(1) ما أكثر العبر وأقل الاعتبار في خلاصات تجربة التيار الاسلامي في الحكم والممتدة لثلاثين عاما وذلك منذ صعوده للسلطة عبر انقلاب 30 يونيو 1989 على حكومة الديمقراطية الثالثة 1986 إلى 1989 برئاسة الإمام الصادق المهدي . لقد حددت قيادة الحركة الاسلامية السودانية بواعث الإنقلاب في ثلاثة أسباب أولها أن مذكرة هيئة قيادة الجيش السوداني التي رفعت إلى رئيس الوزراء في فبراير 1989 وضعت السودان في دائرة الإنقلاب العسكري المفتوح. والباعث الثاني أن الغرب الأوربي والأمريكي والذي يؤمن بنظرية صدام الحضارات لا يسمح للتجارب الديمقراطية أن تثمر مولودا إسلاميا إلا وسارع لاجهاضه وهو زغب الحواصل ونظرية صدام الحضارات ترى أن أي تجربة حكم إسلامية تؤسس نهضتها على هوادي ثنائية الدين والديمقراطية تقف على تضاد مع النهضة الغربية المعاصرة المؤسسة على ثقافة مروق الدين من الاقتصاد والسياسة والثقافة وتابوهات المجتمع. والباعث الثالث للإنقلاب أن التمرد في الجنوب الذي يقوده الدكتور قرنق منذ مايو 1983م، يتمدد بقوة السلاح ويكاد يبتلع السودان بمشروعه القومي العنصري المناهض لقيم العروبة والاسلام . هكذا اختلت معادلة التجربة الديمقراطية الثالثة والتداول السلمي للسلطة في السودان وأصبح الرهان على القوة والتي تبدت في بندقية الحركة الشعبية بمشروعها التصفوي الشوفوني، وقوة الحركة الاسلامية ، فكان يوم 30 يونيو 1989م لحظة انبعاث عقل الأقلية المبدعة في اللحظة التاريخية الحرجة. (2) بعد ثلاثين عاما من الحكم نفذت اللجنة الأمنية لنظام الرئيس البشير انقلابا عسكريا في يوم 11 ابريل 2019 . ثم توارت قيادات اللجنة الأمنية عن قيادة المشهد السياسي ، وصعدت إلى السلطة الانتقالية مجموعة من الناشطين السياسيين تحت مسمى تحالف قحت والذين اعادوا عجلة التاريخ السياسي إلى ذات حالة السيولة والفوضوية التي سبقت انقلاب 30 يونيو 89 وتكرار التاريخ مرة مهزلة وتكراره اكثر من مرة مسخرة بتعبير كارل ماركس فالسودان بعد توقيع الوثيقة الدستورية في أغسطس 2019 أصبح يدار كليا من السفارات الأجنبية لدرجة أن السفير البريطاني صاغ مذكرة طلب البعثة الأممية يونتاميس دون علم مجلسي السيادة والوزراء . وتم وضع فيتو احمر يقضي باقصاء الإسلاميين من الحياة السياسية بل وكاد أن يتم تصنيفهم جماعة إرهابية كما صرح صديقنا اللدود محمد الفكي سليمان. ثم تضخمت مليشيا آل دقلو سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتم توظيفها من الحلف الخارجي لتصفية الاسلاميين من جذورهم مقابل أيلولة حكم السودان وراثيا لأسرة آل دقلو ونفاذ هذا السيناريو يعني تفتيت السودان على أسس صراع الهويات القاتلة. (3) إن التاريخ ماكر ويضمر الشر لمن لا يتعظ منه بتعبير هيغل فمنذ صعود الإسلاميين للحكم لم يتغير الهدف الإستراتيجي للحلف الإقليمي والدولي والساعي إلى إسقاط تجربة الحركة الاسلامية في الحكم ولكن تنوعت تكتيكاته بين القوة الصلبة والناعمة حتى أسقط التجربة من داخل بنيتها الصلبة المنوط بها المناجزة عن التجربة بالسنان وذلك عبر نظرية الاقتراب الاستراتيجي. رغم تآمر الغرب وحراس مشروعه الثقافي في الداخل على إسقاط تجربة الإسلاميين في الجزائر عام 1993م وتجربة حماس في فلسطين عام 2007م، رغم هذه العبر فقد تحولت إستراتيجية الحركة الاسلامية في التغيير الحضاري الشامل في السودان عبر السلطة والتي كان شعارها ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقران إلى محض تكتيكات بدأت بالمفاصلة الأولى وخروج العقل الفكري والإستراتيجي عام 1999م ، ثم انفصال الجنوب عام 2011م ، وتوالي الإنشقاقات والتي شملت مجموعة أمين بناني ، والطيب مصطفى، وجبريل ابراهيم وغازي صلاح الدين، هكذا اعتزل التجربة أهل العصبية الفكرية والجهادية ، وصعد أمثال المرتزق على الشيوع حميدتي فكان هذا ائذانا بالموت السريري للتجربة ثم وظف الحلف الإقليمي والدولي الخبيث تناقضات الاسلاميين لاسقاط تجربتهم في الحكم ، وهكذا كان الاسلاميون بارعون في تكتيكات إسقاط تجربة الانقاذ وفاشلون في استراتيجيات العض عليها بالنواجذ وتعهدها بالاصلاح الصبور والدوؤب والمستمر من الداخل حتى إثمار المثال الديمقراطي . (4) يدرك التيار الإسلامي في السودان من عبر ثورات الربيع العربي أن التحالف الإقليمي والدولي وراء إسقاط تجارب الاسلاميين في مصر وتونس ويمنع صعودهم في اليمن وليبيا، ويتآمر على التجربة السورية وهي في مخاض صراع الرؤى والتكوين، وينزع هذا الحلف الشرير لتحطيم حركة حماس ، وتفكيك حزب الله، وضرب إيران في العمق الاستراتيجي، واسقاط تجربة العدالة والتنمية في تركيا ويدرك الاسلاميون في السودان ان انشقاقاتهم المتوالية هي السبب في إسقاط تجربة الانقاذ في الحكم وتنامي التدخلات الخارجية الخبيثة التي انتهت بحرب 15 ابريل 2023م التي كادت ان تعصف بالدولة السودانية في الهاوية. فما هو واجب التيار الاسلامي في هذه اللحظة التاريخية الحرجة؟؟ القرار الاستراتيجي هو الوحدة الشاملة في حزب سياسي طليعي جديد وقيادة شبابية جديدة تعبر عن اشواق الاسلاميين ، وتطلعات المجتمع السوداني في دولة العدالة والحرية والديمقراطية المستدامة والعزة والوحدة والوفاق والسلام والتنمية والنهضة. ان وحدة التيار الاسلامي هي البداية الواثقة لبناء اكبر كتلة حرجة في التاريخ السياسي السوداني المعاصر واعني بذلك (كتلة تحالف الكرامة) والتي تضم كل القوى السياسية والمجتمعية التي ناصرت الجيش السوداني في معركة الشرف الوطني، ومهام هذه الكتلة الحرجة تتجلى في بناء دولة قوامة المجتمع، وقيادة السودان في دورات تجارب ديمقراطية توافقية في مرحلة ما بعد حرب الكرامة. عثمان جلال الجمعة: 2025/4/18 script type="text/javascript"="async" src="https://static.jubnaadserve.com/api/widget.js" defer data-deferred="1" إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة