*كل ذات لديها سيرة… وهي بها معجبة.. *فكل من يتقدم لوظيفة – مثلاً – يتأبط سيرة يحرص على أن تكون جميلة.. *لا أحد يقول في سيرته أن ثمة عيوباً في (ذاته).. *ربما الفلاسفة وحدهم – حسبما ذكرت مرةً – الذين لا يتحرجون من سيرتهم.. *يسردونها بخيرها وشرها وطبائعها… ويحبونها كما هي.. *وهنالك فرق – كما هو معلوم – بين سيرة ذاتية لوظيفة… وأخرى للتاريخ.. *ولكن حتى الثانية هذه تبرزها (الذوات) في أبهى حلة.. *والأنظمة لديها سِيَر ذاتية كذلك ؛ منها ما تحبها… ومنها ما تكرهها.. *وأعني الأنظمة التي تجئ وتذهب بمجيء وذهاب (الذوات).. *لا الأنظمة الممتدة – ذات الإرث الديمقراطي – التي تبقى… ويذهب الرئيس.. *ونظام الإنقاذ في بلادنا- على سبيل المثال – لا يحب سيرته الذاتية.. *فهو لا يتذكر – ولا يحب أن يُذكَّر – ببيانه الأول.. *ولا أن يُذكَّر بعبارة (لو رأيتمونا تطاولنا في البنيان فاعلموا أننا فسدنا).. *ولا أن يُذكَّر بشعار (أمريكا قد دنا عذابها).. *ولا بأنشودة (نأكل مما نزرع… ونلبس مما نصنع… ونسود العالم أجمع).. *والناصريون لو كتبوا سيرة نظامهم الناصري لجعلوه (كاملاً).. *ولشرعوا في تبرير النكسة إلى حد إحالتها إلى انتصار.. *ولبحثوا عن تبريرات لوحشية صلاح نصر- وجهاز أمنه – حتى لتحسبه ملاكاً.. *والمايويون يكتبون في سيرة نظامهم إنه راح ضحية (انقلاب).. *لا ضائقة معيشية… ولا كبت للحريات… ولا خروج للناس بالألوف في الشوارع.. *والسيرة الذاتية لنميري عندهم هي (الرجل والتحدي).. *ونقرأ القرءان… ولا تستوقفنا أبداً (أمانة) السرد في سيرة بعض الرسل الذاتية.. *فنوح ما كان يعلم أن ابنه نتاج (عمل غير صالح).. *وموسى قتل نفساً… وما كان يُبين في كلامه… ولم يصبر على العبد الصالح.. *وذو النون ذهب مغاضباً… وظن أنْ لن يقدر عليه الله.. *ونبينا – عليه صلاة وتسليم – عبس وتولى… أن جاءه الأعمى.. *وألح على زيد بأن يمسك عليه زوجه… وهو يخفي في نفسه ما الله مبديه.. *وهنالك أناس لا سيرة لهم ؛ ولكن ذواتهم صارت شيئاً… فجأة.. *وهؤلاء يعمدون إلى ملء (فراغات) سيرتهم هذه بأي (ردم) مستحب.. *يصعب على الكثيرين منهم قول (لم نكن شيئا).. *ولكن لم يصعب على كاتب هذه السطور هذا القول… حين طُلبت منه سيرة ذاتية.. *رغم إن ذاته هذه (ذاتها) لم تصر شيئا.. *والطالب هو الزميل محمد فرح الذي يعكف على توثيق سِيَر ذاتية لنفر من الصحافيين.. *واختار صاحب هذه الزاوية من ضمن المختارين.. *فاعتذر له بأنه (ذات)… بلا (سيرة !!!). صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة