*من أشطر وزراء مالية بلادنا الهندي.. *والشريف حسين هذا كان وزيراً للمالية في حقبة الديمقراطية الثانية.. *وفي زمنه كان جنيهنا يزيد عن الثلاثة دولارات… بقليل.. *وهو الذي طبق – رغم قوة عملتنا حينئذ – سياسة التقشف الحكومي بمنتهى الصرامة.. *وخصص – في سياقها – سيارة واحدة لكل وزير.. *وكانت من ماركة همبر الرخيصة… مقارنة بموديلات ذاك الزمان.. *والمهم في الموضوع إنه كان قليل الكلام… جداً.. *وطبق – حرفياً – مقولتنا السودانية (السوَّاي ما حدَّاث)… وهي حكمة بليغة.. *ولم يكن هنالك سببٌ واحد لانقلاب (مايو)… سوى حب السلطة.. *فكل شيء كان على أحسن ما يكون… والديمقراطية موعودة بمزيد من (التمكين).. *وعاصمتنا اُختيرت من بين الأنظف – والأجمل – عالمياً.. *وطائرات (سفريات الشمس المشرقة) تجوب سماوات العالم… بكل زهو.. *وسفننا… وبواخرنا… وقطاراتنا ؛ كلها في غاية الروعة.. *وحقوق الإنسان مصانة…لا ينتزع قانونٌ بالشمال ما يعطيه آخر باليمين (تحايلاً).. *إذن ؛ فالشريف الهندي كان ينجز… ولا يتكلم.. *وفي زماننا هذا – الذي لا يشبه ذاك – بتنا نتشاءم بالكلام الكثير من تلقاء المسؤولين.. *وفي منطقتنا كانت هنالك امرأة تُكثر من مفردة (يا حليلو).. *والسبب في ترديدها هذه الكلمة – ليل نهار – زوجها… وأبناؤها.. *فقد كانت لديهم مقدرة (عظيمة) على اجتراح الأفكار.. *ومقدرة (عقيمة) على إنزال تلكم الأفكار إلى أرض الواقع… فظل حالهم (واقعاً).. *وكلما يفشل ابنٌ في أمرٍ – من بعد كثير كلام – يمرض.. *فتقول والدته للناس عند السؤال عنه (والله ياهو داك راقد… يا حليلو).. *وفي مرةٍ كان هنالك فشل جماعي… الوالد وأولاده معاً.. *فطفقت المسكينة تقول لكل سائل عن غيابهم (والله راقدين كلهم… يا حليلهم).. *والآن هنالك كثير كلام من تلقاء مسؤولينا… ولا عمل.. *وأسوأ أنواع الفشل – وأشده إحباطاً – هو الذي يأتي عقب تحديد سقف زمني.. *فمنهم من لا يكتفي بكثير الكلام وحسب… وإنما يضرب موعداً.. *وفي البال المئة يوم التي صرخ بها حاتم… بملء حُنجرته.. *وانقضت الأيام… وبقي (الزيرو)… وبقي محمد حاتم بكل براءة الأطفال في عينيه.. *ومعتز يسير الآن على النهج ذاته… منذ لحظة تعيينه.. *لا يتكلم كثيراً فقط ؛ وإنما يُطلق وعوداً يقيدها بأزمان… من شدة ثقته في نفسه.. *سواءً باعتباره رئيساً للوزراء… أو بحسبانه وزيراً للمالية.. *والثقة بالنفس تتعارض مع الظهور بمظهر إنسان (مهتز)… لا يكاد يُبين.. *ودوننا حديث (الصدمة) الذي تم التراجع عنه… كمثال.. *وربما يُذكِّرني – عما قريب – مسؤولٌ آخر بعبارة (أهو داك راقد… يا حليلو).. *و…….(يا حليل كل واحد منا) !!!. صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة