الخرطوم - سيف جامع بالأمس استقبلنا ذكرى مرور (58) عاماً لإعلان الاستقلال المجيد من يد المستعمر، ومياه كثيرة قد جرت منذ ذاك اليوم 1/1/ 1956م، وبالتأكيد فإن تلك الذكرى ارتبطت بزعماء سجلوا أعظم المجاهدات في مشوار نضال وطني تكلل بطرد المستعمر وإعلان السودان دولة مستقلة، ومن بين هؤلاء الزعيم «إسماعيل الأزهري» الذي رفع العلم الاستقلال في ذاك اليوم، فرغم ما حققه الزعيم «الأزهري» من انتصار كبير، إلا أن الرجل عاش مكافحاً فقيراً زاهداً حيث كان وضعه الاقتصادي متعثراً، وحسابه الذي وجدته لجنة البحث والتحقيق في أحد البنوك كان شاهداً على أنه لم يكن ثرياً رغم أن مال الدولة كله كان بين يديه، وكما يقولون فإن (القلم كان بيده)، لكنه كتب نفسه شقياً لتصبح تلك الشقاوة نيشاناً ووساماً يوضع على سيرته الناصعة البياض، (المجهر) حاولت تقليب ذاك السجل الناصع لمعرفة قصة الرصيد الزهيد الذي عثر عليه في حسابه وتركته الأسرة دون أن تسحبه ليكون شاهداً على أمانته. ترك ديوناً ومنزلاً مرهوناً وغادر الحياة راضياً لم يترك «الأزهري» عندما لبى نداء ربه تركة لأسرته، بل ترك لهم ديوناً ومنزلاً مرهوناً بعد رحيله، وتقول رفيقة دربه وزوجته السيدة «مريم مصطفي سلامة» في حديث صحفي نشر بجريدة (الأيام) في الثمانينيات (جاء انقلاب مايو ووجد منزلنا مرهوناً بمبلغ (13,5) جنيه، وقامت السلطة الانقلابية بفك الرهن، وقد رحل الأستاذ «الأزهري» وترك لنا فقط مبلغ (120) جنيهاً سودانياً بأحد البنوك بالخرطوم ولم أسحبها حتى الآن. ابنة الزعيم «جلاء» في إفادات نادرة ل(المجهر) وعن مصير الحساب المصرفي للزعيم ب(بنك الخرطوم) وتركه مبلغ (120) جنيهاً به قالت ابنته «جلاء الأزهري» ل(المجهر) إن هذا الأمر مضى عليه أكثر من أربعين عاماً، وتشير إلى أن هنالك وثائق تكشف أن والدها اقترض من رجل الأعمال المعروف «بشير النفيدي» كما اقترض من التجار الجنوبيين ب(جوبا)، واطلعت (المجهر) على وثيقة تثبت ذلك جاء فيها وهي خطاب إلى «النفيدي» يقول فيها «الأزهري» (علمت من السيد «الحاج مضوي» بموضوع المائة جنيه الأولى وهي باقية ديناً عليّ، والآن أرجو أيضاً أن تسلفني مائة وثلاثين جنيهاً، وتكون الجملة عليّ (230) مائتين وثلاثين جنيه، وسأبدأ التسديد إن شاء الله في منتصف هذا العام، وأكون لكم من الشاكرين بهذا وآسف لإزعاجكم لضيق الظروف - المخلص «إسماعيل الأزهري»). واليوم إذ نرفع راية استقلالنا، علينا أن نتفكر في من سجلوا مولد هذا الوطن الأبي الشامخ. وفي تنقيب (المجهر) عن ال(120) جنيهاً التي تركها الراحل الزعيم «الأزهري» تأكد لها أنها ما تزال تقبع في خزانة (بنك الخرطوم)، ولكن تعذر الحصول على التفاصيل من إدارة الأرشفة بالبنك.