*شاهدت فيلماً قديماً عن زيارة عبود للندن.. *كان – فيما يبدو- تقريراً إخبارياً للتلفزيون البريطاني.. *ما شد انتباهي مقابلة الملكة لعبود بمحطة القطار.. *فالملكة إليزابيث معروف عنها عدم مقابلة الرؤساء بنفسها.. *عدم مقابلتهم خارج محيط قصرها إلا نادراً.. *ومن اللحظات النادرة هذه خروجها لمقابلة إبراهيم عبود.. *ثم التجول معه بمركبات ملكية تجرها الخيول.. *والحشود الخرافية تهتف وتصرخ وتلوح بالمناديل.. *وكالعادة لا تترك إليزابيث زوجها- دوق أدنبره- خلفها.. *ليس خشية أن (يلعب بذيله) مع حسناوات في جوانب قصر باكينغهام.. *سيما وإنها (مش ولا بد) من حيث الجمال.. *وإنما تقيداً بقواعد البروتوكول الإنجليزي الصارم.. *ومارغريت كانت تفعل الشيء ذاته طيلة فترة رئاستها.. *ما كانت تغادر بلادها إلا وزوجها – رجل الأعمال- تاتشر برفقتها.. *فالمرأة الغربية يسقط عنها اسم أبيها فور زواجها.. *ولا تنتسب – اسماً – إلا لزوجها ولو كانت (المرأة الحديدية) نفسها.. *و(جندريات) بلادنا لا أدري ما رأيهن في ذلك.. *وأعني – تحديداً- المعجبات بالتحرر النسوي الغربي منهن.. *أن يُقال الناشطة في مجال المرأة فلانة عباس.. *ويكون عباس هذا اسم زوجها لا أبيها.. *والمرأة الإنجليزية – بالذات- مهما تحررت لا تنفصم عن تقاليد بلادها.. *ولو كانت ملكة أو أميرة أو رئيسة وزراء.. *المهم أن إليزابيث كانت سعيدة وزوجها فيليب بجوارها.. *وسعيدة أيضاً وهي تستقبل رئيسنا الأسبق.. *وسعيد أنا وممثلنا الضيف يبدو رزينا، رصيناً، (تقيلاً).. *وكأن التي تستقبله هي ملكة الدلوكة خدوم – بمنطقتنا- لا ملكة بريطانيا.. *ولكن حدث شيء غريب أثناء مشاهدتي الفيلم.. *قبل بلوغ الملكة وضيفها قصر باكينغهام.. *لقد توقفت الجياد الملكية المطهمة فجأة ليرتبك الركب كله.. *واتجهت الكاميرا إلى حيث الزحام وراء السياج.. *واستقرت على بؤرة بعينها تعج بالنساء.. *فإذا بالضيف- الفريق عبود- هو من تسبب في هذه الربكة.. *ووقف أمام إنجليزية مسنة يحييها بحرارة.. *وتقابل هي تحيته بفرحة هستيرية ويداها ممدودتان نحوه.. *والملكة وزوجها ينظران إليهما بحيرة شديدة.. *وكذلك أفراد الأمن والمراسم والحكومة وحتى الخيول.. *وتمنيت أن أعرف من هذه المرأة التي استرعت انتباه عبود.. *ولماذا خصها بتحية حميمة دون الباقين؟.. *وكيف وقع بصره عليها أصلاً من بين هذه الجموع الغفيرة؟.. *أم تراها هي التي نادته باسمه فالتفت نحوها؟.. *وإن كان الأمر كذلك فمن تكون إذن؟.. *لعلها استضافته بدارها خلال وجود سابق له بالمملكة ولم تنسه.. *بمثلما استضفناه نحن هنا بقصرنا حيناً.. *ولكنا نسيناه !!!