نجومية الصحفيين كارثة، فهي تجعلهم (تحت العدسة)، وتتطلب منهم ركضا ولهاثا دون توقف، وتجرجرهم إلى قاعات المحاكم، وتجلب لهم الكثير من العداءات، وفوق ذلك تكتم أنفاسهم وتقلق منامهم .. وقد تفقدهم وظائفهم وتخرب بيوتهم ! إنها صورة معكوسة للنجومية، فالجوهرة السوداء (بيليه)، والذي ترك الملاعب منذ أربعة عقود، ما زال نجما يحصد الثمار، ويلقي المحاضرات، ويجري الحوارات واللقاءات والدردشات مدفوعة الأجر، ويشارك في الإعلانات التجارية .. وما أدراك ما الإعلانات التجارية .. بملايينها التي لا تنضب .. وبريقها الذي لا يخبو ! نجوم آخرون .. في رياضات أخرى، ومجالات متنوعة .. وخصوصا مجالات الغناء، والدراما، اقتحموا حقل الدعاية والإعلان، فزادت أرصدتهم في البنوك، وارتفعت (قيمة) نجوميتهم .. ليحصدوها نعيما ماديا يستحقونه، حيث أعطوا ما أعطوا، ومن حقهم أن ينعموا بثمار ما بذروا ! حتى اهل السياسة .. يرغون ويزبدون، ليصبحوا بعد ذلك نجوما .. فتأتيهم المناصب بكل إغرائها ومدخولها المادي، ويجتمع لديهم الجاه والنفوذ والمال والنجومية .. وما أشد بريق هذه الرباعية حين تجتمع في إنسان ! حتى بعض الناس العاديين، قد يصبحون نجوما في المجتمع، وهي مسألة حظوظ، وقد شاهدنا بعض الجدود والحبوبات العاديين .. يتحولون إلى نجوم متألقة في مجال الإعلانات التلفزيونية، لتصبح صورهم بعد ذلك جاذبة ولافتة، ويتم تعليق تلك الصور المكبرة في البنايات العالية، ومواقع الدعايات في الشوارع، فتزداد نجوميتهم، وترتفع مداخيلهم المادية .. زادهم الله مالا ونجومية ! أما الصحفيون، فحالهم والله حال، فهل سمع أحدكم عن صحفي أو كاتب عمود شارك في إعلان تجاري ؟ وهل سمعتم بصحفي أو صحفية ينعم بعسل دائم من الحكومة والمعارضة معا ؟ هل سمعتم بصحفي يمكن أن يصبر عليه القارئ دون أن يطالبه بشكل دائم بالجديد .. وهل سمعتم بصحيفة تقوم بتعيين كاتب أو محرر معروف .. لتجعله ينام في أروقة الصحيفة دون عطاء ؟ بهذه المناسبة، فقد سمعنا من قبل عن ممارسات في بعض الأندية الرياضية، وهي تسجيل لاعبين جيدين لا حبا في عطائهم، ولكن رغبة في حرمان الخصوم الآخرين من تسجيلهم، ليصبح مصير اللاعب المسجل هو المكوث في دكة الاحتياط بقية عمره .. مع الإيفاء بالتزاماته المادية منعا للتململ والانفجار !! الصحفيون لا يحدث لهم ذلك، فهم مثل حصان الكارو، مطالبون دوما أن يركضوا، وهو ركض يمنحهم نجومية، لكنها نجومية شديدة الأعباء .. ولا يجنون منها في معظم الأحوال .. سوى وجع القلب .. والمصائب من كل شاكلة ونوع ! النجومية المثمرة هي نجومية الكفر والوتر، ومعها نجومية السياسة لمن يعرفون السباحة في خلجانها، لتدخل أخيرا نجومية الدراميين وأهل التمثيل والمسرح .. وهي نجومية ذات بريق عال يجلب المال، وتتيح الفرص في الأعمال الدعائية والإعلانية، وتفتح الأبواب لعيش رغيد يستحقونه أيضا عن جدارة .. بعد أن ملكوا القلوب إبداعا وفرحا وجمالا . أما نجومية الصحافة والإعلام .. فهي مثل نار (العويش) .. تتوهج سريعا، دون أن تثمر دفئا لصاحبها، أو راحة له في حياته ، وإذا اكتمل اشتعالها .. سارعت لتخبو بذات الإيقاع الراكض .. لتصبح بعد التوهج كالصريم ! أرزاق يا دنيا !