*"حسين الصادق" في (مطب) "عركي" محمد إبراهيم الحاج *بمحض الصُدفة استمعت إلى الفنان الشاب "حسين الصادق" وهو يردد أغنية (واحشني) للموسيقار "أبو عركي البخيت" الذي أراهن عليه بشدة في أن يكون امتداداً لجيل المطربين المؤثرين بشدة في المشهد الغنائي الشبابي، كونه يمتلك الموهبة اللازمة وكثير جداً من الذكاء والقبول الاجتماعي، كما أنه استطاع أن ينقل تجربته الفنية ويبتعد بها خطوات بعيدة خلال سنوات قليلة و(فات الكبار والقدرو) في مضمار النجومية التي اكتسبها بجده ومثابرته وإيمانه القوي بموهبته.. * وقبل أن أعلق على أداء "حسين" للأغنية اقول إن ابن "الصادق" هو ابن هذا الجيل الذي أدرك بذكائه الفطري كثيراً من المطلوبات التي يمكن أن تسرع بخطواته الفنية.. هو يلمس بعض تلك القضايا دون أن يحدث خللا في المنظومة القيمية الجمعية.. واستطاع أن يجمع حوله كثيراً من الشباب ويكتسب نجومية حقيقية دون أن يلجأ إلى خلق صدمات اجتماعية ليلفت له الأنظار _مثلما فعل الناشيء "أحمد فتح الله"_ ولهذا فإن مكتسباته الإبداعية سوف تظل صامدة فترة طويلة لأنها قائمة على موهبة حقيقية _غير مصطنعة_ أو مرتبطة لأحداث وقتية سوف تنتهي بزوال مسبباتها. * استمعت مؤخراً إلى "حسين" وهو يردد أغنية (باب السنط) للراحل "محجوب شريف" التي شدت بها فرقة (عقد الجلاد) الغنائية فأجاد "حسين" أداءها بصوته المترع بالشجن، ورغم أن الأغنية اعتاد الناس على سماعها من مجموعة غنائية، إلا أنه استطاع أن يؤديها بطريقته الخاصة، ثم استمعت له يردد بعد ذلك الياذة "أبو عركي البخيت" (واحشني) للشاعر "التجاني حاج موسى" التي صمدت عدة قرون.. وبدأ من التسجيل أن الأغنية رددها خلال حفل عام. *بدا أن "حسين" أدى الأغنية بطريقة مرتجلة وربما لم يقرر قبل وقت كبير ترديدها وظهر ذلك واضحا من ضعف التنفيذ الموسيقي للأغنية الذي كان واحداً من الأسباب التي ظهرت فيه الأغنية بكل هذا الضعف.. *لم يجتهد "حسين" كثيراً في أغنية تعتبر من الأغاني السودانية الضخمة جداً والتي لها تأثير وجداني كبير على أجيال متعددة من المجتمع السوداني.. "حسين" راهن على صوته في (تجريب) أغنية لا تحتمل أن يتم فيها التجريب.. *خاض "حسين" تجربة أداء (واحشني) دون أن يتسلح بالمعينات اللازمة.. فلا اظن أنه عكف في بروفات مكثفة لإخراجها بالطريقة التي ينبغي أن تخرج بها أغنية تمتلك كل خواص البقاء السرمدي.. وأن يجلس مع الموسيقار "أبو عركي البخيت" ليقدم له مفاتيحها وشاعرها "التجاني حاج موسى" لمعرفة النطق السليم لكلماتها.. *حاول "حسين" تقمص إحساس "عركي" ولكنه لم يستطع إيصال شحنة الشجن العالية التي تميزها دونا عن أغنيات "عركي".. رغم محاولاته المتكررة.. * غامر "حسين" كثيراً بترديد أغنية مثل واحشني دون أن يكون قد تهيأ لها جيداً.. فهي ليست مجرد أغنية عادية يمكن ترديدها في حفل جماهيري وينتهي أثر ترديدها، ولكنها سوف تظل من المحطات المهمة في مسيرة مغنٍ بدأت تتشكل خطواته بنجاح وبثقة.. * سبق أن تغنى المطرب الشاب "منتصر" الهلالية بأغنية (الشجن الأليم) ورغم أنه أجادها بشكل نسبي إلا أنه أفرط في ثقته، ومضى إلى تخصيص حفل كامل لأغنيات الراحل "مصطفى سيد أحمد" ووقع في مطب (أبو السيد).. وهزت هذه الجرأة الزائدة من "منتصر" الهلالية أقدامه كثيراً لأنه لم يكن مستعداً لترديد أغنيات الراحل.. *ذات (المطب) الذي وقع فيه هلالية وقع فيه "حسين الصادق" بمغامرته الجريئة غير محسوبة العواقب.. فمضى معصب العينين للوقوع في مصيدة "أبو عركي البخيت".