عبدالوهاب هلاوي ولد في كسلا فانفتحت عيناه على الخضرة اليانعة والجبل الأشم، وربما هما من ألهمانه الشعر والإبداع لاحقاً، إذ شهدت له الساحة الفنية أعمالاً فريدة وإبداعاً مميزاً، فهو يمتلك لونيته خاصة في كتابة الشعر قل أن تجد نظيراً لها. وهلاوي إعلامي وصحفي ومعد ومنتج برامج، طرق كل تلك المجالات فأبدع، وتعامل مع العديد من الفنانين الكبار والصغار وكتب للأطفال ولعل "ياطالع الشجرة جيب لي معاك بقرة "، واحدة من تلك الكتابات الباذخة. زارته (اليوم التالي) بمباني التلفزيون القومي وجلست إليه، فكانت هذه الإطلالة الرمضانية: هلاوي، مباشرة دعنا نسألك ما هو أثر كسلا في شعريتك؟ كسلا مدينة علمتني (ألف باء الحب) ومعنى الجمال، ولها الفضل في كل ما أكتب، إذ لها أثر بالغ وبائن في تكوين شخصيتي الفنية، وكسلا الأرض والإنسان والنهر والجبل، وكسلا كجراي وحسّان وروضة الحاج وأبو آمنة حامد ودكتور جرتلي والحلنقي، وبقية العقد الفريد . *بالتأكيد واجهتك صعوبة في الرحيل منها إلى العاصمة؟ لم أصدق يوماً أنني سأترك كسلا، بكيت حينها للشجر والطير وأضرحة أولياء الله الصالحين (سيدي الحسن)، ولم يكن هناك مفر من أن أستبدل كل هذا كل هذا الزخم الروحي بشوارع الأسفلت ومداخل السيارات من أجل جلسات في قاعات الدرس وشيء من الضوء والشهرة . هل تأثرت بمبدعيها؟ أنا لم أتأثر بمبدع بعينه بل تأثرت بكسلا كلها، شوارعها، أشجارها، وطيورها، كل شيء في كسلا علمني حرفاً وأنا لا أزال له عبداً . هلاوي شاعر، صحفي، معد برامج ومنتج كيف لك كل ذلك؟ من وجهة نظري أن كل ما عددت هو فعل (فعل الفن)، فالكتابة الصحف فن والإعداد للإذاعة والتلفزيون فن، وكتابة الشعر فن، لكن دعيني اعترف لك بأن المرأة هي التي قادتني للشعر، وأن الشعر هو الذي قادني إلى الصحافة والصحافة إلى الإذاعة، والإذاعة إلى التلفزيون. تجربة هلاوي في الصحافة الفنية؟ الصحافة دخلتها من بوابة مجلة الإذاعة والتلفزيون حين كان مدير تحريرها الدكتور المهاجر عبدالله جلاب، (كنا شلة) أنا وسعد الدين إبراهيم، ومحمد نجيب محمد علي، وغيرنا دخلنا الصحافة عشاقاً وأسسنا فيها مدرسة للعشق. والإذاعة والتلفزيون؟ الإذاعة أمي، تعلمت من إنسانها كيف يكون الحب لكل الناس، وكيف تكون الاستديوهات قاعات للدرس، وأدين للإذاعة كثيراً، فقد عمدتني معداً ناجحا لعشرات البرامج ومئات الحلقات، أما التلفزيون فله مكانة عريضة وعميقة، فقد عملت في جريدة المساء، ومن الخرطوم سلام ومشوار المساء، وكانت كل برامجي برفقة صديقي (شكر الله خلف الله)، كاما قدمت فترات مفتوحة وسفر بلاحدود . متطلبات الإعلام في المرحلة القادمة، كيف تراها؟ واقع الإعلام بشكل عام لا يطمئن، بالطبع هنالك تجارب مميزة لبعض الصحفيين والإذاعيين والتلفزيونيين - إن جاز التعبير- أما الأكثرية فنقول لهم عفوا لمن يحتلون غير مكانهم . تعاملك مع الفنانين؟ تجارب غنائية لا حد لها بأكثر من (40) مطربا بعض هذه التجارب كانت إضافة والبعض الآخر كان جيدا، ولكنني أعتز بتجاربي الغنائية مع الفنان الكبير الكابلي رد الله غربته، والموصلي، والراحل المقيم مصطفى سيد أحمد وزيدان إبراهيم وخليل إسماعيل ومحمود عبدالعزيز. وأعتز ببعض تجاربي الجديدة مع المطربين الشباب عامر الجوهري، عصام محمد نور وانصاف فتحي، وعبداللطيف عبدالغني وغيرهم . هل أنت راضٍ عن كل ما قدمته من شعر؟ كتبت عشرات الأغنيات للأطفال وكلها بمكتبة الإذاعة والتلفزيون ويسعدني أن أستمع لطفل يغني مثلا (يا طالع الشجرة) و(طيري يا طيارة) وغيرهما، وكتبت للإذاعة والتلفزيون أكثر من ثلاثين شعاراً برامجياً، والكثير من مقدمات المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية أبرزها (أمير الشرق)، وهناك مسلسلات أخرى أعكف على كتابة أشعارها ومقدماتها . هل يستطيع أي شاعر كتابة شعار لبرنامج؟ كتابة المقدمات البرامجية تتطلب (حرفية – مهنية) معينة لا تتوفر لدى كل شاعر، وهنالك مثلاً من يفوقونني تجربة لكنهم لا يستطيعون كتابة شعاراً واحداً. إلى أي مدى يمكن أن تسهم المقدمات في إنجاح برنامج ما؟ الشعار بمثابة البوابة، المدخل، العنوان الغلاف، الصفحة الأولى، ومتى كان مثيرا وجاداً وصادقا أسهم في إنجاح العمل، ومتى كان غير ذلك (فالعوض على صاحب العوض)، حتى إذا كانت الفكرة على الورق ناجحة. برنامجك خلال رمضان كيف؟ التلفزيون والإذاعة والمصنفات، كل ذلك لا يجعلنا نحس رمضان كالآخرين. الطعام الذي تحبه في رمضان؟ أنا بطبعي إنسان الصحن الواحد (عصيدة بسيطة تكفي)، وأحرص على الحلو مر (رغم مشاكله الداخلية). من أنصار الإفطار داخل البيت أم الشارع؟ أبدأ أيام رمضان بالإفطار داخل البيت، وانتهى بالأصدقاء ويا حليل أيام الفطور في الشارع. أفضل المسلسلات في رمضان؟ لا أشاهد مسلسلات تلفزيونية في رمضان واحرص على بعض البرامج والأفلام فقط. مواقف طريفة أو محرجة مرت بك في شهر رمضان؟ من المواقف التي لا أنساها في رمضان، ونحن نقوم بإنتاج الفترة المفتوحة بقيادة المخرج الصديق شكرالله خلف الله، وكانت ضيفة الفترة السيدة حرم الرئيس (فاطمة خالد) وكان من المتوقع أن تأتي بعد الأفطار مباشرة، إلا أنها فأجأت الناس بقدومها قبل الإفطار بدقائق، وما كان لموظفة العلاقات العامة إحسان عبدالله إلا وإن اقتحمت منزل زعيم المعارضة الإمام الصادق المهدي لتأتي خلال دقائق بأكبر كمية من صواني الأكل والشراب لتكفي العاملين كافة، حينها شعرت أن السودان جميل في تلك اللحظة. صحيفة اليوم التالي