في يوم انقلاب هاشم العطا على مايو يوم 19يوليو 1971، كنت وقتها في إدارة مؤسسة الخليج العالمية و مدير مصنع النسيج السوداني . بعد يوم شاق طويل ذهبت متأهبا لنوم عميق و لكن التليفون رن بإصرار جعلني أرد، فوجدت المتحدث هو المستر (بيانا لارسن) مدير مصنع الملبوسات الجاهزة المعروف باسم (سلوى بوتيك) على معرض الملبوسات بقلب الخرطوم . طلب مني المستر(لارسن) بتوسل شديد أن احضر فورا لمقابلته لان سيارته ذهبت بها زوجته لشراء بعض الاناتيك كذكرى، و لما كان هو الدنماركي الوحيد وسط العديد من الجنسيات الأجنبية في المؤسسة لبيت الطلب فورا و انا شبه نائم . قابلني لارسن مذعورا و حزينا تكاد دموعه تسبق حديثه طالبا العفو لأنه كان سيهرب دون استئذان مني إلى كينيا هو وزوجته و من هناك إلى الدنمارك على الخطوط البريطانية . و استطرد ان مدير الخطوط بالخرطوم اعاره هو وزوجته ملابس طاقم الضيافة ، و أراني الملابس . سألته بجدية: و لماذا فكرت في الهرب من السودان بعد هذه السنوات التي عملت فيه ؟؟ قال بعد أن تلفت يمينا و شمالا و همس لي : والدتي اوصتني إلا أعيش ابدا في بلد يحكمه الشيوعيون ، لأنها في شبابها عاشت بضع سنوات في شرق أوروبا قبل أن تعود إلى الدنمارك وقد رأت ما فعله الشيوعيون في تلك البلاد . و تنفيذا لوصية والدتي فإنني سأغادر السودان إلى أن ينجلي الموقف من الشيوعيين . نواصل تلخيص المذكرات .