تقرير رسمي حديث للسودان بشأن الحرب    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    يوفنتوس يفوز على العين بخماسية في كأس العالم للأندية    التغيير الكاذب… وتكديس الصفقات!    السودان والحرب    حركة متمرّدة جديدة بقيادة عضو سابق في المجلس التشريعي الوطني    الأهلي يكسب الفجر بهدف في ديربي الأبيض    عملية اختطاف خطيرة في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    بالصورة.. الممثل السوداني ومقدم برنامج المقالب "زول سغيل" ينفي شائعة زواجه من إحدى ضحياه: (زواجي ما عندي علاقة بشيخ الدمازين وكلنا موحدين وعارفين الكلام دا)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    الهلال السعودي يتعادل مع ريال مدريد بهدف لكلٍ في كأس العالم للأندية    مانشستر سيتي يستهل مونديال الأندية بالفوز على الوداد المغربي بهدفين دون مقابل    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    أمام الريال.. الهلال يحلم بالضربة الأولى    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    كامل إدريس يؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين السودان والكويت    9 دول نووية بالعالم.. من يملك السلاح الأقوى؟    كامل إدريس ابن المنظمات الدولية لايريد أن تتلطخ أطراف بدلته الأنيقة بطين قواعد الإسلاميين    عودة الحياة لاستاد عطبرة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهجرة غير الشرعية: الباحثون عن النعيم عبر طرق من الجحيم
نشر في النيلين يوم 31 - 08 - 2015

(كل الطرق لا تؤدي إلى روما ) هكذا انقلب المثل الشائع بحسب متغيرات الزمان والمكان، حيث كانت الطرق آمنة ومستقرة كانت روما قبلة التجار والمسافرين والهواة الفانيين إلى حيث الإبداع والحياة المترفة ..عالم اليوم مختلف جدا، حيث الفقر والجوع والحرب، والطريق إلى روما ليس سهلا، وإن كانت روما منفذا وبوابة إلى أوروبا حلم كل المهاجرين من الأفارقة أو العرب ، والذين اختارو البحث عن النعيم عبر طرق من الجحيم في مغامرات غير محمودة العواقب، فمنهم من اختار الصحراء كمعبر نجاة فوقع في فخ العصابات الغادرة، والتي باعته للسراب والخلاء حين تتخلى عنهم بساطة ليواجهون مصيرهم، ومنهم من ركب البحر ولا ضمان لأمواجه العالية، ومنهم من حشر نفسه في شاحانات خانقة. تعددت الوسائل والموت مرتبص لا يرحم!! فمتى تنتهي معاناة الإنسان في العالم الثالث …!!
هارون وقصة نجاة أسطورية!!!!
لعلها هي القصة المثيرة الوحدية التي لن ينساها المهاجرون في ذاكرتهم المستحيلة والمليئة بالمصاعب والمصائب، بعد نجاهتم من مغامرات ومغامرات وذكريات إخوة لهم مازالت أصوات صراخهم في عقولهم …قصة هارون الأسطورية تكمن في أنه تمكن من القيام بما لم يسبقه إليه سواه، عندما اخترق أرقى الحواجز وأنظمة الرصد والتفتيش، ومرّ بأكثر من 400 كاميرا مراقبة في رحلته داخل نفق مظلم، كان جسده قريبا في بعض أماكنه 90 سنتيمترا من قطارات مرت إلى جانبه بسرعة تزيد عن 160 كيلومترا طوال عبوره تحت الماء من مدينة “كاليه” الفرنسية إلى جارتها “فولكستون” بإنجلترا.واعتُقل هارون قبل وصوله إلى ضاحية من “فولكستون”، حيث تظهر القطارات إلى الضوء خارجة من تحت بحر المانش، بعد أن جرى توقيفه في نقطة داخل النفق تبعد نحو 900 متر من نهايته.وكان هارون يأمل حال وصوله في طلب حق اللجوء الإنساني من سلطات المدينة الواقعة بمقاطعة كنت، 65 كيلومتار من لندن، حيث كان يحلم بالعيش والعمل، لكن هارون البالغ عمره 40 سنة أصبح بلا حظ تقريبا بعد اعتقاله.وتحمل هارون في رحلته درجات حرارة عالية جدا، وواجه من حيث لا يدري إمكانية ملامسته لأسلاك كهربائية، توترها عالي بمئات الفولتات وكافية لقتله مصعوقاً في الحال، “أو حتى التعرض للصعق الصوتي من ضجيج القطارات الهائل”.
والنفق هو شبكة من 3 أنفاق، يبعد كل منها 30 مترا عن الآخر، وفي أحدها والمخصص للقطارات تم اعتقال هارون الذي عبره مشيا وسط حر شديد معدله في أغسطس 50 درجة مئوية، وتخفف نظم التهوية في بعض الأماكن الحرارة بعض الشيء، وما يتسبب بارتفاعها هو مرور القطارات، ومعدل عمق النفق تحت المانش 50 والأعمق 70 مترا، وهذا كله مر به هارون من دون أن يراه بوضوح، لأن النفق شبه مظلم تماما. ووحده هارون نجح بعبور “المانش” من أسفله مشيا ولأول مرة بالتاريخ.
رجال داخل ثلاجة
مأساة مقتل اللاجئين السوريين اختناقا في شاحنة بالنمسا ، تذكرنا بالفيلم السينمائي اللبناني (سائق الشاحنة) من إنتاج مؤسسة السينما في عام 1966 .. الفيلم مأخوذ عن رواية غسان كنفاني (رجال تحت الشمس) حيث تدور أحداث فيلم سائق الشاحنة حول مجموعة لاجئين فلسطينيين يحاولون الهروب من فلسطين إلى العراق بواسطة الاختباء في شاحنة مغلقة، ولكن من حرارة الشمس وإغلاق باب الشاحنة يموت جميع اللاجئيين اختناقا داخل الشاحنة، وتموت معهم أحلامهم التي كانت أكبر من صندوق شاحنة عتيق لا توجد به فتحة للهواء، وإنما هو تجسيد لضيق الحياة وبؤسها، وهكذا يكون السيناريو المميت في حادثة اللاجئين السوريين في النمسا في نهاية هذا الأسبوع. اللاجئون السوريون الذين يهيمون على وجوههم على طول الطرق من بلادهم إلى البر الأوروبي، وباتوا نهبا لعصابات تهريب البشر الذين يلقون بهم في عرض المتوسط تاركينهم يواجهون مصيرهم، فمنهم من مات ومنهم من ينتظر رحمة دوائر الهجرة في دول أوروبا العاجزة عن مواجهة موجات الهجرة وسيل البشر المتدفق إليها عبر المتوسط وتركيا . حيث حملت الأخبار في كل وكالاتها الفضائية والصحفية وسط هذا السياق المر، خبر عثورالشرطة النمساوية على 50 مهاجرا اختنقوا داخل شاحنة تبريد، تستخدم لنقل الدجاج واللحوم تحمل لوحة تسجيل هنغارية ، والذي عبّر بأسف بالغ عن الحادث هو الناطق بلسان الشرطة النمساوية، الذي قال: ” وجدت شاحنة متوقفة على هامش أحد الطرقات قرب مدينة ” فارندورف” ووجدنا في داخلها للأسف الشديد الكثير من الجثث، لكن لم نعرف حتى الآن العدد النهائي للقتلى “، هكذا وفي تصريح حزين مقتضب ينعي الناطق بشرا فروا من الموت إلى الموت، باحثين عن النعيم في طرق من الجحيم، والأمثلة والسيناريو لن يتوقف لأن بعض الدول اختارت أن تهين مواطنيها، وتسد الأفق أمامهم بسياساتها غير العادلة، وبالحروب الناشبة والمستمرة، فكان خياربعض مواطنيها الهروب غير الآمن، وتحمل تبعاته والتي غالبا ما تنتهي بالموت المؤلم، إما غرقا أو اختقناقا أو سحقا تحت عجلات القطارات، كما يحدث في نفق الموت بفرنسا …!!
الصحراء مغامرة الموت عطشا
أفريقيا ليست استثناء من الهجرةغيرالشرعية كماعرفها القانون، لأن من يسافر بغير أوراق رسمية وعبر منافذ برية أو بحرية عن طريق التهريب، يسمى مهاجرا غير شرعي، لذلك نجد أن المهاجرين بحسب تقارير المفوضية السامية لللاجئيين بالأمم المتحدة هم من دول متدنية اقتصاديا وسياسيا وفي أوضاعها العامة وأخرى بها حروب داخلية، مما يضطر هؤلاء المواطنين لاختيار الهجرة والمغامرة بالسفر إلى مناطق أكثر أمنا واستقرارا، ومن هؤلاء المهاجرين من شرق أفريقا يعد الأرتريين والصوماليين والسودانيين هم الأعلى نسبة، ففى الأخبار مؤخرا جاء إعلان وزارة الخارجية السودانية عن مقتل 10 أشخاص بينهم 6 سودانيين، بينما تم إنقاذ 319 آخرين، مؤشرا يؤكد ما ذهبت إليه مفوضية اللاجئين، فبحسب المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية الصوارمي خالد سعد. ،وجميعهم من المهاجرين غير الشرعيين كانوا في طريقهم عبر الصحراء إلى لبييا في بحر هذا الشهر مؤشرا آخر خطير لتفاقم قضية الهجرة غير الشرعية، وفي ذاكرة الأحداث أيضا الإثنى عشر سودانياً الذين قتلوا عام 2013 إثر انقلاب السيارة التي كانوا يستغلونها محاولين التسلل إلى ليبيا . من الجانب الحكومي كانت ردة فعل السفير عبد العزيز حسن صالح مدير إدارة القنصليات والمغتربين بوزارة الخارجية في تصريحه الصحفي بأن هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين البالغ عددهم أكثر من 300 شخص كانوا في حالة يرثى لها جراء الجوع والعطش وحرارة الطقس بعد أن تخلصت منهم العصابات المتخصصة في الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، مبيناً أن عشر منهم قد لقوا حتفهم، منهم ست سودانيين وإثنين أثيوبيين وواحد أريتري وواحد لم يتم التعرف على جنسيته .وأضاف السفير عبد العزيز أن عصابات الاتجار بالبشر درجت على ترك المهاجرين غير الشرعيين في الصحراء، وقال إن: القنصلية السودانية بالكفرة تحركت فور علمها بالحادث بالتنسيق مع الجانب الليبي والقوات المشتركة السودانية الليبية للوقوف على أحوالهم وتوفير المعينات لإسعافهم، و تم تجميعهم في محطة (كرب التوم)،وجرى تقديم المساعدات اللازمة لهم وإسعافهم وترحيلهم إلى دنقلا عاصمة الولاية الشمالية لتسليمهم للسلطات المختصة.وشكل السودان وليبيا منذ نوفمبر الماضي قواتا مشتركة لتأمين وحماية الحدود بين البلدين.وناشد مدير إدارة القنصليات الشباب الراغبين في الهجرة عدم اتخاذ مثل هذه الطرق غير الشرعية حتى لا يتعرضوا لمخاطر قد تودي بحياتهم.
العصابات وغدر الطريق
حلم الهجرة والبحث عن مكان آمن ومستقبل أفضل يطغى على أى فكرة أخرى تخطر ببال المهاجر، فيما أن الطريق خطر والرفقة غير مأمونة العواقب، ولإن الصحراء قاسية ولا ترحم، وكل هذه الهواجس تتراجع أمام حلم الهجرة والسفر والأمنيات بالوصول، وهذا ما يستغله سماسرة الهجرة غير الشرعية ويزينون الفكرة بضمان النجاح لخبرتهم في هذا المجال، بينما هم متواطئون مع العصابات التي تقوم بترحليهم ،ومن ثم في منتصف الطريق ووسط الصحراء ترغمهم بالنزول من العربات التي كانوا يستغلونها في رحلتهم ، ليواجهوا مصيرهم المجهول إما الموت عطشا أو أن تجدهم إحدى دوريات حرس الحدود، ولكن النجاة مستحيلة لو قدر لهم المشي على الأقدام لأن المسافة لأول نقطة وصول ليست قريبة وهذا بحسابات رجالات العصابات تتلاشى الضحية في وسط رمال الصحراء واختفاء أثرهم لاستكمال الجريمة بعد الحصول على مبالغ منهم بدعوى تحقيق أحلامهم، وهذا هو ما تفعله عصابات الهجرة غير الشرعية التي همها الأول والأخير الحصول على المال من دون أي اهتمام أو حرص على حياة المهاجرين.
الخرطوم : عيسى جديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.