هناك فرق في شؤون النظام العام .. (1) منى أبو زيد (خوارم المروءة وخوارق القانون) - الذين عرّفوا المروءة تعريفاً ذاتياً قالوا إنها استعمال كل خُلقٍ حسنٍ .. واجتناب كل خُلقٍ قبيح .. وقال بعضهم هي أن لا تعمل في السرِّ شيئاً تستحي منه في العلانية .. وقال آخرون هي اجتناب الرجل ما يشينه .. واجتناؤه - أي اكتسابه - ما يزينه .. بينما ذهب البعض الآخر إلى أنّ المقصود بالمروءة هو أن يجتنب الرجل القبائح لقبحها .. أي أنها توخِّي الأفعال لاجتناب القبح .. وليس لاجتناب العقاب ..! وهنالك من ربط تعريف المروءة بردود أفعال الآخرين/المجتمع من سلوك الذات/الفرد .. فقال بعضهم إنّ المروءة هي اجتنابُ ما يكره اللهُ والمسلمون من الفِعالِ .. واستعمالُ ما يُحب الله والمسلمون من الخِصال .. وبعضهم – وهو الغالب الأعم - ربط بين معنى المروءة ومفهوم الرجولة .. فقال منهم إنها المحافظة على رجوليّة المسلم ودينه وهيبته .. وجاء في باب الميم من لسان العرب لابن منظور أنّ المروءة هي كمال الرجولية والإنسانية (من كانت مروءته كاملة بين الرجال .. علا مقامه) .. بينما خالف القرطبي كل ذلك بوازع من اختلاف الناس الطبيعي على ذات المفهوم .. فقال إنّ العادات متباينة .. وإنّ أحوال العرب في أمور المروءة هي خلاف أحوال العجم .. وإنّ ومذهب أهل البدو – فيها - غير مذهب الحضر ..! وهكذا اختلف العلماء حول الأزمنة والأمكنة والأشخاص .. لكنّ أقرب ما قيل في تفسير المروءة إلى المزاج العام السائد هي أنها تَخَلُّق المرء بخلق أمثاله من أبناء عصره ممّن يراعي مناهج الشرع وآدابه في زمانه ومكانه .. وذلك لأنّ الأمور العرفيّة قلّما تنضبط، .. بل تختلف باختلاف الأشخاص والأزمنة والبلدان ..! أما العدالة – وهذا مربط الفرس - فإنّها لا تختلف باختلاف الأشخاص .. لأنّ الفسق أمر يستوي فيه الشريف والوضيع .. بخلاف المروءة فإنّها (تختلف) .. فبينما الفسق عند الجماعة هو العصيان والخروج عن حدود الشرع .. وهو بذلك يشمل الكفر وما دونه من كبائر الإثم .. في حين أنّ المروءة عند معظم الجماعة أن يترفّع الإنسان بطوعه واختياره عن كل ما لا يليق به من الأقوال الباطلة والأفعال الشائنة .. والسلوكيات المنحرفة .. وأن يربأ بنفسه عن إتيانها (عندما سئل بعض الحكماء عن الفرق بين العقل والمروءة .. قال إنّ العقل يأمرك بالأنفع .. والمروءة تأمرك بالأجمل) ..! وعليه فالحديث عن نواقض الإسلام – التي تستوجب الحد إقامة الحد أو التعزير الشرعي – وبين خوارم المروءة - والخورام هي النقائض - التي تقف في أعراف المعصية بين جبال الإثم وتلال اللمم ..! ونخلص من كل ذلك إلى أنّ كل ما اختلف الحكم عليه باختلاف العادات والأصقاع والملل من ملبس ومسلك .. وفي هذا الشأن يقول الشاطبي (.. مثل كشف الرأس .. فإنه يختلف بحسب البقاع في الواقع .. فهو لذوي المروءات قبيحٌ في البلاد المشرقية .. وغير قبيحٍ في البلاد المغربية .. فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك .. فيكون عند أهل المشرق قادحاً في العدالة .. وعند أهل المغرب غير قادح ..) .. والحكم الذي قصده الشاطبي – هنا – هو (الحكم بالعدالة) - عدالة الحر المكلف البالغ العاقل - وليس (الحكم عليه) وفقاً لأحكام العدالة ..! بإسقاط كلام الشاطبي عن كشف وتغطية الرأس على ذوق الشباب الغربي الوافد (قص الشعر بأشكال غريبة .. التعامل مع فكرة الاهتمام بالملبس وأهمية دخول خط الموضة العالمية في ملامح الزي المحلي بإقامة عروض خاصة بأزياء مثلما حدث من بعض الشباب قبل أيام .. إلخ ..) نخلص إلى أنّ الحكم الشرعي في الإسلام على (هذه الأفعال) يندرج تحت خوارم المروءة وليس خوارق القانون ..! التيار