حملت أنباء الأيام الماضية نبأ تسلم سفير السودان السابق بمصر كمال حسن علي، لمهامه رسمياً، وزيراً للدوله بوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي، وذلك عقب لقائه بوزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي مشاعر الدولب. قيادة رحبت الوزارة بالوزير كمال واعتبرته اضافه حقيقة في مسيرة العمل الاجتماعي ومتمنين له كل التوفيق والسداد في مسيرته. فيما أشاد وزير الدوله بالرعاية كمال حسن علي بالانسجام والتناغم بالرعاية والضمان الاجتماعي، ووصفها من الوزارات ذات الخصوصية، ومؤكدا على العمل المشترك ومضاعفة الجهد لتقديم افضل الخدمات لاصحاب الحاجات في الشأن الاجتماعي والانساني. حسناً؛ وزير الدولة الجديد أسندت له ملفات العمل الإنساني، وكان قد يمّم وجهه إلى مقر الوزارة السابق (الشؤون الانسانية) والتقى بالمفوض العام الدكتور سليمان مرحب، واطلعه علي المفوضية ومهامها واللجان التنسيقية التي تعمل في الشان الانساني والإدارات المختصة التابعه لها. خارج نطاق التكليف كان الحديث قد كثر عن السبب الذي تم الدفع بموجبه بملف وزير الدولة بالرعاية، للسفير السوداني السابق بالقاهرة؟ وهو التعيين الذي كان قد صدر قبله مرسوم جمهوري بتعيينه وزير دولة بالخارجية؟! الأسئلة والتكهنات التي تجوب الساحة في الفترة الأخيرة حول أسباب ذلك التحول كثيرة، فالرجل كان قد غادر محطة سفارة السودان بالقاهرة قبل أسابيع، ولم تزل التساؤلات منثورة حول التعديل وسبب رجوعه من المحروسة قبل انقضاء فترة عمله بها كسفير. ذهبت تفسيرات البعض بأن السودان وجد أنه من الأفضل تعيين سفير ذي خلفية عسكرية، فيما راجت أخبار أمس الأول (السبت) بأن الأمر استقر على محمد الحسن مساعد، مستشار الرئيس السابق، لتولّي منصب السفير بالقاهرة لأنّه يتمتع بعلاقات جيدة مع المصريين، علاوة على أنّه خلال فترة عمله بالقصر كان محل إشادة الرئيس. على كل، ففقد شككت بعض الجهات في رجوع كمال، وقالت إن خلف ذلك أسباب، خاصة وأن القرار جاء بعد حديث للرجل مع أحد الفضائيات المصرية تراجعت عنه لاحقاً، بعد احتجاج كمال وشروعه في إجراءات قانونية ضدها، ويبدو أن القرار كان بسحب كمال لأن الساحة في مصر الآن غير مهيأة لوجوده. داخل الساحة المصرية كانت هناك أيضاً تحليلات حول سبب رجوع كمال، منها أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع علي عثمان محمد طه، وعندما ترك طه منصبه كنائب أول للرئيس تم التخلص من كمال باعتباره أحد رجاله. التحليلات الاعلامية المصرية انطلقت من فرضية أن هناك صراعاً بين البشير وعلي عثمان، وهذه الفرضية لم تؤكدها الأحداث على الأرض، فمنذ خروج علي عثمان وهو يحضر الفعاليات المهمة للحزب، كما يحضر اللقاءات مع الأحزاب في إطار الحوار الوطني الذي تبناه خطاب الرئيس الأخير. إذن وحتى لو تم الاعتماد على هذا التحليل بفرضية وجود صراع، فإن علاقات كمال بالرئيس والثقة التي يوليها له تذهب في عكس الاتجاه، فعندما كان كمال رئيساً لمكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة، كان الرئيس البشير نفسه يحل ضيفاً عليه، ومن كان يرى لقاءات البشير وكمال بالقاهرة كان سيتأكد أن العلاقة ليست عادية بين الرجلين، فالرئيس هو الذي اختار كمال سفيراً للسودان بمصر رغم أنه ليس دبلوماسياً، وكان ذلك بقرار سياسي نظراً للعلاقات التي اكتسبها كمال مع كافة الأحزاب المصرية، ومن ثم فمن باب أولى أن يكون كمال في التصنيف من رجال الرئيس وليس علي عثمان. ما علينا.. إذ ما أن انتهى الأمر وعاد كمال إلى الخرطوم، جاء تغيير منصبه من وزارة إلى وزارة، ما آثار التكهنات مرة أخرى، ليخرج طرف ثالث يلمح بأن وزير الخارجية علي كرتي لا يريد كمال معه في الوزارة. بحثنا في الموضوع وبدأنا بكمال نفسه ليرد لنا عن هذه التساؤلات، فقال ل(اليوم التالي) إنّ الموضوع طبيعي ولا يحتمل كل هذه التحليلات، مضيفاً: سأتولّى إدارة الشؤون الإنسانية التي كانت وزارة مستقلة وانتقلت إلى وزارة الضمان الاجتماعي، بعد أن كانت جزءاً من وزارة الداخلية قبل ثلاثة أسابيع، بقرار من رئيس الجمهورية، وتابع كمال: أتشرف بأن أعمل مع الوزيرة مشاعر الدولب، فهي أخت عزيزة وكريمة. كمال أكد أن مجال العمل الإنساني والرعاية والشؤون الإنساية أفضل عمل يمكن أن يؤديه، وفي رده حول أن كرتي هو سبب عدم وجوده بالخارجية، قال كمال: "هذا الكلام غير صحيح، فقد عملت مع كرتي من قبل وزيراً وسفيراً، وعملنا بتناغم كبير". مؤكداً أن العلاقة بينهما أفضل ما يكون. وفي وزارة الضمان الاجتماعي أكدت لنا مصادرنا من داخل الوزارة أن الوزيرة مشاعر الدولب بعد قرار ضم الشؤون الإنسانية إليها طالبت بوزير دولة يكون مفرغاً لها؛ نظراً لمهام وزارتها المتعددة، لأن الشؤون الإنسانية مهامها كثيرة مع ما تعيشه البلاد من أزمات في دارفور وجنوب كرفان والنيل الأزرق، فكان القرار بتعيين وزير دولة لتولي شؤونها، وقالت المصادر إن قرار الرئيس استقر على كمال حسن علي لما له من صفات محددة وعلاقات بالمنظمات الدولية وخبرة في التعامل معها، وأنه شخصية مناسبة لهذا المنصب. في ردهات الخارجية اكتفت مصادر داخلها بتفنيد البلبلة التي أثيرت حول تحويل منصب كمال، بالفول "إن الناس فسروا الموضوع تفسيرات خاطئة". على أي حال أصبح كمال حسن علي وزير دولة، قائماً على الشأن الإنساني في الوزارة، وأي منصب للرجل في هذا الكرسي أو ذاك ليست هذه هي المشكلة، فالأمر الأكثر أهمية يبقى هو؛ ماذا سيقدم كمال في هذا المنصب الجديد بعد الخبرة التي اكتسبها في هذا المجال من خلال تواجده بالقاهرة؟