عندما دار الجدل بداية العام عند اجازة الموازنة كان المقترح المقدم من وزير المالية الدكتور إبراهيم البدوي تتضمن رفع الدعم عن البنزين بشكل فوري وجدولة بقية المحروقات بكل تدريجي. اعترضت قوي الحرية والتغيير على الخطة واجبرت الحكومة على تبني موقفها بالابقاء على الدعم، وأن كان الزملاء في قوي الحرية والتغيير غير مخول لهم بذلك، بالرغم من انهم التحالف الحاكم الا ان الامر هو من صميم عمل المجلس التشريعي الانتقالي اي ممثلي قوي الشعب سواءا كانوا في الحرية والتغيير كقوى حاكمة او غيرهم من قوى المعارضة، ولكن البرلمان معطل بسبب مفاوضات السلام. المهم ماذا حدث اننا وضعنا خطة البدوي جانبا في انتظار المؤتمر الاقتصادي وجربنا خطة قوي الحرية والتغيير في فترة الربع الأول من السنة المالية، ولا يجب علينا الاستمرار دون التوقف والسؤال لانفسنا عن ماذا استفدنا وماذا استفاد شعبنا من تطبيق خطة قوى الحرية والتغيير ؟ الخطة لم تفعل شي سوي ذادت الوضع سواءا على سوءه، الوقود أصبح معدوم تماما والصفوف له وللخبز اذدادت طولا، والأسعار في ارتفاع والجنيه فقد ما يقارب ال 50٪ من قيمته انذاك ولا جهة ترغب في دعمنا لأننا نفرغ الدعم هذا في تنك الوقود. كما أن الابقاء على الدعم شجع المهربين وزادوا من فعالية شبكتهم للتهريب، وفوق ذلك كله لا أمل بالحل القريب اذا استمرينا في نفس هذه السياسة. لا اريد أن ألوم جهة وإنما اريد فقط اعمال الخيارات الأخرى، فخطة الحرية والتغيير بالابقاء على الدعم قد اثبتت فشلها عمليا في الربع الأول من السنة المالية وان كانت هي واضحة من بدايتها كسياسة فاشلة بالبقاء على دعم المحروقات، فهلا أعطينا الان الفرصة وافسحنا المجال لخطة البدوي لتطبق في الربع الثاني من السنة المالية حتى إذا كنا غير مقتنعين بها. سيما وان خطة البدوي سوف توفر حوالي 115 جنيه قصاد كل جالون بنزين يمكن صرفه في القطاعات الأخرى مثل الصحة والتعليم والخدمات او الدعم المباشر للفقراء عبر تحويل الرصيد. لان نسبة المستفيدين من دعم البنزين لا تتعدى ال15٪ من السكان وهم ملاك العربات بينما بقية الشعب يصطلي بالعدم وينعم هؤلاء بدعم الدولة لهم. هل لك ان تتخيل في جنوب دارفور نيالا ان اسعار البنزين المدعوم بعد تهريبه يزداد اضعافا على سعر البنزين التجاري، فالبنزين التجاري في الخرطوم قيمته لا تتعدى ال130 جنيه والمدعوم يكون 28 جنيه والمهرب في نيالا يصل قيمته الي اكثر600 جنيه ويمكث المحتاج في الصفوف لأكثر من ست ساعات، لما الدولة تدعم شبكة مهربين وتجار على حساب القطاعات الأخرى وعلى حساب مواطنيها؟