يعجز كل المحللين عند قراءتهم للواقع السياسي والاقتصادي الحالي في السودان ليس لأن السياسة لعبة قذرة (dirty game) كما يزعمون ولا لأنها عمل الممكن بتوظيف الإمكانيات وإنما الحقيقة هي أن المشهد اشبه بملعب رياضي يعج بلعيبة لفرق متعددة وكل منهم يركل الكرة بطريقته ولا يفكر في التصويب الصحيح لإحراز هدف ، والمؤسف ان اللاعبين لا يلتزمون بضوابط اللعب ولا يستجيبون لصافرة الحكم ولا إعتراضات المعلقين ولا إستياء الجماهير . مجلس السيادة ومجلس الوزراء والحرية والتغيير ولجان المقاومة والأحزاب والحركات المسلحة ومنسوبي النظام السابق ومخابرات دول اخري وغيرها كلها الآن داخل الملعب السياسي السوداني وهي نفسها الجهات التي تمارس الفوضي داخل الملعب وتفسد علي الجمهور الإستمتاع باللعب الجميل والاهداف النظيفة، وكأن اللعيبة غير مدربين ولا يملكون الحد الأدني من المهارات. فوضي الملعب السياسي هو السبب الأساسي للفوضي التي تسيطر علي النشاط الإقتصادي للدولة وشركاتها ومؤسساتها وأسواقها، وهي التي تفاقم أزمات الخبز والوقود ومضاربات الدولار وانهيار قيمة الجنيه السوداني، وتصاعد الأسعار وغياب هيبة الدولة وعجزها في مواجهة الجهات التي تقف وراء كل مايحدث الآن. لن تنتهي فوضي الملعب السياسي السوداني طالما واصل كل لاعب الإصرار علي اللعب بلا مؤهلات وبلا رغبة في اللعب الجماعي والحرص علي احراز الاهداف ، والخاسر الوحيد هو الجمهور الذي دفع ثمن التذكرة وطال انتظاره لمشاهدة اللعب النظيف والاهداف الجميلة والفوز والتأهل لمرحلة متقدمة في منافسات كأس العالم . فمن يخبر المتواجدين داخل الملعب السياسي انهم قد افسدوا كل شيئ لأن كل واحد منهم يركل الكرة في إتجاه ، ولا يلعبون بروح التيم الواحد ، لأن الملعب وطريقة اللعب مخجلة والتهديف طائش وكأن شارة الكابتنية يحملها اكثر من لاعب لايحسن استلام الكرة وتمريرها بطريقة مقنعة ، وإنما يرسلها سهلة للخصوم ليحزوا اهدافهم في مرمي الشعب السوداني.