دعوني أبدأ بحديث نائب أمين الفكر والثقافة بالمركز العام للمؤتمرالوطني أبي عز الدين الذي قال فيه «إنه لم يستبعد أن تكون هناك بعض المجموعات الإسلامية المناوئة للوطني كالمؤتمر الشعبي والسائحون أو الإصلاح والنهضة تسعى للنيل من الوطني عبر هذا الحفل». إن المؤتمر الوطني حزب سياسي وليس إلهاً يعبد تجري عليه أحكام القداسة، فهو يخطئ ويصيب وكذلك الأحزاب التي ذكرتها، أما حديثك عن هذه المجموعات الحزبية التي ذكرتها ولمحت فيها بأنهم يدفعوننا ليحققوا بنا مآربهم التي تسعى للنيل من الوطني، فأرجو أن تبحث لك عن شيء تنال به حظوة عبيد الأرض غير هذه الفرية، وبحمد الله فإن نفسي تعز عليّ الشراء وصدقني فإن حديثي في المنبر لم يكن في يوم من الأيام لمرضاة تلك الأحزاب التي ذكرت فإني وبحمد الله منذ عام 1994م أناصح بالصوت المسموع الحكومة والمعارضة على السواء مناصحة لا هوادة فيها، وبحمد الله كذلك لم أتقاض أجراً منذ ذلك التاريخ، لأن القضية التي أعيش من أجلها أجل وأكبر بكثير من عرض المال الزائل وإرضاء السلطان الزائل. أما حديث الأمين العام لرعاية المبدعين بهذه الوزارة بأنه «يسأل الله العفو والعافية من خطباء المساجد لأنهم تحدثوا في أمر لم يعرفوه ولم يروه من قبل» كيف يريدنا الأمين العام أن نعرف أكثر من خبر نشرته جريدة «حكايات» ومشفوع بالصور الراقصة الماجنة والعناوين المثيرة والصحيفة قد صدرت منذ يوم الثلاثاء ومر عليها يوم الأربعاء والخميس والجمعة ووزارة الثقافة لم تحرك ساكناً ولم ترفض سطراً واحداً مما جاء في الخبر ولم تستيقظ وزارة الثقافة إلا بعد خطبة الجمعة في المسجد الكبير «ليت صحيفة حكايات تعيد تلك الصفحة مرة أخرى» وأنا في الواقع أسأل الله العفو والعافية من الأمين العام ووزارة الثقافة التي هي آخر من يعلم. أما أن يكون هو خريج شريعة ودعوة ولا يسمح بالفساد، فأقول له بأن هناك شيئاً اسمه الغفلة تجعل الفساد يمر تحت أقدام أتقى الأتقياء وقليل من ينجو منها، وأنت لست معصوماً. نائب أمين الفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني يقول «إن البرنامج كان عملاً إبداعياً كشف عن الكثير من المواهب»، وقال «إن الحفل لم يشهد أي نوع من الرقص سواء شعبي أو عربي» إذن أين نضع هذا الحديث مع حديث الجيلاني الواثق أمين دائرة الفنون والآداب بالمؤتمر الوطني الذي يقول «إن هذا الحفل يتنافى مع عادات وتقاليد السودان وإن موقفه من الاحتفائية كان واضحاً وإنه أعلن رفضه قيام الحفل»!! وأين نضع حديث الصحافي علي البصير صاحب البصيرة وحديثه عن «حفل ماجن ترعاه الدولة» ليت جريدة «الإنتباهة» تنشر ذلك المقال لتقطع جهيزة قول كل خطيب «ليتهم يفعلون»، واذكر فيما قاله «وكانت البنت ترقص كأنها أمريكية» معنى ذلك أن حديث نائب أمين الفكر والثقافة يحتاج إلى مزيد من الفكر والتفكر والشفافية، وأتمنى ألا يستميت في الدفاع عن وزارته المخطئة. أما مطالبة أمين الفكر بأن يتخذ ضدنا إجراءات قانونية ومقاضاتنا بسبب القذف والسب والعمل على نشر الفتنة في المجتمع!! وإيقافنا عند حدنا خوفاً من أن نكفرهم ونكفر المجتمع وننفر الشباب من الإسلام. وأن حرية التعبير ليست مطلقة!! ألخ» وليت أمين الفكر يفعل ما يقول، وليته يقدم معنا كوكبة من المفسدين الملطخة أياديهم بالفساد ومازالوا زماناً طويلاً يفسدون في الأرض وبيناتهم متوافرة ولكنهم في غرفاتهم آمنون لا يجرؤ أحد أن يحدثهم عن المحاكم دعك من أن يقدمهم لها. أما القذف والسب فدونك الخطبة وقد سجلتها قناة طيبة الفضائية فاطلبوا منها أن تبثها، كما أرجو صادقاً أن تبثوا حفلكم الميمون حتى نتبين إن كان الرقص الذي فيه رقص الفروسية والشهامة والرجولة أم هو الخيبة والخزي والفجور والميوعة التي جعلت أخانا علي البصير لا يستطيع أن يفرق بين البنت والولد لهول ما رآه!! أما منهجنا في الدعوة فبحمد الله لم نر من اشتكى منه غيركم، بل وبحمد الله نجد آلافاً مؤلفة من البشر يستحسنونه وينتفعون به ولم يتفق البشر على رجل مشى على قدمين إلى يومنا هذا!! ونحن وبحمد الله زاهدون في الجسر الذي تحدثت عنه ليتم التواصل بيننا وبين الشباب، فنحن أدرى بشعاب مكة وهضابها منكم. أما ما أوردته صحيفة «السوداني» بأن فرقة من العباسية أم درمان قدمت «رقصاً استعراضياً» أدهش الأمريكان!! وقالوا لهم أنتم بارعون أكثر منا!! لستم في حاجة لتدريب!! يجب أن تأتوا لأمريكا وتقدموا عروضاً هناك!!». بالله عليكم إن كان في السودان كل هذا الكم الهائل من علماء الفضاء والفيزياء.. والكيمياء!! عفواً من الراقصين ثم إذا كانت فرقتنا قد أدهشت الأمريكان وجعلتهم يعترفون ببراعة شبابنا في الرقص، فما الداعي لكل هذه الهيلمانة. هنيئاً لك يا علي عبد الفتاح وإخوانه بهذه الكتائب من الشباب الراقصين الذين تتقرب بهم وزارة الثقافة إلى الله فهم «100» أو يزيدون في مجالات موسيقى الجاز والراب والهيب هوب «البريك دانص» ما شاء الله يا وزارة الثقافة بهذه الهدية العظمى في العام الهجري الجديد، كما نشد على يد صديق الكدرو مهنئين بهذا النجاح الباهر الذي يعده «انطلاقته نحو العالمية!!»، وليتها كانت في ما توصل إليه الأمريكان من علوم ومعارف وليس في هز الوسط والأرداف. أما السفير الأمريكي الذي يقول «نحن سعداء جداً بإحضار هؤلاء المدربين في مجالات ثقافية متعددة» «نحن دائماً في السفارة نبحث عن طرق للترابط والتواصل بين الشعبين السوداني والأمريكي في السنوات الأخيرة». أين ذلك التواصل والترابط والحنية والحميمية التي ظهرت فجأة نحو شعب السودان الصابر وأنتم الذين حرمتموه من كل حق تمتعتم به أنتم وأذنابكم وسادتكم في إسرائيل. حرمتمونا كل الإسبيرات الهامة وأوقفتم عجلة الصناعة أو كدتم بسبب تلك العقوبات الجائرة؟ هل سمع أوباما بهذه الحميمية التي برزت فجأة بين أمريكا وشباب السودان!! لتعلمهم الراب والهيب هوب والبريك دانص!! اللهم أجرنا في مصيبتنا. أما سؤال السائل عن اعتراضنا هل هو للرقص أم الأمريكان أم على قيام الأمريكان بتعليمه للشباب؟ فأقول للأخ الكريم ضياء الدين: اعتراضنا على كل ذلك لأني أعلم يقيناً بأن أقصر الطرق لصرف الشباب عن مكارم الأخلاق وعجلة الإنتاج والإبداع في مجال التقنية والإمساك بقيادة هذا الكون بالعمل وتسخيره لخدمة الإنسان هو الرقص. أما أن يقوم هؤلاء الأمريكان بتعليم شبابنا الرقص فهذه ثالثة الأثافي «حشف وسوء كيل». أما أن يظن ظان بأني أتحدث عن فساد وأستثني فساداً، فمنبري في المسجد الكبير يشهد عليَّ بذلك إن كان هذا الذي قلتم حقيقة أم ادعاء كاذباً. ولو استطعت أن أصدر ذلك القانون الذي أشار إليه السيد ضياء الدين بلال بمنع الرقص كله لفعلت حتى ينهض شباب هذه الأمة وينفض عنه الغبار ليلحق بالأمم التي صار بيننا وبينهم أمد بعيد. أما في ختام حديثي فإني والله متعجب من صمت المصلحين الذين آثروا السلامة ونجوا بجلدهم!! أليس هذا ميدانكم؟! أليست هذه قضيتكم التي أمضيتم أعماركم فيها؟! أليست هي الأخلاق التي كنتم تعلمونها لنا بالليل والنهار في الرحلات القمرية وفي قيام الليل وفي حلقات الأسر؟! أليست هذه القيم التي حرصتم على تعليمها لنا آناء الليل وأطراف النهار؟! أليست هذه هي القضية الكبرى «قضية الأخلاق» التي دفعتم من أجلها آلاف الشباب إلى سوح العمليات في الجنوب وغيره لتبقى في الأرض ناصعة زاهية؟! أليس هذا هو المنكر الذي حفلت به آيات القرآن الكريم؟! أليس الفساد هو الفساد؟! ما هذا الصمت من أعلاكم إلى أدناكم؟! ما هذا الصمت المريب؟ هل أصبح للألفاظ مدلول غير معانيها الحقيقية؟ هل أصبح للفساد تعريف آخر غير الفساد؟؟ هل آثرتم دنياكم على أخراكم؟ هل رأيتم ما أنفقتم فيه أعماركم من الدعوة إلى الله كان ضياعاً لأوقاتكم؟؟ هل وجدتم لله بديلاً؟! ما هذا الصمت المريب؟؟ أين أنتم أيها العلماء مما تسمعون وتشاهدون؟؟ أين الذكر والذاكرين وهيئة علماء السودان وأين مجمع الفقه؟؟ بعضكم يوثر السلامة وبعضكم يخشى من الفتنة وقد سقط فيها. وبعضكم يعمل ليترك ورثته أغنياء ثم يموت كما يموت العير. وبعضكم قتله اليأس وبعضكم لا يريد أن يغضب إخوانه وبعضكم يخشى من ضياع المنصب، ما هذا الصمت المريب؟؟ الفساد وصل العظم!! وأنتم صامتون تهربون بجلودكم وتظنون أنكم تفرون من الله، بل بعضكم أصبح يدافع عن الفساد بكل أنواعه وبشراسة شديدة «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا» كل ذلك والله لا ينجيكم، فالمنكر لن يتغير إلا باليد أو باللسان أو بالقلب وذلك أضعف الإيمان لا تظنوا أني استنصر واستنجد بكم أو استدعيكم كلا والله، فأنا والحمد لله قادر على رد كيد الكائدين ولكني حزين متحسر متعجب على رجال ما كنت أظنهم يستكينون ويستسلمون بهذه السرعة حتى إن الفساد الصراح لا يحرك فيهم ساكناً ولا ينطقون بكلمة تشفع لهم عند الله يوم الحيرة والتغابن والنشور وكثير منهم تواروا خلف صياصيهم التي أنفقوا الأعمار في بنائها وآخرون تواروا خلف وظائفهم. وآخرون تواروا خلف تربية أبنائهم، وآخرون تواروا خلف الخوف من الفتنة. وأخيراً، إن كان للرقص كل هذه العظمة وكل هذه المكارم لماذا لم تعلموه لنا ونحن صغاراً يافعين حتى نكفيكم شر استيراد أساتذة الرقص من الخارج وتوفير أموال الدولة، لماذا حرمتمونا من تلكم المكرمات والحسنات وحرمتم منها إخواناً مضوا إلى ربهم وصحائفهم خالية من هذه الحسنات والامتيازات؟! لماذا حرمتم محمد صالح عمر ومبارك قسم الله وعبد السلام سليمان سعد ومجذوب الخليفة وإبراهيم عبيد الله ومحمد عثمان محجوب وفتحي خليل والشيخ أحمد علي الإمام وكثير.. كثير.. لماذا حرمتموهم من هذه الأجور التي كانت كافية لدخولهم الجنة والفوز برضوان الله؟! لماذا لم تضعوا تعليم الرقص في برامج الأسر آنذاك، أليست هذه خيانة لله ورسوله ما دام للرقص كل هذا الفضل والدرجات العلا؟! وأعود لأقول: وإذا أصيب القوم في أخلاقهم... فأقم عليهم مأتماً وعويلا ولله الأمر من قبل ومن بعد «ومن يهن الله فما له من مكرم». صحيفة الإنتباهة