الاهلي شندي يتعادل مع الرابطة السليم    نشر جدول انتخابات اتحاد الكرة بكوستي    إليك 7 أطعمة تساعدك في تقليل دهون الكرش طبيعياً    شاهد بالصورة.. حسناء جديدة تشعل المدرجات السودانية بالدوحة وساخرون: (طلعنا من الدمعة ظهرت لينا النظارة)    شاهد بالفيديو.. بطولة كأس العرب تشهد أغرب لقطة في تاريخ كرة القدم    شاهد بالصورة.. حسناء جديدة تشعل المدرجات السودانية بالدوحة وساخرون: (طلعنا من الدمعة ظهرت لينا النظارة)    شاهد بالفيديو.. بطولة كأس العرب تشهد أغرب لقطة في تاريخ كرة القدم    شاهد بالفيديو.. سلام بالأحضان بين هدى عربي ومطرب شاب في حفل زفاف ريماز ميرغني يثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي    شاهد بالفيديو.. طفل سوداني يرفض مرافقة أسرته بالسيارة ويمشي مسافات طويلة على أقدامه حزناً على خسارة المنتخب الوطني في كأس العرب    شاهد بالفيديو.. سلام بالأحضان بين هدى عربي ومطرب شاب في حفل زفاف ريماز ميرغني يثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي    بالصورة.. القيادي بالحرية والتغيير خالد سلك ينعي المذيع الراحل محمد محمود: (ودعناك الله يا حسكا يا لطيف الروح وطيب القلب.. كأنك كنت تدري بأن هذه الدنيا زائلة فلم تعرها اهتماماً)    بالصورة.. الناطق الرسمي لجيش حركة تحرير السودان "إنشراح علي" تتقدم بإستقالتها من منصبها وتنشر بيان تكشف فيه التفاصيل    والي الخرطوم يبحث مع بنك السودان المركزي تمويل إعادة تأهيل مشروعات البنى التحتية والتمويل الأصغر    داؤؤد با يقود المريخ للفوز مارين اف سي    "أوب-أوب-أوب، مثل رشاش صغير" .. ترامب يتغزل بشفتي المتحدثة باسم البيت الأبيض – فيديو    محمد صلاح.. الجانب الخفي في شخصية لا تعرف الاستسلام    جنوب السودان يعلن الحياد ويعتزم تأمين حقول هجليج النفطية    ليفربول يتماسك ويهزم إنتر بركلة جزاء متأخرة    الدونات واللقيمات ترفع خطر السكري بنسبة 400%    حاج ماجد سوار يكتب: عندما يؤشر البعض يميناً و هو يريد الإنعطاف يساراً (ترامب مثالاً)    تقارير: تحطّم طائرة شحن عسكرية في السودان    الإعلامية سماح الصادق زوجة المذيع الراحل محمد حسكا: (حسبي الله ونعم الوكيل في كل زول بتاجر بي موت زوجي.. دا حبيبي حتة من قلبي وروحي انا الفقدته وفقدت حسه وصوته وحبه)    والي الخرطوم يدشن أسواق الكرامة بمجمع أبوحمامة    السيسي يحبط خطة "تاجر الشاي المزيف في السودان".. كيف أفشل الرئيس المصري تحرك الموساد؟    حَسْكَا.. نجمٌ عَلى طَريقته    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    قبل النوم بلحظات.. "ثمرة ذهبية" تهدئ جسدك وعقلك    وفاة إعلامي سوداني    انقطاع التيار الكهربائي في عموم ولايات السودان    "كسروا الشاشات وهاجموا بعضهم".. غضب هستيري في غرفة ملابس ريال مدريد    شاهد بالفيديو.. خبير التحكيم المصري ونجوم الأستوديو التحليلي يجمعون على تقاضي الحكم عن ركلة الجزاء واضحة لصقور الجديان أمام العراق والجمهور: (الظلم التحكيمي لمنتخبنا في البطولة أصبح متكرر)    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    بيل غيتس يحذر : ملايين الأطفال قد يموتون بنهاية هذا العام    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزمل ابو القاسم يكتب:ودود الابتسامة
نشر في النيلين يوم 13 - 10 - 2021


د. مزمل أبو القاسم
* كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، وكان ليل ضاحية فيصل في منطقة الجيزة بالعاصمة المصرية القاهرة صاخباً كعادته، تختلط فيه أصوات الباعة الجائلين مع أبواق السيارات و(التكاتك)، بصخبٍ محببٍ للنفس.. في ذلك الوقت المتأخر طرقنا باب شقةٍ متواضعةٍ تقع في شارعٍ خلفيٍ هادئٍ بعض الشيء، وفتحت الباب صبيةً في مقتبل العمر، استقبلتنا ببشاشةٍ تليق بها.
* عندما خرجنا قلت لرفيقي وزميلي الحبيب ضياء الدين بلال (دي مرة مستورة وبت رجال)، فقدت زوجها بالأسر قبل أن يزول خضاب الحناء من راحتيه، عندما تم اعتقاله بعد أيام قليلة من سقوط الإنقاذ بلا ذنبٍ جناه، وعاد إليها واهناً مريضاً ففارقت الأهل والوطن كي تُعنى بِه بلا كلل.
* أذكر جيداً أنني حذرته قبل توقيفه بيومين أو ثلاثة من أن اسمه موجود على رأس قائمة الاعتقالات، وطلبت منه مغادرة السودان ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لأن صحته الضعيفة لن تحتمل رهق الاعتقال، فردّ علي بسؤال حائر: (لكن أنا سويت شنو لكن)؟
* لم يجد إجابةً على ذلك السؤال الموجع، مثلما لم يسأله أحد عن وزره على مدى قرابة عامين قضاهما حبيساً في سجن كوبر من دون محاكمةٍ أو حتى تحقيق، حتى اعتلت صحته، ووهن منه جسد عليل، مزقه مرض السكر، وعينان غائرتان، خضعتا إلى جراحةٍ سابقةٍ خارج السودان، وكان من المفروض أن يعود من حيث أتى كي يداويهما بعمليةٍ أخرى، فتم منعه من السفر، حتى كاد يفقد نعمة البصر.
* حينما ولجنا الشقة المتواضعة التي يقيم فيها أبو هريرة حسين في القاهرة تراءت لي أكاذيب قميئة، زعم مردودها أن صاحبها فاسد، يكتنز مائتي مليون دولار!!
* كان أبو هريرة رحمة الله عليه فاحش الثراء فعلاً، ولكن بمحبة الناس، وبمقدار سعيه بالخير لمعالجة المرضى، وإعانة الفقراء، ودعم المعوزين، وستر اليتامى والأرامل، ودعم ذوي الحاجات من كل الأعمار.
* سبق له أن دخل السجن محاطاً بديونٍ لم ينفق منها مليماً واحداً على نفسه، لأنه صرفها على تشييد ثلاثة عشر ملعباً للناشئين في ولاية الخرطوم، التي شهدت على عهده طفرةً تقاس بالسنوات الضوئية في مقدار العناية بنشاط اليافعين.
* عندما بلغنا أن وطأة المرض اشتدت عليه داخل المعتقل تواصلنا بالهاتف مع بعض النافذين، وناشدناهم الرفق به، وإطلاق سراحه، والسماح له بالسفر إلى الخارج للعلاج، فقوبلنا بآذان قدت من صميم الصخر، وقلوبٍ لم تعرف الرحمة إليها سبيلاً.
* بقي أبو هريرة أسيراً بلا ذنبٍ جناه حتى تقطعت أطرافه، وانحسر الضوء من عينيه، وفقد كليتيه، وشارف على الهلاك، فتم نقله إلى مستشفى علياء للعلاج، ثم أتاه الفرج بإطلاق سراحه، ليطير إلى القاهرة برفقة (بت الرجال الصابرة المستورة)، حيث خضع إلى عملية نقل كلى، عانى الأمرين في جمع كلفتها، مثلما تولى رفاقه ومحبوه توفير كلفة زواجه (بالشيرنغ)، وهو المدموغ ظلماً بالثراء الحرام!
* يوم أمس نعى الناعي حبيبنا وصديقنا أبو هريرة حسين، فسالت على الخد دمعة حرّى، وانفطر القلب بالحزن على رحيل إنسانٍ نادر، نذر حياته كلها لنشر المحبة والخير والجمال بين الناس.
* احتجب أبو هريرة بعد أن حكت قصة حياته الموجعة عن بشاعة ظلم الإنسان لأخيه الإنسان.
* مات مظلوماً فقيراً نبيلاً طيب القلب نقي الدواخل، مثلما عاش متفانياً في خدمة الناس، ساعياً لإعانة الضعفاء منهم، ومجتهداً لتخفيف آلامهم بنخوةٍ معهودةٍ فيه.
* ستبقى سيرته العطرة مرسومةً وشاخصةً على كل ملعب شيَّده كي يوفر به ملتجأً ليافعين قدم لهم الكثير، ولم يحصد من اجتهاده في تنشئتهم إلا الأذى والألم والغبن والظلم وقسوة القلب، ممن رأوا في فيضان المحبة الذي توافر له سبباً كافياً لإيذائه.. حد الموت.
* نصحه الأطباء أن لا يستقبل أحداً بعد أن خضع إلى عملية نقل الكلى، خوفاً عليه من العدوى، فلم يستجب لهم، لأن قلبه الطيب لم يكن يطيق بعداً عمن يسعون إلى الاطمئنان عليه.
* ستظل صورته النقية مرسومةً في شغاف القلوب، حباً وصدقاً وأنفةً ونقاءً وطيبة.
* ستسعى سيرته العطرة بيننا حتى بعد أن فقدنا رسمه، وعازنا صوته، وفارقتنا ابتسامة لم يفلح السقم في نزعها من وجهٍ مترعٍ بالطيبة والضياء والبهاء.
* سنفتقد أبو هريرة (ابن البلد الكريم الضكران الجدع) في الملاعب والمسارح وجلسات الأنس ومساعي النجدة للمحرومين.
* سنفتقده كلما سمعنا سيرةً تحكي عن مرارة الظلم وقسوة القلوب وجور الإنسان على الإنسان.
* سنفتقده في إستاد المريخ الذي أحبه وخدمه بإخلاصٍ، وظل حفياً بأخباره، يتسقطها وهو مسجىً على فراش المرض، ليطمئن على سيرة النجم الثاقب، الذي استأثر في قلبه الوفي بمحبةٍ خالصةٍ.
* رحل أبو هريرة إلى ربه فقيراً، لا يمتلك من حطام الدنيا الزائلة شروي نقير، وسنحزن لفراقه نحن عارفو فضله.. لأننا شهدنا منه ما استوجب المحبة، وما استدعى الحزن على رحيله الموجع.
* رحم الله (ودود الابتسامة) بقدر ما قدم لوطنه وأهله ومحبيه، ونبتهل إلى المولى عز وجل أن ينزله منزل صدقٍ عند مليك مقتدر، وأن يغفر له ويرحمه ويلزمنا وآله وذويه الصبر وحسن العزاء (إنا لله وإنا إليه راجعون).
صحيفة اليوم التالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.