بدء أعمال ورشة مساحة الإعلام في ظل الحكومة المدنية    سفارة السودان بالقاهرة: تأخر جوازات المحظورين "إجرائي" والحقوق محفوظة    ما بين (سبَاكة) فلوران و(خَرمجَة) ربجيكامب    ضربات سلاح الجو السعودي لتجمعات المليشيات الإماراتية بحضرموت أيقظت عدداً من رموز السياسة والمجتمع في العالم    قرارات لجنة الانضباط برئاسة مهدي البحر في أحداث مباراة الناصر الخرطوم والصفاء الابيض    غوتيريش يدعم مبادرة حكومة السودان للسلام ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار    صقور الجديان" تختتم تحضيراتها استعدادًا لمواجهة غينيا الاستوائية الحاسمة    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    نيجيريا تعلّق على الغارات الجوية    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية مغمورة تهدي مدير أعمالها هاتف "آيفون 16 برو ماكس" وساخرون: (لو اتشاكلت معاهو بتقلعه منو)    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفاجئ الجميع ويصل القاهرة ويحيي فيها حفل زواج بعد ساعات من وصوله    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصادق المهدي: أزعم أن لي قسطاً من قراءة المستقبل على ضوء الحاضر
نشر في النيلين يوم 18 - 05 - 2019


بسم الله الرحمن الرحيم
حالنا ومآلنا في السودان
بقلم الإمام الصادق المهدي
رئيس الوزراء المنتخب (1986-1989م: فترة منتهية بوسيلة غير شرعية)
الأربعاء 15/5/2019م
هذا موضوع مهم يتعلق بالمصير الوطني ويتطلب الدراسة الجادة.
وفيما يلي إفادتي حول هذا الموضوع الخطير عبر مقدمة ونقاط محددة:
المقدمة
أزعم أن لي قسطاً من قراءة المستقبل على ضوء الحاضر.
في 2 أكتوبر 1989م أُخذت من سجن كوبر إلى بيت أشباح لأواجه ثلاثة أشخاص باعتبارهم محققين لمحاكمتي محاكمة ميدانية، وبعد تحقيق صوري عرضوا على صفقة أن أسجل أن الديمقراطية فشلت ويطلق سراحي أو المحاكمة الميدانية والتصفية. قلت لهم الديمقراطية لم تفشل، وقدمت المرافعة، بل هي أفضل من كافة الدكتاتوريات بما فيها نظامكم الفاشل حتماً والديمقراطية راجحة وعائدة. وكانوا يتوقعون أن أشتري سلامتي بوعيدهم فأعادوني مؤقتاً لزنزانة إعدام في كوبر، وأرسل لي وزير الداخلية أن أستجيب لطلبهم أو قد تعلموا وسائل تعذيب من إيران سوف تطبق عليّ. رفضت وعيد وزير الداخلية. حاروا في الأمر وقرروا إعادتي للسجن العمومي. وهنالك كتبت كتاب "الديمقراطية في السودان راجحة وعائدة". ونشر فوراً، وقد كان.
وبعد سقوط حائط برلين في 9 نوفمبر 1989م كتبت كتاب "تحديات التسعينيات"، وفيه قلت إن التوتر سوف ينتقل من معسكر غربي وشرقي لتوتر بين عالم الشمال والجنوب. وأن غبائن الجنوب المتخلف إستراتيجياً وتنموياً سوف تعبر عنها حركات غير حكومية تمارس أسلحة الضرار السبعة وهي: التشدد والعنف والاستقطاب والإرهاب، والمخدرات، والهجرة غير القانونية، والتكاثر السكاني، وتجارة السلاح والنزاعات، وعدم الانضباط البيئوي، وعدم الانضباط الصحي، وقد كان. لا سيما الإرهاب والهجرة غير القانوية.
بعد هذه المقدمة أدلف لنقاط القراءة للحاضر والمستقبل المتوقع:
بصفتنا حملة الشرعية الدستورية ساهم موقفنا في نزع الشرعية عن النظام. بل قال لنا أحدهم سلبناكم السلطة ولم نسلبكم الشرعية فإما تشاركوننا أو نقضي عليكم.
كل محاولات المشاركة قوبلت بالرفض حتى لدى توقيع اتفاقية السلام المسمى شامل. وجرف النظام مواقف معارضة أخرى سياسية ومطلبية سلمية ومسلحة.
وكان على رأس التجريف الاخفاق الاقتصادي لا سيما بعد انفصال الجنوب في عام 2011م.
ونزع الشرعية الدولية من النظام إصدار 62 قرار مجلس أمن أغلبها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، سيما القرار 1593 الذي بموجبه صارت قيادة النظام ملاحقة لدى المحكمة الجنائية الدولية.
وقبل ثورة ديسمبر 2019م واجه شعبنا النظام بست هبات وانتفاضات في 1990، وفي 1996، وفي 1998م، وفي 2006م، وفي 2012م، وفي 2013م. قمعها النظام بالبطش، وبوسائل قهر مختلفة اشتملت على جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجريمة إبادة جماعية. وسائل أفلحت في احتواء بعض المقاومة المسلحة ولكن الحالة الناتجة صارت لا سلام، بما في ذلك تكاليف اللا سلام مثل تضخم ميزانية الدفاع والأمن، وظواهر الهجرة غير القانونية، واعتصام النازحين وقرارات مجلس الأمن المضادة للنظام.
في 8 أغسطس 2014م لدى إعلان باريس أعلنا أن الكرة في خط ستة، لم يبق إلا إصابة الهدف. وفي 5 يناير 2019م قلنا إن النظام صار جنازة تتطلب الدفن. ولكن النظام رفض قراءة المكتوب على الحائط. رغم أن كل ذوي الفهم من مؤيديه غادروا صفه حانقين.
ثورة ديسمبر 2019م الفريدة المجيدة انطلقت من الأٌقاليم وهي الدمازين في 13 ديسمبر وتحولت إلى عطبرة ثم الخرطوم بسبب ضيق المعيشة، وسرعانما تحولت لمطالب سياسية.
المهنيون السودانيون تحركوا في 2016م وبدأ موقفهم متحدياً النظام مطلبياً وقرروا تسيير مسيرة للبرلمان في نوفمبر 2018م، وفي ديسمبر اكتمل التحول من المطلبية للسياسية بتسيير مسيرة للقصر في 25 ديسمبر 2018م. ومنذ فترة دعونا لجعل 6 أبريل (إحياء ذكرى الثورة ضد نظام مايو) لموقف ضد النظام، وفي 5 أبريل في خطبة الجمعة قلنا الخروج في الموكب فرض عين على كل وطني.
الاعتصام الذي تجمع في 6 أبريل أمام القيادة العامة تجربة سودانية فريدة في اختيار موقعها، وفي ضخامة روافدها، وفي استقبال عسكريين في القيادة العامة متعاطف معها. هذه المكونات بهذا الشكل فريدة وقد وصفتها بالبركات.
وفي الأربعاء 10 أبريل التقانا، الأخوة محمد وداعة ويحيى الحسيني وشخصي، التقانا السيدان صلاح قوش وأحمد هارون. أبلغنا أحمد هارون أن القرار صدر بتفريق الاعتصام بالقوة قلت سوف انضم إليهم. قال لن تجد من تنضم إليه قال الأخ محمد وداعة إذن اقتلوهم واقتلوه معهم وتحملوا التبعات. ولكن السيد صلاح قوش خالف أحمد هارون وقال لن يفض الاعتصام بالقوة.
بعد ذلك في نفس المساء اجتمع المخلوع بلجنة الأمن وأبلغهم قراره بفض الاعتصام بالقوة واستشهد بمقولة فقيه مالكي بجواز قتل الثلث لمصلحة البقية، وروى أن متشدداً قال بل قتل النصف. وأمرهم بتنفيذ أوامره أو أنه شخصياً سوف ينفذ أمره. ولكنهم في لجنة الأمن قرروا خلعه وولاية أمر البلاد.
ما حدث ليس انقلاباً عسكرياً مضاداً، فالانقلاب العسكري يقوده متآمرون ويكونون بعده مجلساً لقيادة ما يسمونه الثورة، ويفرضون برنامجاً على الناس. هؤلاء استولوا على السلطة لملء الفراغ، وأعلنوا انحيازهم لثورة الشعب مع غياب خطة محددة لذلك.
القوى السياسية الرافضة للنظام المخلوع مكونة من نداء السودان، وقوى الإجماع، وتجمع المهنيين، هؤلاء اتفقوا على إعلان الحرية والتغيير الذي أقدم على التوقيع عليه آخرون مثل التجمع الاتحادي المعارض، وتجمع القوى المدنية، والمجموعات النسوية السياسية والمدنية (منسم). وعلى أية حال هنالك شباب الاعتصام الثائر؛ وضحايا السدود وضحايا الأراضي المبيعة لأجانب، وجماعة ال 52، وحركة التضامن من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وضحايا التشريد المدني والعسكري، والقائمة تطول، ولكن لا بد من عمل قائمة مكتملة لمعارضي النظام المخلوع. هؤلاء جميعاً ينبغي أن تطلق عليهم صفة الكتلة الثورية المنوط بها المشاركة في المجلس التشريعي للفترة الانتقالية.
بحمد الله تم الاتفاق على إدارة الفترة الانتقالية عبر هيكل قوامه: مجلس سيادة مختلط مدني/ عسكري بصلاحيات السيادة في نظام برلماني، إلى جانب مجلس للأمن والدفاع يضم أجهزة الأمن والدفاع يتبع لمجلس السيادة، ومجلس تشريع يضم الكتلة الثورية، ومجلس وزراء مكون من خبراء بلا محاصصة حزبية. ومؤسسة قضائية مستقلة وكذاك محكمة دستورية عليا للفصل في خلافات الصلاحيات وغيرها. هذا التصور يمثل الواقع السياسي وقد ساهمت في تقديمه جماعة قومية مستقلة، وأفلحت عملية التفاوض حتى الآن في الاتفاق على بعض تفاصيله، كتمثيل قوى إعلان الحرية والتغيير وغيرها من قوى الثورة بنسبة الثلثين إلى الثلث.
هنالك ثلاث نقاط ضعف سوف تؤثر سلباً على الحكم الانتقالي وربما أعجزته هي:
أولاً: الخبراء المختارون خبراء في جوانب معينة بلا خبرة في السياسة وهي خبرة مطلوبة للمهمة.
ثانياً: في اختيارهم سوف يكون صوت أكبر حزب وأصغر حزب متساويان ما يجعل المقياس خالياً من أية وسيلة للترجيح.
ثالثاً: النسبة العالية للحرية والتغيير أوجبتها توازنات المرحلة الحالية، ولكن سوف تتكون معارضة قوية وشرسة لحكومة غير مستعدة لمواجهة المحنة السياسية ففاقد الشئ لا يعطيه.
والمطلوب لتلافي هذه المثالب السعي الفوري لتكوين الجسم القيادي لقوى الحرية والتغيير، والتواضع على ميثاق شرف يلزم الجميع بمراعاة أسس العمل الجبهوي. وأن تتبع ذلك مجهودات لبناء توافق وطني والتقليل من الاستقطاب بين قوى الحرية والتغيير والآخرين.
قادت النشاط الثوري في ساحة الاعتصام هيئة تنسيقية لجماعة الحرية والتغيير ذات صلاحيات تنفيذية وقامت بنشاط عظيم، ولكنها تعدت الصلاحيات التفيذية لمبادرات قيادية غير متفق عليها، مثل تقديم وثيقة دستورية للمجلس العسكري غير متفق عليها في الأول من مايو. وإعلان تجميد الحوار دون اتفاق على ذلك في 19 أبريل، والتصعيد خارج ساحة الاعتصام، ولدى أحداث الاثنين الماضي الإقدام على مخاطبة تصعيدية تطلب الأسرة الدولية التدخل في الشأن السوداني. وهي مواقف قيادية وغير مقبولة، وتوجب التصحيح الذي نحن بصدد القيام به وتكوين مجلس لقيادة الثورة تأخر تكوينه بسبب مناورات، ولكن الحاجة الماسة له يرجى أن تعجل بتكوينه كما نرجو في اجتماع يوم الخميس 16/5.
ولا بد من الإشارة لأحداث يوم الاثنين الدامي، فالتحقيق العادل ضروري. رحم الله الشهداء وعجل بشفاء الجرحى. الأحداث وقعت بعد أول خطوة نحو اتفاق مدني عسكري. لدى كل جريمة السؤال المشروع: من المستفيد؟ ههنا المستفيد قطعاً من يريد إجهاض الاتفاق وهم كثيرون.
هنالك تركيز مشروع على المطالبة بقيام الحكومة المدنية. ولكن إذا لم تتوافر الشروط السبعة الآتي بيانها فإن هذه الفترة لن تحقق أمال الشعب السوداني هي:
توحيد الموقف القيادي للكتلة الثورية، لا سيما والفترة الانتقالية سوف تواجه نكسات وتحديات يؤججها ظهور قوى سياسية بصورة أكبر من حجمها الحقيقي.
مقاومة المجلس العسكري لأية ضغوط نحو الاستبداد بالرأي وحرصه مع الكتلة الثورية على وفاق مستمر.
المدنية وحدها لا تكفي بل ينبغي أن تشمل مشاريع أساسية تلتزم بها الحكومة المدنية هي:
اتفاق سلام عادل شامل تشترك فيه القوى المسلحة والكتلة الثورية، ويبرم نتيجة لمؤتمر قومي للسلام العادل الشامل يتجاوز كافة المشروعات الخارجية.
إصلاح اقتصادي يوصي به مؤتمر اقتصادي قومي عاجل.
مشروع لتفكيك التمكين، فالنظام المخلوع لا يوصف استمرار نفوذه بعبارة الدولة العميقة فالدولة العميقة تجسدها مؤسسات كما في الولايات المتحدة في مواجهة الرئيس ترامب. ولكن الفساد في السودان يقوم على مؤسسات رسمية مجندة للحزب الحاكم، ومؤسسات موازية. الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) كان وكالة حكومية تغذيها المالية العامة، ويقوم نفوذه على شبكة محسوبيات، وأجهزة موازية وعلاقات خارجية موالية. القضاء على هذا الفساد لا تستطيعه الحكومة المدنية بل ينبغي أن تضع الكتلة الثورية به ورقة عمل وافية لتلتزم به الحكومة الانتقالية. لقد وضعنا فعلاً مشروع هذه الورقة في حزب الأمة القومي ويرجى أن يدرسها الآخرون ويعتمدونها بعد تعديلها على النحو الذي يحقق اتفاقاً قومياً..
الالتزام بمشروع تحول ديمقراطي يخطط له ليبدأ بقانون للمجالس المحلية، وقانون للحكم الفدرالي، وإجراء انتخابات في مجالسهما ليعقب ذلك مشروع الانتخابات العامة الحرة.
عقد مؤتمر قومي للعلاقات الإقليمية والدولية بهدف محو الآثار المذلة في العلاقات الخارجية التي أقامها النظام المخلوع، والاتفاق على علاقات إقليمية غير محورية، وعلاقات دولية متوازنة بين المعسكرات المتنافسة لصالح الوطن.
عقد المؤتمر القومي الدستوري الذي يشارك فيه الجميع ويصوغ مسودة الدستور ليجيزه البرلمان الديمقراطي المنتخب.
في هذه المشاريع الستة أساس نجاح أو فشل الفترة الانتقالية. فبعضنا يظن أن مجرد عبارة مدنية تكفي، ولكن الحكم المدني ما لم تدعمه نتائج هذه المشروعات سوف يخفق. وتأييد الأسرة الدولية للأداء المدني مشروط بالسلام، والإصلاح الاقتصادي، والتحول الديمقراطي.
لا معنى لتحديد الفترة الانتقالية بزمان بل بمهام متى تمت تقوم الانتخابات العامة الحرة، لأنه لا شرعية لنظام غير منتخب. ينبغي ألا يغيب الشعب عن مصيره أكثر من الثلاثين عاماً المظلمة.
هنالك حاجة لاتباع المجلس العسكري توازناً دقيقاً، فعليه حتماً ضغوط أن ينتقل من حال مشترك إلى حال آخر، وإن ضعف نتيجة مبالغات الكتلة الثورية فإنه يدفعها لمزيد من التحدي ما يغري عناصر انقلاب مضاد له. والحاجة كذلك للكتلة الثورية أن تتبع توازناً يحافظ على علاقة مجدية مع المجلس العسكري، ويحافظ على وحدتها، ويشكل ظهيراً سياسياً قوياً للحكومة المدنية الانتقالية. الإخفاق في هذه المعطيات يغذي الفوضى، وهي زخيرة للانقلاب المضاد الذي بدأت نذره فعلاً.
هنالك أحزاب إسلاموية اشتركت في التخطيط للانقلاب المشئوم، وأخرى ساندت النظام، هؤلاء يمنع اشتراكهم في الفترة الانتقالية، ولكن وجهنا لها جميعا النداء أن تقوم بمراجعات بحيث تعترف بخطأ الانقلاب على الديمقراطية، وخطأ محاولة تطبيق الشريعة بالوسيلة الانقلابية، وخطأ إقامة نظام الإقصاء وما صحب الانفراد بالأمر من مفاسد، وجدوى الالتزام بحقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية، والتخلي عن فكرة الحاكمية التي تجعل نظام الحكم ثيوقراطياً وهو في شريعة الإسلام شأن بشري كما أوضحت خطبة أابي بكر رضى الله عنه. هذه المراجعات أجرتها أحزاب مماثلة كالنهضة في تونس، والعدالة والتنمية في المغرب، وغيرها. لا نقول بحل هذه الأحزاب بل يحاكم كل من ضلع فيها في خرق الشرعية الدستورية عام 1989م تخطيطاً أو تنفيذاً، أو ارتكب جنايات أو فساداً، وتجرد بالقانون من الامتيازات التي حصلت عليها بالباطل، ويرجى أن تصلح حالها للمشاركة في بناء الوطن عن طريق النهج الديمقراطي.
لقد وقع السودان على نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، ولكنه لم يصادق عليه. الآن نصادق عليه ونعترف بالمحكمة الجنائية الدولية وهو الطريق للتطبيع مع الأسرة الدولية والتطلع لإعفاء الدين الخارجي. هذا الانضمام لا يعني تلقائياً تسليم المطلوبين للمحكمة، ولكن هناك خيار آخر إذا أمكنت محاكمة عادلة داخلية. ومع اختلاف وجهات النظر في هذا الموضوع يستشار أهل الدم.
ورغم هذه التحديات التي تنوء بحملها الجبال فإننا لسنا بصدد استبدال نظام بنظام فحسب، بل بصدد العبور التاريخي إلى مرحلة جديدة سوف يكون لها أبلغ الأثر في بناء الوطن. وسوف تؤذن بنهاية حكم الفرد وإقامة الحكم على رضا الشعوب، وبقدر المنن سوف تكون المحن، وبقدر المزايا سوف تكون البلايا وأبداً سوف يكون الغنم بالغرم.
ويقيني أن شعبنا قدر التحديات. فقد واجه نظم الانقلابات الثلاثة بثورات شعبية تصاعدت قوة وعطاء في 1964م، و1985م، و2019م، كما قابل الطغيان بمقاومة مسلحة في 1963م، و1982م، و2003م، و2011م.
وكل محاولة لتطويع شعبنا للطغيان فاشلة، ما يوجب علينا دفع التزامات النجاح مهما صعبت لبناء وطن المجد والصلاح والفلاح والنجاح.
علينا تحقيق مقولة حكمائنا:
إذَا التَفَّ حَوْلَ الحقِّ قَوْمٌ فَإنّهُ يُصَرِّمُ أحْدَاثُ الزَّمانِ وَيُبْرِمُ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.