{ ارتفع سعر (الدولار) والعملات الأجنبية الأخرى مقابل (الجنيه) السوداني، مرة أخرى، خلال الأيام القليلة الماضية، وبلغ سعره في السوق الموازية (7.5) جنيه، في هبوط غير مسبوق للعملة السودانية منذ استقلال السودان في يناير من العام 1956!! { قيمة (الدولار) حسب ميزانية حكومة السودان التي قدمها وزير المالية والاقتصاد الوطني "علي محمود عبد الرسول" إلى (البرلمان) هذا العام، هي (4.5) جنيه!! أي أن الدولار زاد (ثلاثة جنيهات)، دفعة واحدة، على السعر المحدد في الميزانية!! وكأن شيئاً لم يكن.. وإدارة النقد الأجنبي في بنك السودان والإدارة التنفيذية التي تلي محافظ البنك، غير مكترثة تماماً لهذه التطورات الخطيرة، المهددة لميزانيات (كل) فرد من أفراد الشعب السوداني، بمن فيهم الوزراء والولاة وكبار قيادات الدولة!! { هل تشكلت (غرفة طوارئ) أو (عمليات) بين وزارة المالية وبنك السودان لمتابعة ومعالجة وامتصاص (صدمة) أكبر عملية (انهيار) للجنيه السوداني، التي تتم بهدوء وتسارع مخيف؟!! { يبدو أن الأمر صار اعتياداً عندهم، فلا ضير أن يرتفع (الدولار) ويهبط (الجنيه).. جنيهين وثلاثة.. الأخطر أنهم تعودوا أيضاً أن ينقلوا إحساس (الاعتياد) والتقليل من مثل هذه المخاطر إلى القيادات (الأعلى) في الدولة!! (عادي يا سعادتك.. بكرة بنزل.. قبل كده طلع.. ونزل.. ما تشيلوا هم.. نحنا مفتحين)!! { لكنه لم يهبط إلى (4.5) جنيه كما هو محدد في الميزانية المحترمة، بل هبط إلى (6.5) و (6.2) جنيه.. وهذا يعني أنه عندها يهبط هذه المرة - هذا إذا انصلح الحال، وعبر بترول الجنوب إلى ناقلات التصدير - سيهبط إلى (7) جنيهات و(6.8)! { إن الذين يديرون الاقتصاد في بلادنا - الآن - أخطر على السودان، وحدته، وتماسكه واستقراره، من مليشيات (الجبهة الثورية) المتمردة في دارفور وجنوب كردفان، فهذه المليشيات يمكنها أن تحتل مدينة أو بلدة، ولكن انهيار الاقتصاد (الصامت) سيؤدي إلى سقوط الدولة - كل الدولة - وليس الحكومة، وليس النظام. { مطلوب (جراحة) حقيقية عاجلة، لمعالجة (التشوهات) التي ضربت قطاع الاقتصاد في بلادنا، إدارة.. وسياسة. { أنا من جيل (الشباب)، ولكنني أنادي بتعيين (شيخ) تجاوز الستين من العمر لمنصب وزير المالية، ولا أرى أنسب لهذه الوزارة في هذا الوقت الحرج والحساس من بين (شيوخ الاقتصاد) في السودان، سوى وزير المالية الأسبق الدكتور "عبد الوهاب عثمان" صاحب (الشلوخ) المميزة، والإرادة القوية، والإدارة القابضة الواعية والعلمية. { "عبد الوهاب عثمان" ولو توكأ على عصاه، ليصعد سلم الوزارة العتيق، أفضل (مئة مرة) من شاب مجتهد يأتي ليتعلم على حساب الشعب إدارة اقتصاد معيوب في بلد مثقوب بالديون والالتزامات المالية والتحديات الاجتماعية والأمنية والسياسية. { بالله عليكم.. ذكروني بوزير مالية ثبت في عهده سعر الجنيه السوداني مقابل النقد الأجنبي (لثلاث سنوات) مستمرة غير "عبد الوهاب عثمان"، رغم أن الخزينة العامة لم تدخلها في تلك الفترة عائدات بترول، ولا ذهب، ولا زراعة؟! { أنا أعلم أنه لن يوافق، وقد قدم استقالته من قبل ثلاث مرات، ولكن نداء الوطن واجب النفاذ. { نحتاج إلى (معلم) و(ألفة) لإدارة اقتصاد هذه المرحلة، وإلا فإن هذه (التصدعات) على الجدران ستطيح رويداً رويداً بكل (المبنى). { سيدي الرئيس.. (إعطنا هذا الدواء).. هذا الوزير الخبير. { اللهم اغفر لنا.. وارحمنا.