نداء من الجبهة الوطنية العريضة الى مناضلي شعبنا سيما الكتاب منهم في اطار التوجه الوطني الجديد الذي خلصت اليه توصيات مؤتمر لندن التي استندت على المبادرة التاريخية للاستاذ علي محمود حسنين، اذ اعتمدت الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، كمدخل صحيح لتحقيق الاستقرار السياسي والتطور الاقتصادي، بعد ان اثبتت تجارب الماضي ليس في السودان فحسب وإنما في كل العالم، فشل مسعى بناء الدولة الدينية سواء عند اليهود او المسيحيين، والشاهد ان الانجازات الحضارية التي ينعم بها الانسان في هذا العصر ما كان لها ان تتحقق لولا تحرر العقل البشري من الدجل والنفاق السياسي، باسم الدين، الذي جعل البشر يؤلهون آلامهم وتفاهاتفهم وهموهم، وعجزهم، جعلوهم يتصورون أنه لا يوجد أو يحتمل ان يوجد أفضل مما كانوا يعانون. لقد كانوا كالذين ولدوا عمياناً لا يرون شيئاً أو كالذين ولدوا صماً لا يسمعون شيئاً، إنهم حينئذ لن يستنكروا أية دمامة فيهم او في ظروفهم وواقعهم، حتى جاء حملة مشاعل النور والتنوير فهدموا هياكل التضليل والنفاق والشعوذة، وعروا الاشياء وجعلوا العميان يبصرون دمامة حياتهم وواقعهم، بل هيأوا فرصة ان يطل الناس على الحياة اطلالة جديدة، جعلتهم يطمحون ويفكرون ويصنعون الجمال والاشراق والنور في عقولهم ونفوسهم وضمائرهم واخلاقهم وواقعهم. لكن برغم هذه الحقيقة البديهية، إلا إن ساستنا في السودان سواء بجهل او بوعي منهم، جعلوا شعبنا يدفع ثمن دجلهم ونفاقهم نصف قرن لاسيما في العقدين الاخيرين للحد الذي دخلت فيه البلاد نفق الانشطار الذي لم يتبقى منه سوى أقل من ثمانين يوماً. لذلك وجدت مبادرة الاستاذ علي محمود حسنين القبول والترحيب من أغلب أبناء الوطن والشاهد مشاركتهم المتميزة التي جمعت نخبة النخبة السودانية من كل انحاء العالم في ذلك المؤتمر الذي خلص الى قناعة مفادها، لابد من بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تحترم كل الاديان والاعراق والثقافات، تكون المواطنة فيها هي اساس الحقوق والواجبات ورئاسة دورية لكل اقاليم السودان تتم عبر انتخابات عامة حرة، وصولاً لوحدة وطنية نموذجية مرتكزها الوعي والعقل والمنطق والضمير وقيم العدالة والمساواة والنزاهة والامانة والجدية والاخلاص في العمل والشفافية، لمراقبة ومحاسبة الفعل السياسي في البلاد، في حال تقصيره في اداء دوره المنوط به وهو صون السيادة والدفاع عن الارض والحفاظ على الوطن موحداً باستخدام العقل والحكمة ورعاية مصالح المواطنين بتوفير شروط حياة حرة كريمة لهم دون تمييز لاي سبب كان، قائمة على قاعدة الديمقراطية وأفق التنمية المتوزانة مع اعطاء الاهمية للمناطق الاكثر تخلفاً لاسيما التي عانت من الحروب والمجاعات للدفع بها للحاق بعجلة النماء والتقدم. وبهذه المناسبة تتوجه الجبهة الوطنية العريضة بنداء لكل ابناء الوطن في الداخل والخارج ان يهبوا للمساهمة بالمال والفكر لتوفير الشروط الموضوعية لانطلاقة ثورة وطنية شاملة هدفها التخلص من النظام الذي فرط في مكتسباتنا الوطنية من ارض وعرض وارث وحاضر ومستقبل لذا ارفعوا اصواتكم للدفاع عن وطننا بتعرية هذا النظام العميل الذي وفر الشروط اللازمة للتدخل الاجنبي وتغول بعض دول الجوار على اراضينا، بتسليط الضوء على الجرائم وتقصيره في تحمل المسؤولية والاكاذيب التي ادمنها هذا النظام ومنها اتهامه للجبهة الوطنية العريضة بان تمويلها يأتي من الصهيونية والغرب، ويعلم كل من شارك في المؤتمر ان تكاليفه دفعها المشاركون من جيوبهم، الذين اتوجه اليهم بالتحية، وكذلك الذين شاركوا بمشاعرهم وضمائرهم بسبب عدم تمكن المؤتمر من توفير فيزا لهم، بخاصة المقيمين في الدول العربية والافريقية وهذا دليل آخر على نزاهة وعفوية المبادرة. لقد حان الوقت للقيام بالواجب الوطني والاخلاقي والذي تعززه قيمنا الوطنية والاجتماعية التي تحسنا وتشجعنا على الثورة والانتفاضة لاسيما في وقت تتعرض فيه بلادنا للتفريط والتمزيق على يد هذا النظام الفاسد الذي وفر كل الذرائع والحجج للطامعين في ارض وخيرات هذا الوطن بتصرفاته غيرالمسؤولة. ان الجبهة الوطنية تثق كل الثقة بان المعركة ليست معركة الجبهة الوطنية العريضة وانصارها فحسب، وإنما هي معركة وطن وشعب، في ان يبقى او لا يبقى، لذا تناشد القوى الوطنية والضباط الاحرار والمثقفين والشباب والطلاب والكتاب الوطنيين ان يباشرون بالمشاركة كلا من موقعه في حملة التعرية والتصدي للمخططات الاجنبية التي وجدت ضالتها في هذا النظام الفاقد للشرعية والاخلاقية. والى الامام حتى النصر. الطيب الزين الامين العام للجبهة الوطنية العريضة