*وإنما ذو ارتباط هو بتفتح الوعي الطفولي.. *وفي كريمة تفتح وعيي الكروي على المريخ – ذات نهار – ضد خصمه الهلال.. *أو ربما كان فريق النسر…. لا أذكر بالضبط.. *وأحببت المريخ منذ تلكم اللحظة… ليس لأنه انتصر، وإنما لأسباب لا أعلمها.. *فما كل شيء في هذا الوجود يخضع لمعايير المنطق.. *وفي مرحلة تفتح الوعي هذه نفسها كنت أقود دراجتي أصيل يوم خريفي بحلفا.. *وما بين حييِّ دبروسة والتوفيقية أظلتني غمامةٌ عجلى.. *ولفتت نظري، إذ بدت وكأنها تغطت بحجاب في لون كحل الحجر.. *فعشقتها، وسميتها – فيما بعد – الغيمة ذات الحجاب.. *وعشقت منذ تلكم اللحظة الطبيعة بغمائمها… وأشجارها… وبحارها… وصحاريها.. *بل….. وببروقها… ورعودها… وعواصفها أيضاً.. *وتفتح وعيي الغنائي – كذلك – على أغنيات أحمد المصطفى… فعشقتها.. *فقد كنت برفقة الوالد في حفل يخص مصنع بلح كريمة.. *وتضمن الاحتفال عرضاً سينمائياً من وحدة أفلام السودان… ذات شعار الخرتيت.. *وتضمن العرض ذاته عرضاً غنائياً بالمسرح القومي.. *واستهله العميد بأغنية الوسيم… واختتمه برائعة أيام زمان، ذات الإيقاع الحزين.. *وكان وجداني الغنائي أبيض… في مثل بياض حُلته ليلتذاك .. *فنُقشت فيه – منذ تلكم اللحظة – أغنياته، من لدن الوسيم… وحتى يا عظيم.. *وقبل أيام طالبني قارئ بالكتابة عنه… بحسباني عاشقاً لأغانيه.. *وقبل أن أفعل فعل رجلٌ لا يقل عشقاً لأغنياته هذه مني.. *إنه مفخرة إعلامنا المرئي – والمسموع – الرائع حد الإدهاش عمر الجزلي.. *والإبداع إن لم يدهشك فهو لا يكتمل إبداعاً اكتمال القمر.. *وفي بلادي كثرٌ يصعقونك بإبداعهم، قصصاً… أو شعراً… أو غناءً… أو إعلاماً.. *أو بالأحرى، يصعقون ذوي الحس الإبداعي من الناس.. *وفي حلقته التلفزيونية المعادة عن العميد قال إن أغانيه لا يعشقها إلا متفرد.. *وجامل كاتب هذه السطور إذ حشره في زمرة هؤلاء.. *فأحمد المصطفى كان سابقاً لزمانه حين كسر رتابة اللحن الدائري بأغنية الوسيم.. *وما زال سابقاً لزمانه… بأغاني زمان… من قبيل (أيام زمان).. *ويكفيه إبداعاً أنه استلهم لحن إحدى أغنياته من (بكاء) طفله – آنذاك – عز الدين.. *والجزلي يستلهم إبداعه من (بكاء الزمان).. *وفي حلفا تفتح وعيي الفكري على الفلسفة… إذ كانت من بين مناهج الثانوي.. *فعشقتها، فكاد عشقي هذا يوردني موارد التهلكة.. *فهي تجعلك تشك في كل شيء… كل شيء… حتى لتوشك ألا تثق في أي شيء.. *وإن لم تظلك حينها رحمته – كغمامتي تلك – قد تفقد كل شيء.. *وبفضل هذه الرحمة تكتشف أن كل الذي تُغرم به من جمال مرجعه إلى الله.. *فهو – سبحانه وتعالى – جميلٌ يحب الجمال.. *وتفتح وعيي – كبيراً – إلى حقيقة أن حب الله يمكن أن يكون مسبباً… أو بلا سبب.. *وأحد مسبباته إعمال الفكر، في تجليات الوجود ذات الجمال.. *فهو- إذن- الذي يجب أن يكون أول غرام.. *وآخر !!. بالمنطق – صلاح الدين عووضة صحيفة الإنتباهة