استمرت التحركات الشعبية العربية والدولية المنددة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي خلَّف «261» شهيداً ونحو ألفي جريح، حيث لم تتوقف تلك التحركات على الشعوب فقط حث أجرى الرئيس عمر البشير اتصالاً هاتفياً بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد تناولا فيه الأوضاع في غزة، وفي الخرطوم تجمع متظاهرون أمام الجامع الكبير، حيث رددوا شعارات منددة بالعدوان، وانتقد المحتجون العدوان الإسرائيلي على القطاع، وشارك في الفعالية رئيس منبر السلام العادل المهندس الطيب مصطفى ورئيس الاتحاد العام للطلاب السودانيين النيل الفاضل دعماً للقضية الفلسطينية من قوت طلاب السودان ، ميدانياً قتل «6» فلسطينيون فجر امس مع بدء إسرائيل هجومها البري ضد قطاع غزة وفقاً لوزارة الصحة في غزة، وتركز القصف المدفعي على منطقة شرق رفح قُتل خلالها ثلاثة فلسطينيين بالإضافة إلى قصف بلدة بيت حانون شمال القطاع ما يرفع حصيلة القتلى الى نحو «250» منذ بداية الهجوم الإسرائيلي. كما أفاد شهود عيان بأن دبابات إسرائيلية تقدمت باتجاه جنوب قطاع غزة. بوتيرة متصاعدة تتفاقم الأزمة في غزة على إثر الإعلان الإسرائيلي عن بدء عملية برية في القطاع بعد أكثر من 10 أيام على انطلاق العملية العسكرية الإسرائيلية «الجرف الصامد». واعتبر الجيش الإسرائيلي التحرك البري نتيجة لتعنت حركة حماس ورفضها الموافقة على الهدنة، كما أكد المتحدث باسم الجيش أنه يحمل أكثر من هدف. قرار التصعيد الإسرائيلي أثار العديد من ردود الفعل، فحركة حماس توعدت إسرائيل بدفع الثمن غالياً جراء اتخاذها لقرار التصعيد، واعتبر المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم أن القرار الإسرائيلي هو خطوة خطيرة وغير محسوبة العواقب، بينما أعرب خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس عن ثقته في أن الهجوم الإسرائيلي البري على غزة لن ينجح، فيما اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن العملية البرية على غزة لن تؤدي إلا الى المزيد من إراقة الدماء. الأردن وباعتباره ممثلاً للمجموعة العربية طالب باجتماع عاجل لمجلس الأمن لبحث الوضع في غزة. دولياً دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى تفادي تصعيد جديد، بينما أعربت الخارجية الفرنسية عن قلق فرنسا الكبير حيال قرار البدء بتدخل بري في غزة، داعية إسرائيل الى ممارسة أكبر قدر من ضبط النفس. أما الأممالمتحدة فقد طالب أمينها العام بان كي مون إسرائيل ببذل جهد أكبر لوقف سقوط الضحايا من المدنيين. مطالب وتنديدات ودعوات لضبط النفس لا يبدو أنها تجد آذاناً صاغية هناك على أرض المعركة، حيث تواصل القصف المدفعي الإسرائيلي على قطاع غزة فجراً ما أوقع قتلى وجرحى من بينهم طفل رضيع وسيدة مسنة، بينما أعلنت كتائب القسام أنها استهدفت بعبوة ناسفة قوة إسرائيلية خاصة شمال قرية أم النصر واشتبكت معها كما أكدت إطلاق عدد من صواريخها باتجاه إسرائيل. أخيراً إن الأداء الاستثنائي المتميز للمقاومة في قطاع غزة، والصمود الرائع للشعب الفلسطيني هناك، لا يمكن إلا أن يكون محل اعتزاز وفخر وتقدير، هي المقاومة الفلسطينية التي تقودها حماس في القطاع تقدم من جديد حالة مشرقة، في بيئة عربية غلبت عليها منذ نحو عام أجواء من الإحباط، بسبب ما آلت إليه الثورات وحركات التغيير، لقد عانت منطقتنا من موجة مرتدة، سعت إلى تشويه وإفساد كل ما هو جميل في حراك الشعوب المتطلعة إلى إنهاء أنظمتها الفاسدة المستبدة، وبناء أنظمة جديدة حرة تُعبِّر عن عزة الأمة وكرامتها. بالتالي فإنه لا يبدو أن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني يرغبان في توسيع أمد الحرب، غير أن الطرف الإسرائيلي الذي أراد أن يفرض أجندته وأن يفرض شروط اللعبة فشل تماماً، كما أن المقاومة التي لم تبدأ المعركة وتعرضت للاعتداء قررت ألا تنتهي المعركة قبل أن تحصل على الحد الأدنى المقبول لحياة كريمة لأبناء القطاع، وعلى رأس ذلك فك الحصار وفتح المعابر، وهو ما كان متضمناً أصلاً في اتفاق التهدئة سنة 2012، والذي يحتاج إلى ضمانات حقيقية لتنفيذه واحترامه. غير أن الجانب المصري مطالب قبل غيره بفك الحصار من جهته، فغزة جزء من الوطن العربي، وخط دفاع أول لأمنه القومي والإستراتيجي، وإضعافها أو ضربها لا يخدم إلا الاحتلال، بل ويعطيه المسوغات لاستمرار الحصار. وأخيراً، فقد أثبتت غزة أنها مدرسة للعالم، وأن التغيير الحقيقي يبدأ بصناعة الإنسان، وأن تحرير الأرض يبدأ بتحرير الإنسان، وأن هذا الإنسان المؤمن المجاهد الصابر المبدع هو كلمة السر في مشروع التحرير. صحيفة الانتباهة