قناعة راسخة منها وإيمان قاطع بعدم جدوى الحرب وضرورة الجوار الآمن قامت الخرطوم بخطوة مثالية تعبر عن النضج والوعي السياسي والتجربة الرائدة الطويلة فقد أفرجت عن سجناء يتبعون لدولة الجنوب في بادرة لحسن النوايا ورغبة في استدرار وشائج وعرى الإخاء والجوار وبناء على ذلك فقد أكتمل يوم الخميس الفائت ترحيل الفوج الثاني أكثر من مائتي سجيناً من مواطني دولة جنوب السودان كانوا بالسجون السودانية غادروا إلى بلادهم بعد أن صدر في حقهم عفو رئاسي وأسقطت بموجبه العقوبات الموقعة عليهم. وكان ترحيل الفوج الأول تم يوم الإثنين الماضي وضم أكثر من خمسين شخصاً ممن كانوا يقضون عقوبات قضائية متفاوتة بالسجون السودانية، على أن تغادر البقية خلال الأيام القادمة. وجاء قرار العفو عن هؤلاء في إطار الانفراج في العلاقات بين البلدين خصوصاً بعد التوافق الأخير حول القضايا الخلافية، وفي إطار حسن النية والجدية في إقرار السلام والاستقرار بين دولتي السودان وجنوبه هذا ما جادت به الخرطوم فما هو موقف جوبا حيال إبداء حسن النوايا فيما يتعلق بالسجناء؟ وما هو موقف تلفون كوكو أبو جلحة؟ فعقب اتفاقية السلام الشامل في العام 2005م ، جاء تلفون إلي الخرطوم واتخذ من قلمه سلاحاً له ليطالب الحركة الشعبية بإعطاء أبناء جبال النوبة حقوقهم ودفع فاتورة نضالهم عندما رأي أنها أستأثرت بكل كيكة السلطة والثروة للجنوب ولم تترك لأبناء النوبة الذين قاتلوا في صفوفهم أي شيء حتى عندما اختارت الحركة تمثيلاً رمزياً للنوبة. وتتخلص رؤية كوكو بإنه أدرك مؤخراً أن ما قام به أبناء جبال النوبة من خدمة الحركة الشعبية أيام النضال لم يجد التقدير ولا المكافأة. ويجمع عدد من المراقبين أن تلفون كوكو يمثل حالة ثورية غاضبة استطاع إخراجها من باطن الحركة الشعبية عندما تصدي بشجاعة نادرة لرفاقه بالحركة الشعبية وأصبح يكيل لهم النقد الجراح ويكشف عن الكثير من التعامل المزدوج للحركة الشعبية لأبناء جبال النوبة خاصة ولم يسلم من قلمه الجارح حتى أبناء جلدته من النوبة الذين يعتبرهم أنهم أصبحوا دمي في أيدي الحركة الشعبية. الثائر السوداني تلفون كوكو تم اعتقاله وأودع السجن في جوبا. وتلفون كوكو بالتأكيد ليس السوداني الوحيد في سجون جوبا ولكنه الأبرز ما نتوقعه إن يتم الإفراج عن تلفون كوكو على جناح السرعة لتعرب جوبا عن حسن النوايا. أخبار اليوم
