تراسيم.. شادية وإخواتها !! عبد الباقي الظافر حملت لنا الأنباء.. أن طبيبًا سودانيًا طوله خمسة أقدام وسبع بوصات، وعيونه عسلية.. إعتدى بالضرب والتوبيخ على زميلة له على أثر خلاف حول حق الطبيبة الشابة في الإقامة بإحدى الاستراحات المهنية .. الطبيب الضارب ذهب إلى بيته بعد أن أحكم إغلاق هاتفه الجوال .. وانتهى الأمر إلى مجرد بلاغ في محاضر الشرطة. تعطلت دابتى ذات نهار، فجلست إلى حسناء تبيع الشاي.. تعاملها مع الزبائن، وتقاطيع وجهها الحزين تقول إن وراءها قصة.. شادية كانت زوجة أفندي محترم.. سيف (الخصخصة ) أحاله إلى عاطل يبحث عن عمل.. وطالت رحلة الانتظار. قررت الشابة أن تُنقذ بيتها المتصدع .. حاجات الأطفال لا يمكن ترحيلها إلى بند آخر.. صاحب البيت يطرق على باب الدار في انتظار الأجرة .. خلعت شادية ثوب ست البيت المدللة.. وذهبت تبيع الشاي على قارعة الطريق. سألتها عن الصعوبات التي تعتري مهنتها الجديدة ..حسبت أنها ستبدأ بلعن الجبايات وسب المحليات.. ولكنها أوجزت كلامها البليغ في كلمتين (عيون الناس) .. وقالت إن لا أحد يصدق أن هذا الضرب من العمل يُقصد لذاته .. ثم مضت تحدد بدقة كمية من التحرشات والمضايقات التى تصيبها في غدوها ورواحها ومجلسها.. وكل ذلك تحت سمع وبصرالمجتمع. الحقيقة المسكوت عنها أن المرأة السودانية تتعرض لصنوف شتى من التحرشات.. بعضها يجد طريقه للنشر.. وكثير منه يحفظ تحت بند أسرار البيوت.. الشرطة تخصص قسمًا يُعنى بالشقق المفروشة.. ولا يوجد اختصاصي يهتم بالعنف المنزلي .. حتى على مستوى القوانين العامة يتجاهل المُشرِّع خصوصية قضايا المرأة.. جرائم الاغتصاب تمتد عقوبتها بين أشهر معلومات إلى جلدات معدودات. منظمات المجتمع المدني النسوية لا تهتم بقضايا العنف والتحرش ضد المرأة.. وتستكين هذه المنظمات للثقافة الذكورية السائدة والتي تتمسح بمسوح الدين.. والإسلام هو القائل إن النساء شقائق الرجال.. والمصطفى عليه أفضل السلام والتسليم هو صحاب التعبير القوي (ما أكرمهن إلاّ كريم وما أهانهن إلاّ لئيم). الآن واقع المرأة السودانية يحتاج إلى ثورة تصحيح وتجديد.. ومن الخطأ النظر إلى هذا الواقع منسوبًا إلى مثيلات المرأة السودانية في مجتمعات الدول الشقيقة المجاورة.. بل الإرتكاز لى ماضيها الزاهر .. حين كانت فاطمة أحمد ابراهيم نائبة فى البرلمان، والأستاذة فريدة إبراهيم قاضيًا.. لم تكن كثير من هذه الدول تعرف البرلمانات المنتخبة أو المحاكم المدنية. تحتاج قضايا التحرش عامة إلى كيانات مدنية تسمع أنين المرأة وتقدم النصح والمشورة عند الطلب.. بمعنى أن يكون هنالك طريق ثالث ما بين (شيل الحال) والصمت على الحال المائل. ليست هذه الطبيبة وحدها التي تعاني .. فقط هذه قمة جبل الجليد في مناخ ضبابي. التيار