرق، وتردِّي الأوضاع الاقتصادية” . ان عدم وضع النقاط فى الحروف وتوضيح المسئول الرئيسي عن الازمة من سمة خطاب الورقة اوقل صناعة مشهد حيادي للباحث ؛ وكأن هذا الواقع أتي مصادفة ، وان النظام غير مسئول عن خلق الاستقطاب الجهوي والاثني وصناعة الجهاديين والتطرّف والحروب. يتحدّث الواثق عن حصاد العواصف بمعزل عن من زرع الريح. كلمة وصف مضارع الحال فى كلمة “تنامي وصعود وتدهور وتردّي” توحي بحيادية ما لباحث يطرح نفسه كوسيط توفيقي محايد و”جودية”. يتكرر مشهد الكاتب الذي لا يود أن “يغلّت” على طرفيْ الصراع و”الاستقطاب” ، حين يقول بان النظام يسعى وفق هذا السيناريو الى “المحافظة على شبكة الولاء القبلي والإثني” ، وهى خطاب طعن ظل الفيل حيث الاجدي والانفع لقول الحق ومنطق ماحدث مثلاً عبارة (والمحافظة على شبكة الولاء القبلي والإثني التى سوّاها النظام) .
* من دواعي عدم الدقة ومجافاة الحقيقة الموضوعية قول د. الواثق ان القوات المسلحة هى المؤسسة الشرعية الوحيدة فى السودان رغم “المحاولات المستمرة للجبهة الاسلامية والمؤتمر الوطني لتسييسها وأدلجتها وطمس هويتها الوطنيَّة ؛ وان بمقدورها ادارة إدارة عملية انتقال سلمي للسُلطة.” (2.4) ثم يشتط متعجّلاً بقوله “وربما، أثبت الإعلان الرسمي عن محاولتين انقلابيتين، خلال الربع الأخير من العام المنصرم، أن القوات المسلحة، خلافاً لاعتقاد بعض الأوساط، لا تزال على درجة عالية من الحس الوطني وتستجيب لدعوات الإصلاح السياسي” وهو يعلم ان ما اسماه بالاصلاح السياسي هو عبارة عن وجود تيار داخل الجيش يعمل لمصلحة تيار انقسامي خارج الجيش ، وداخل الحركة الاسلامية كما فى حالة العقيد القيادي المُسيّس المؤدلج ود ابراهيم قائد احدى المحاولتين الانقلابيتْين الاخيرتيْن. القوات المسلحة ،مثلها مثل الشرطة، على درجة عالية جداً من التسييس حسب الوضع التراتبي للمؤسسة العسكرية لذلك تتجاوزها المؤسسة الامنية المنحازة لتيارات اخري وتضعف شوكتها وليس لحسّها الوطني العابر للقوي الحاكمة والمتنفّذة. بالاضافة الى اشكالية وصف القوات المسلحة وكأنها جسم واحد متجانس صمد يرى بعين فئة طبقية واحدة.
3. غياب توفّر الارادة السياسية لدى البشير وحزبه:
ينطلق الواثق من افتراض اساسي هو “ان مصدر السلطة وصاحب القرار ومحور القوة الوحيد فى النظام هو الرئيس البشير” فى عبارة الاستاذ خالد التيجاني النور فى ورقته “الواثق كمير وحظوظ خطة هبوط آمن” . تصوير البشير وكأنه لاعب يمسك بكل الخيوط وحده قراءة تبسيطية للواقع كونه يقود بدعم من التيار القوي داخل العصبة من أمن ورؤوس اموال ومليشيات ومحاسيب وجزء من الجيش. وهو محكوم أيضاً بحسابات دوائر الاسلام السياسي واستراتيجياتها وخططها الاقليمية والعالمية الاقتصادية والمصرفية بمختلف مشاربها ورغم تناقضاتها ثم فوق ذلك الدوائر الراسمالية الاقليمية والعالمية التى هيأت لها حكومته أراضٍ وموارد للاستثمار الرخيص فى السودان التى لاتحلم به أين حلّت. اذن الخطل المنهجي يكمن فى الفرضية المحورية فى النص التى ترشح البشير كبطل اسطوري وجوهر الحل ، والتى تتناسى ان القذافي الذى كان يمسك بجميع الخيوط انقلبت عليه الخيوط واحاطت بعنقه!! ليس ثمة خيار “هبوط آمن” أو “خروج آمن” او يحزنون ؛ كل احتمالات وضع البيض فى سلة واحدة ، ومن ثم الرهان عليها بالتحالف مع عمر البشير مربكة واشكالية.
4. إشكالية الباحث المحايد
أحد إشكاليات منطلقات النص ان د. الواثق فى حجابه وكأنه يصدر من موقف باحث مستشار ومراقب محايد يتموضع فى بُرج نفسي خارج مشهد قياموي لحمته وسداه “الاستقطاب والاحتقان والتوتّر والانشقاقات الحزبية الافقية والراسية والولاءات القبلية والاثنية” كما فى عبارة الواثق. اشكالية ذريعة حيادية شخصية الباحث المزعومة ، التى تطلب المصداقية، تحجب حِنكته السياسية. لا أدرى من حيث أتموضع لماذا يتحاشى د. الواثق لعب دور السياسي القيادي ، رغم ان جوهر الورقة سياسي بحت ينطلق ويصدر من ذات قيادية درجة اولي تطرح سيناريوهات سياسية معمليّة صرفة للخلاص من فوق وضع فى غاية التعقيد!!
السؤال الذى يطرح نفسه بإلحاح هو لماذا يسعي كاتب فى ذكاء د. الواثق الى لعب دور المراقب المحايد فيكتبه النص بدل ان يكتب هو النص. أقصد بذلك انتاج نص غير متماسك داخلياً وأقرب الى التمرين الاكاديمي يبعد من فرضياته تعقيد الصراعات الطبقية والايدلوجية الاقليمية والعالمية التى تعيد انتاج البشير نفسه وبطانته وحزبه وموازنات ترفعه الى مقام فارس حوبة، “ود بلد” يستبطن تراكمات فارس القبيلة فى مشهد العرضة على صدى غناء الحكّامات فى عرس السودان الكبير الذى يتوسطه كراقص يهش بعصاه على الرعية.
ازعم ان الرهان على احتمال واحد ضعيف هو بطولة عمر البشير ، ورّط الواثق فى اهمال تماسك النص واضطراره الى عدم تحرّى الدقة فى اختيار المفاهيم والمصطلحات.
يشيئ ظاهر الطرح هنا بحل الازمة والخلاص وتوازنٍ مزعوم ؛ أما باطنه ينطوي على نسيان غمار الناس المهمشين كمفاعل نووي ومركز قومة المجتمع التنموي وقعدته ويستبدله كل ذلك بمعادلة صفرية يلفّها ويطويها ساسة فوقيين على جانبيْ النهر القديم.
لا سبيل الى رومانسيات لعبة فوز جميع اللاعبين ، إلّا على أساس تراضٍ ضمن عقد اجتماعي يتم بعد تفاوض ومؤتمر عام يشمل الجميع ، فيه تنازل طوعي من الطرف القابض الاقصائي الاستبعادي. هذه فرضية محتملة خارج جميع سيناريوهات وحسابات النظام العقائدي الحاكم كما كانت خارج حسابات نظام الكتاب الاخضر المقدّس حينئذٍ (مثله مثل النظام السوري الذي سينهار وستنهار معه موارد وأراضٍ كما سنري) اللهم الا اذا تأزّم الموقف واكتمل التدخّل العالمي على المستوى العسكري فى السودان.
خاتمة:
فى الختام أعيب على ورقة د. الواثق عدم تاريخانيتها كونها تتعامل مع عمر البشير كشخصية اسطورية خارج مانعرفه عنه منذ 1989 وقيل قبل ذلك بكثير. أحسب على الورقة أيضاً انطلاقها من مواقع راسخة فى الخطاب المركزي ولا يشفع لها انها ذكرت حقائق تعضّد الهامش فى مواضع متفرّقة.
هشاشة النص واهتزازه وعدم تحرّي الدقة والتعقيد وافتقاده التماسك الداخلي والموضوعية يكمن فى إصراره على سيناريو واحد صمد يتناسى مصير الطغاة من حولنا (صدام وحسنى مبارك وبن علي والقذافي وعبدالله صالح الخ) ويخرج من هذا الواقع بحضرة نبوية تحول الطاغية الى “بطل قومي وزعيم سياسي” . هكذا يطرح الكاتب نفسه كمستشار وناصح أمين أكاديمي محايد؛ ينطلق من منطقة وسطي بين الجنة والنار وخارج الصراع المحتدم والاستقطاب والاحتقان والتوتر والانشقاقات الحزبية والولاءات القبلية والإثنية ؛ لذلك تنطرح الأزمة مبنية للمجهول والمضارع البريئ وكأنها بدون فعل فاعل ؛ وافقدت النص مصداقية ونفاذ وحكمة ان يشير بصارم العبارة الى اسباب واقع التشظي والفساد والعنف والاستبعاد والإقصاء والاستفراد بالثروة والسلطة طيلة تنفّذ المؤتمر الوطني. لذلك تقاصر النص عن نقد الإملاق الفكري وبؤسه وانفتح على مجاز افتقد بريق الصدق والنفاذ ؛ مجاز باهت من البلاغة يعطى الكرة والملعب مرة اخري لمن عاث بهما وفَجَرْ.
كلمة أخيرة ومهمة:
فى الحقيقة لا يهمنى ان لعبت خمر ايدلوجيا وجينيالوجيا وأمنلوجيا الطبقة باللاعب الراقص الفذ الاسطوري عمر البشير فى هذا النص ؛ بقدر ما يهمّنى الاختلاف مع لاعب حريف رافق د. جونق قرنق (ومعه كبار نفوس فى وزن الذهب كمحمد يوسف ومنصور خالد وياسر عرمان وآخرين وآخريات لاسبيل الى معرفة اسمائهم/ن) ، وهو د. الواثق كمير وأقول له مردداً المتنبئ:
ولم أرَ فى عيوبِ الناسِ عيباً / كنقصِ القادرينَ على التمامِ
تنويه وهوامش:
* بدأتُ كتابة تعليقى على مقال د. الواثق كمير الشائك والاشكالي والخلافي الموسوم ب”الكُرَةُ في مَلْعَبِ الرَّئيس / تفكُّك الدَّولة السُّودانية: السِّيناريو الأكثر تَرجيحاً) أثناء عملية تحشيده لعصف فكري كنتُ ضمن من ارسل لهم المسوّدة بحكم العلاقة ، كونه كان فى حكم استاذي الافتراضي فى جامعة الخرطوم. ولما قرأت النص منشوراً على الملأ فى الساحة العامة أعدت قراءتي للمقال وألبست تعليقي بدلة وربطة عنق علّها تناسب جلال قدر المقام العام.
* يوجد مقال د. الواثق كمير موضوع التحليل فى هذا الرابط:
http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-86892.htm
1. استخدمت ذات عبارة د. الواثق فى تلخيص مقاله.
2. جاك دريدا “ما الآن؟ ماذا عن غد؟ الحدث ، التفكيك، الخطاب” اشراف محمد شوقى الزين، 2011، منشورات الاختلاف.
3. يقول المثل “شملة كنيزة تلاتية وقدّها رباعي” كناية عن ان المسألة كثيرة الثقوب ؛ أى كأن ثقوبها أكثر من مساحتها. 4. تشيئ اسطورة تَرَبْ البِنَيّة (مصغّر بِنْت) ، او “تيراب” البِنَيّة بمدخل عنصري عن سلالات يقومون من الاجداث بعد موتهم وقبل البعث المعروف ؛ وتصف بعض الاساطير انهم مصابون بالخنخنة كما يلجأ البعض الى ايجاد سند احاديث دينية لتسويغها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.