*كلام قلته في جلسات (تثاقفية) بالقاهرة وسأقوله الآن أيضاً.. *سأقوله على خلفية رسالة وجدتها في انتظاري عقب عودتي من مصر.. *وصاحب الرسالة هو العميد (م) محمد يوسف عبد الرحمن.. *وبعد مقابلته كفاحاً البارحة وقفت على مدى غضبه مما ظنه هوىً مصرياً من تلقائي.. *هوى على حساب هويتنا السودانية التي ما زال المصريون- حسب قوله- يريدون طمسها.. *فهم (مش هاين عليهم) استقلال بلادنا ويسعون لاحتلالها مرة أخرى.. *أو بالأحرى مرة ثالثة بمظنة أنهم احتلونا مرتين من قبل.. *والحقيقة البسيطة التي يتغافل عنها الكثيرون منا أن مصر لم تحتلنا ولا مرة.. *بل نحن الذين احتللنا بلدهم- بالأصالة – خلال حقبة بعنخي وابنه تهارقا.. *ولم يكتف أجدادنا هؤلاء بمصر بل بلغوا حتى مشارف القدس.. *أما الاحتلال الأول الذي يُنسب لمصر فهو في الحقيقة كان احتلالاً تركياً.. *فالأتراك احتلوا مصر (أولاً) ثم من بعدها السودان (ثانياً).. *أي أن السودان كان محتلاً تماماً مثلما أن مصر كانت محتلة.. *أما الاحتلال الثاني لبلادنا فكان احتلالاً بريطانياً وليس مصرياً.. *أو إن شئت فقل إن مصر كانت تحكمنا (تحت) حكم الإنجليز لها.. *أو إنها كانت (تابعة) لهم ف(تبعتهم) حتى بلادنا جنوباً.. *أو فلنقل إنها كانت تحكم بلادنا ب(الوكالة) وليس (الأصالة).. *ولكن الفرق بيننا وبين المصريين أنهم لا يتعاملون مع تأريخهم ب(عقد).. *فقبل الاحتلالين هذين أُحتلوا كثيراً من قبل دون أن يعني لهم هذا شيئا.. *فكلهم ذهبوا (هكسوس على فرنسيين على أتراك على إنجليز) وبقيت مصر للمصريين.. *هم ليسوا مثلنا يعيشون أسرى لمرارات ماضوية تشل قدرتهم على التكيف مع الحاضر.. *بل و(إن جينا للحق) فالسودان هو الذي يجب أن يطالب بضم مصر إليه وليس العكس.. *ليس ضم حلايب وحسب وإنما مصر كلها حتى الدلتا بحسبانها أرضاً سودانية في السابق.. *طيب أين المشكلة إن طالب بعض المصريين بتوحيد شطري وادي النيل؟.. *(خلونا) نحن نطالب وهم يطالبون وإن تحقق المطلبان نصير دولة واحدة.. *بل إن مطلبنا أكثر قوة من مطلبهم لاستناده إلى حقبة احتلال ب(الأصالة).. *ثم تُجرى ترتيبات وحدة تُفضي إلى انتخابات عامة من الإسكندرية وحتى كوستي.. *فربما يكون الرئيس من (عندنا) لنكتشف أن حساسيتنا غير ذات معنى.. *وأنا شخصياً لا أشعر بهذه الحساسية عند التعاطي مع الشأن (السوداني مصري).. *ومن أراد أن يستعذب أحاسيس دونية لا وجود لها فهو (حر).. *ثم يكون لأحاسيسه هذه (عبداً !!!).