*لشاعرنا الدبلوماسي الراحل الحردلو ديوان شعر بعنوان (سندباد في بلاد السجم والرماد).. *يعني أن بعض بلاد (برة) التي جاس خلال شوارعها - بحكم عمله كدبلوماسي - هي (مُسجمة ومُرمدة!) .. *ونساء بلادي يصحن عند رؤية ما لا يسر : (سجمي ، رمادي) .. *وكيلا يظن من يقرأ كلمتنا هذه من - الأعراب - أن نساءنا (يرطن) نقول أن السجم والرماد مفردتان عربيتان ذواتا فصاحة .. *فالسجم هو انهمار الدمع من العين ، أو الدمع نفسه .. *والرماد هو ما تخلف من احتراق المواد .. * فالسودانيون - في مفارقة عجيبة - هم الذين (عاميتهم) العربية أقرب إلى لغة الضاد من بين ال(مفاخرين!) بالعروبة أجمعين .. *هم كذلك رغم مشكلتهم المزمنة مع حرفي (الغين) و (القاف) .. *وبعد مقدمتنا هذه التي (سجم) دمعنا دماً على (رماد) مساحتها نقول إن أكثر المعارضين بؤساً - في العالم كله - هم معارضو بلادي .. *فمن بين (أدوات) المعارضة المألوفة في الدنيا بأجمعها لا يملك معارضونا هؤلاء منها سوى (الحلاقيم !!) .. *فلا جماهير عندهم ، ولا حراك ، ولا إعلام ، ولا صدقية ، ولا حتى الديمقراطية التي يطالبون (مُجهضيها!) بإعادتها .. *وعن حزب الأمة - تحديداً - تنبأ شهيد الصحافة بأنه لن يجد عما قريب من يدافع عنه سوى رباح الصادق .. *وبنى الراحل نبوءته هذه على حقيقة ظهور نذر هيمنة عائلية أوحت بقرب انفضاض أشاوس الإعلاميين - وعتاة القياديين - من حول الحزب .. *فما عاد حسن إسماعيل (هناك) ؛ ولا الجميل الفاضل ، ولا عبد القوي حامد ، ولا أحمد سر الختم ، ولا عمر الحلاوي ، ولا عبد الرسول النور .. *و(صمت) كلٌ من محمد فول ، وفتحي مادبو ، وخالد عويس .. *بل حتى رباح هذه فترت همتها عن مهمة التصدي - هذه الأيام - بعد أن وجدت نفسها وحيدة في ساحة الفاع عن الحزب وزعيمه .. *وضاعف من فتور همتها - ربما - (وثوب) اثنين من اخوانها إلى قلب النظام الذي (وثب) على نظام أبيها فانتزع قلبه .. *والحزب الاتحادي لم (يبق !) منه ما يشي بأنه موجود أصلاً دعك من يُحسب في عداد المعارضين .. *وبقية الأحزاب - بما فيها الشيوعي - باتت تعتمد على (حناجر!) قادتها لتقول عبرها (نحن هنا) .. *ورغم أن أحزابنا هذه كلها صارت محض أحزابٍ (صوتية) إلا أنها - و يا للسخرية - تجد من (قوة العين) ما تشترط به على الإنقاذ الأمر هذا أو ذاك .. * تشترط ما تتمنى أن يفكك به النظام الحاكم نفسه من أجل (سواد عيون) رموزها ال(جالسين على رصيف الانتظار!) .. *فقط يجلسون في انتظار أن يقول القدر كلمته بعد أن أضحوا (عديمي الحيلة) إلى حد الهوان .. * إنها معارضة (السجم والرماد!) ما دامت محض ظاهرة صوتية .. *و(سجم ورماد) كل من يؤمل فيها خيراً كذلك !!! بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الأهرام اليوم