شخصيات شديدة الوضوح.. وأحداث شديدة الوضوح هي ما يقود كل شيء الآن. ووضوح الأحداث بعضه هو : نحدث قبل أيام عن أن «سيقان» قضية مكتب الوالي سوف تمر أمام بوابة الأراضي. والصحف تحمل أمس نبأ عن اعتقال مسؤولين بالأراضي في قضية مكتب الوالي. «وسيقان كثيرة سوف تمر أمام بوابة الأراضي في الأيام القادمة كلما شرع الناس في قضية جديدة». ووضوح الأحداث بعضه هو حديث نرسله أول الأسبوع عن أن قادة الأحزاب الآن هم قادة خراب الستينيات وما بعدها. وأمس سفير الاتحاد الأوروبي يلاحظ أن شخصيات الحوار الحزبية كلهم فوق السبعين. ونحدث الشهر الماضي عن مخابرات مصرية في جنوب السودان وإريتريا. وصحف أمس تحمل الأنباء عن جنود مصريين في جوبا. ونحدث عن الخطر حول السودان. والشهر الماضي الصحف تحمل صورة «آخر مسلم في إفريقيا الوسطى» المذبحة الفرنسية ضد المسلمين تصنع هذا وتتجه إلى غرب السودان. والشهر الماضي بعض الحديث المثقف يذهب إلى أن : أحزاب السودان كلها مصنوع في الخارج.. الشيوعية.. البعثية.. والإخوان!! والشيوعية تموت لداء كامن فيها. والبعث الذي يتهم بأحداث مروعة أيام الإنقاذ.. يموت لداء كامن فيه. والإسلامية دعوة تتخبط الآن لأن : بعضهم يظن أنه يستطيع أن يجمع بين التنازع و«اللعاعة» وبين الدعوة. والآن جهة غريبة تقود الإعلام ليصبح سموماً هادئة. وحدث صغير مثل زيارة سفينة إيرانية إلى بورتسودان.. شيء صغير لا يلتفت إليه أحد. لكن جهة معينة تجعل الإعلام.. ودون أن يدري.. يحول زيارة السفينة الإيرانية العابرة إلى قذيفة في الحرب السعودية الإيرانية. ويجعل السودان جزءاً منها. القذيفة تصيب التقارب السعودي السوداني الأخير. شخصيات وأحداث كلها بسيط شديد الوضوح هو ما يقود الآن لكن؟ «2» كلمة «وضوح» هذا تصبح شيئاً يصعب ابتلاعه حين يتبين أن الهياج كله «هياج الفساد والمحاكم والصحف» سببه هو أن: الوطني يطلق دعوة للحوار والمشاركة في الحكم. ومشاركة الأحزاب حسب أحجامها. والأحزاب تندفع.. وشيء يحدث. وسيول عام 1988 تصنع مشهداً في الجريف. ولقطة فوتوغرافية هناك لمنزل ينهار بكامله.. والمنزل لا تبقى منه إلا بوابة الحوش.. بوابة مغلقة قائمة. والأحزاب تكتشف أنه لم يبق منها إلا باب الحوش. عندها الأحزاب التي تعجز عن إعلان رفض الحوار.. ويفزعها الكشف عن حقيقة حجمها تنطلق تبحث عن مخرج. والمخرج يصبح هو : إعادة تلحين وأداء قضايا الفساد بحيث تصبح مسرحية تجذب العيون كلها.. بعيداً عن الحوار. والتصميم ينجح لبراعة الأداء من هنا ولسقوط المؤتمر الوطني في المصيدة من هناك. وقضية تحكيم الأقطان.. قضية من ألف أخرى.. كلها يعبر دون صدى.. عادة. لكن القضية تحول إلى مسرحية تصنع هياج الصحف ووزير العدل والمجلس الوطني والمحاكم و.. و.. وقضية الأقطان خطواتها التي تتبع قانوناً بسيطاً نظيفاً.. يصبح اتباعها هذا القانون عملاً ضد القانون. وتحصل على إدانة كاملة. وقضية مكتب الوالي.. اختلاس شديد الوضوح.. وجلسة أو اثنتان أشياء تكفي عادة لحكم يصدر وينتهي الأمر. لكن الإثارة تصمم بحيث تنسكب قضية مكتب الوالي في جداول وشقوق تجعلها تبتكر قانوناً جديداً. وأسماء جديدة.. مثل كلمة «تحلل». والابتكار يجعل الإثارة.. مثيرة. والإثارة .. التي هي الهدف الأول المطلوب لجذب العيون بعيداً عن الحوار.. الإثارة هذه تصبح مثيرة حين يسقط فيها المؤتمر الوطني. فما يقود الاتهام من هنا والدفاع هناك.. في قضايا الفساد.. المسرحية.. كلهم من المؤتمر الوطني. مؤامرة إذن لاغتيال الحوار يغفل عنها المؤتمر الوطني. أو هي حدث عفوي ليس مصنوعاً.. يجعل الحوار «يغرق». والغرق يقتل الحوار الوطني. وما يبقى من الأمر كله هو أن كلمة «وضوح» هي شيء له معنى غريب في أحداث البلاد اليوم. وما يبقى هو أن مسرحية الفساد تصل الآن إلى نهايتها.. وأن «خطر» الحوار لا يزال قائماً.. تخافه الأحزاب. وأن الهروب من الحوار سوف يبتكر شيئاً جديداً في الأيام القادمة. ويبقى أن الجزء السليم من الحركة الإسلامية.. ينظر .. وينتظر. صحيفة الإنتباهة