قصة بطلتها امرأة سودانية ....ورجل مصري في البص المتجه لأداء العمرة . سألت صديقاتها وزميلاتها إن كانت واحدة منهن ترغب في أداء العمرة ولكن كلهن اعتذرن لأسباب مختلفة ...حزمت أمرها وصممت على السفر وحجزت في واحدة من الحملات . في اليوم الموعود بكرت بالذهاب تلافيا لأي عائق ....ودلها صاحب الحملة على حافلتها ومقعدها فجلست متوجهة بكل روحها إلى الله استغفارا وتلاوة ....وبدأ الركاب يتوافدون ، أحست بمن يحاول سحب المقعد الفارغ المجاور لها فاستغربت ، فهل يتحرك المقعد ؟! وعرفت بعد قليل لماذا فعل ذلك ! وجلس بجانبها رجل مصري !! ما هذا ؟! هل تسمح الحملة بمثل تلك الفوضى التي في بلاد النيلين ؟! رجل بجانب امرأة ويختلط الحابل بالنابل ! وتعلو الصيحات في الحافلات وتشتكي النساء من تحرش الرجال بهن احتكاكا وقرصا إلى آخره من قلة الدين والأدب من بعض الرجال ! وانزوت بنتنا إلى أقصى حدود مقعدها استجابة للجينات المسالمة ! ثم ما لبث الرجل أن نادى طفلته لتجلس على حجره ...ونامت الطفلة وسقط رأسها على بطلتنا لكنها لم تحرك ساكنا ...وبعد قليل بدأت كوع الرجل تلكزها " دون سوء مقصود" ....ست ساعات متواصلة إلى أن انتبهت أن المقعد المجاور لزوجة الرجل فارغ والمرأة تغط في نوم عميق لدرجة الشخير ...إذن هكذا الأمر ! ترك المصري لزوجته المقعد فارغا بجانبها لتنام قريرة العين في رحلة طويلة مرهقة ...أما السودانية فلتشرب من النيل بكل فروعه ومالوش دعوة بيها ! حتى في بلد الله لا يتركون أنانيتهم ! وانتظرت بنيتنا حتى وقوف البص في استراحة وتوجهت إلى السائق تسأله عن ذلك الموقف الغريب ، فاستنكراواعترض بشدة!وأكد لها أن ذلك لا يجوز ...وطلب منها أن تطلب من ذلك المغوار أن يقوم هو لتجلس زوجته بجانبها . ولما طلبت منه ذلك ردت زوجته قبله وبسرعة ومنين يجيب حرمة ؟ ولمسكنة بنتنا الموروثة عن أسلافها لم تقل لها ألستِ بحرمة ؟ وفي فهلوة معهودة رد الرجل ممكن تجلس البنت الصغيرة ؟ فردت : لا مانع وتزحزحت عن المقعد ولكنه جلس هو ! أرأيتم ! حتى على المستوى الفردي يمارسون سياسة التعدي دون حق ! حتى لو كان متوجها لأداء منسك عظيم ! وقال للفتاة اذهبي للسائق بطريقة أعلى مافي خيلك ! وبالفعل أخبرت السائق ....وكان رجلا حازما ولم يكثر من الكلام معه بل أفحمه بقوله " هل ترضاه لزوجتك " والتفت إلى الزوجة وقال لها : هل ترضينه لنفسك ؟ فسكتا على مضض وتم تصحيح الوضع . والشاهد في هذه القصة هو غرابة التكوين النفسي لهذا الشعب ! وحتى لا أبخس الناس أشياءهم أقرُّ بأنّ فيهم خيرون ....ولكن كم هم بنسبة العددية الكبيرة ؟