* حشود بشرية على مد البصر.. أعداد كبيرة غطت قرص الشمس.. حجافل تدافعت من شتى بقاع الأرض، وأفواج تقاطرت من كل فج عميق.. ألسن تلهج بالشكر لله سبحانه وتعالى، وأكف ترتفع ضراعة للسماء إبتهالاً وذكراً ومناجاة ودعاء.. الوجوه تغرق في الدموع أثناء طواف بيت الله الحرام، ومن لم يكتفِ برفع يده وأستطاع الوصول للحجر الأسود أو تعلق بأستار الكعبة المشرفة بكى معاصيه بحُرقة ونزف سيل خطاياه هناك.. المشهد مهيب، ولحظات أداء مناسك شعيرة العمرة في ليلة السابع والعشرين من رمضان استثنائية، والموقف عظيم.. (وما أجمل الخروج في شهر الصيام تقرُباً للمولى عز وجل، وطلباً للصفح والمغفرة علي أبوب الغفور الرحيم) . * إرتفاع أعداد المُعتمرين بصورة ملحوظة وغير مسبوقة في العشرة الأواخر من شهر رمضان هذا العام تأكيد على أن خير أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لن ينقطع حتى قيام الساعة، وإن نزفت غزة دماء الخلود صارخة بلا مُجير أو نائحة بلا مُغيث في ظل حكومات خائبة، وغُدد تطرف تتغذى على تساهل المُخذلين وتتشدد حد الغلو فتهدر الدماء وتستبيح الحُرمات وتفعل ما لا علاقة له بسماحة الدين. * عشرات آلاف المعتمرين خارج الحرم المكي ينتظرون فرصة للدخول لأداء العمرة، وأضعاف أضعافهم بالداخل، وأراضي المملكة العربية السعودية تستقبل أعداداً لا تُحصى على رأس كل ساعة.. و(التوسعة) التي حدثت في الحرم المكي هذا العام تدهش المقيمين بالأراضي المقدسة ومن تعودوا على أداء العمرة بانتظام .. مبانٍ شاهقة ومساحات جديدة تم ضمها للحرم ولا تزال رقعة التوسعة المتواصلة.. أبراج تعانق عنان السماء حول الحرم تمت إزالتها وأخرى تنتظر أن تخر صريعة بعد تعويض أصحابها حتى يتسنى لأكبر عدد من المسلمين أداء الحج والعمرة.. جهد جبار تبذله حكومة (خادم الحرمين الشريفين) في تهيئة المناخ لزوار بيت الله الحرام .. منظمات تتسابق على توفير الإفطار للمعتمرين داخل الحرم وفي ساحاته الخارجية الممتدة والطرق المؤدية اليه.. شباب نذروا أنفسهم للخدمة، وصوت أذان المغرب يسد الفضاء بينما هم يهرولون جئية وذهابا لإفطار هذا ومد كوب القهوة لذاك.. تفانٍ بهمة طلباً للأجر، وخدمة بإخلاص وأهتمام، ومشاهد باذخة الجمال وجديرة بالتأمل والإحترام..! * أعداد المعتمرين في السابع والعشرين من رمضان هذا العام والمعتكفين في العشر الأواخر يقتربون من تلك الحشود التى تحُج للبيت سنوياً.. ومن يرى تدافعهم بحثاً عن المغفرة والثواب، وما دفعوه من أموال في رحلات الطيران وركوب البحر وما عانوه من مشقة تجول بخاطره حزمة من التساؤلات يا ترى هل يحتاج حماية ديننا الحنيف إلى مجموعات متطرفة كتلك التي تُنفِذ عمليات تعكس وجهاً لا يشبه تعاليم الإسلام ؟؟ .. هل نحن في حاجة إلى ممالك تجز الرقاب بإسم الدين كداعش وأخواتها ؟؟ .. هل بالإمكان أن تسقط رأية دين استشهد في سبيله خيرة الرجال وأميز النساء منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟ .. وهل الخوف الحقيقي الآن على الإسلام أم من الذين يُنصِبون أنفسهم حُماة للإسلام .. ؟؟ * بالمقابل ينبغي أن نعترف بأن التساهل في أمور الدين الواضحة، والتلاعب بالشرائع الإسلامية، وإنعدام نخوة البعض على العقيدة والمجاهرة بذلك، وإتجار البعض الآخر بالدين قاد إلى تطرف عدد كبير من الشباب المدفوع بخطاب كامل الغلو، في الوقت الذي أضحى فيه معظم دعاة الوسطية (واعظي سلطان) يبحثون عن رضاء الحكام - وإن كانت ألسنتهم فصيحة وتبحرهم في الدين كبير، وأسانيدهم منطقية - والفرق كبير ما بين (دعوة حق) أريد بها حق، والإنجراف خلف (ما يطلبه الحكام) من (الشيوخ المودرن) الذين يبذلون قصارى جهدهم لمحاربة (شيطان الإرهاب) بدعوة عصرية . * الصحوة الدينية بخير.. الشباب يمثلون أكثرية في المساجد، فقط أحفظوا الدين بعيداً عن يد التساهل، فالاستفزاز يولد (مليون داعش بإمتياز) ..! نفس أخير * اللهم أحفظ الدين من المتأمرين والمتساهلين والمتلاعبين !! . ضد التيار - صحيفة اليوم التالي