*البروف يوسف نور عوض بقناة الجزيرة يزور السودان هذه الأيام متوكئاً عصاه عقب وعكة ألزمته فراش الاستشفاء زمناً بعاصمة الضباب .. * ثم عصاه هذه نفسها يود يوسف لو أنه يقدر أن يهش بها على رؤوس مثقفي العرب وساستهم وإعلامييهم للدواعي نفسها التي جعلت موسى النبي يهش بعصاه على غنمه .. *فالبروف يوسف رأيه فى عقلية عرب هذا الزمان مثل رأينا تماماً وإن كان لا يجنح الى الذي نجنح اليه نحن من مطالبة ب (فرز العيشة) بما أنه اخذها من قصيرها وتجنس بجنسية الانجليز .. * فمدعّو الفهم من العرب حسب رأي يوسف محدودو النظر والفكر والوعي قياساً لما عليه نظراؤهم في البلاد المتقدمة.. ثم هم رغم ذلك (مدعون ! ! ) .. *فالمثقف العربي يكاد ينطق بلسان الحال صائحاً : ( يا دنيا ما فيكِ إلاّ أنا ) .. *ونظيره في البلدان المتطورة ينطق بلسان المقال قائلاً : ( أنا ولا شيْ ) .. * وعجز المثقف العربي عن ادراك ما هو خارج محدودية فهمه يذكّرنى بطرفة بلدياتنا في منطقتنا النوبية حين كانت لواري (السفنجه ) تدخل في ثقافة الغناء والرقص و( الشبال ) مقرونة ب (الحِنية ).. *فمما كان يتغنى به اهلنا في هذا الخصوص قولهم: (واللّا سفنوج حنينري وآسمارنا).. *ولولا (الكوز ) الذي كان يوضع أمام مروحة ماكينة اللوري لما كان ذاك الصوت (الحنين ) الذي صار ملهماً لخيال الشعراء والمطربين في ذاك الزمان .. *فبلدياتنا هذا (طلعت في راسو ) يوماً أن يتمرد على الزمان والمكان والأهل والسواقي والزروع دونما مبرر ( موضوعي ) لهذا التمرد .. *فقد قرر ان يلازم (الصوت الحنين ) الى ما بعد حدود ( المألوف ) .. *وحين وصل المتمرد بلدة الدبة فؤجئ بأن مهاتفة تخلو من ( الحنين ) قد سبقته الى هناك ووضعت حداً لتمرده .. *وبعد ذلك صار الناس في منطقتنا يتندرون بعبارات بلدياتنا التي يحكي فيها كيف أن هذه الدنيا (واسعة لى برة كدي ) .. *ومثقفو العرب رغم انهم يسافرون الى بلاد الله الواسعة الا ان آفة المحدودية هنا تتعلق بما فى رؤوسهم من فهم ووعي وثقافة .. *انها عقول أضّر بها ربما طول الخضوع لأنظمة (توسّع ) في معينات التمكين، و (تضيّق ) في معينات التفكير .. *ومن مظاهر (ضيق )الأفق الاعلامي حسب رأي البروف يوسف التركيز على ما صار (مألوفاً ) من قضايا الساحة العربية رغم مأساوية البعض منها .. *فالناس لا يتفاعلون مع ما هو ألوف ما دام (الفاعل ) و (المفعول به ) كلاهما يتعايشان مع ديمومة حادثات أضحت مثل مسلّمتى الليل والنهار .. *حادثات يكفى أن نقول عنها تلميحاً : (أنا ما بفسر ؛ وانت ما بتقصر ) .. *فقط انظر حولك في اجهزة الاعلام العربي .. *ثم انظر الى قناة الجزيرة نفسها التي ينتسب اليها حامل جنسية عاصمة الضباب .. *فالضباب الذي يلفها اشدّ عتمة من ضباب بريطانيا .. *ويوسف الذى يريد أن يهش بعصاه على رؤوس مثقفي العرب عليه أن يبدأ من هناك .. *مِن الذي هو في متناول ( عصاه ) .. *وتحريضاً من جانبنا نقول له إن بعضاً من رؤوس بني يعرب (تستاهل ) أكثر من (الهش ) .. *تستاهل أن ينهال عليها ضرباً ( من طرف).. *ولكن الضرب الأقسى يكون على رؤوسنا نحن الذين رضينا أن نكون عرباً دون المستعربة .. *ثم ليبحث يوسف عن اشتقاق لغوي لهذه المنزلة الثالثة بما أنه استاذ فى اللغويات . صحيفة الحقيقة