مناظير زهير السراج البروف والكيزان وأنا ..!! * كان المرحوم بروفيسور صديق أحمد اسماعيل إختصاصى واستاذ الطب الباطنى والقلب المعروف شجاعا وصريحا فى قول الحق، وكثيراجدا ما سمعت عن مواقفه الشجاعة ضد السلطة ورفضه الاذعان لتطبيق السياسات والقرارات التى يرى انها خاطئة، ولقد حاولت الانقاذ أكثر من مرة أن تفرض عليه وهو فى مواقع ادارية محتلفة فى جامعة الخرطوم تنفيذ بعض المهام من منطلقاتها السياسية والفكرية ولكنه لم يتردد فى الرفض بصوت عال، ولقد كان له موقف شجاع جدا معى لن أنساه ما حييت كان له أكبر الأثر فى مسيرتى الاكاديمية رغم العراقيل التى حاول الكثيرون وضعها فى طريقى، ولكن شاءت ارادة الله أن تهبنى رجلا شجاعا هو بروفيسور صديق ليساعدنى ويقف معى فى وجه الظلم. * عندما استلمت الانقاذ السلطة فى يونيو 1989 كنت فى بعثة حكومية بكلية الدراسات العليا جامعة الخرطوم للحصول على درجة الماجستير ، وكان البروفيسور صديق وقتذاك عميدا لكلية الدراسات العليا، فتلقى خطابا من وكيل الثروة الحيوانية يطلب فيه ايقافى من الدراسة بعد فصلى للصالح العام بقرار يحمل توقيع العميد عمر البشير رئيس مجلس الوزراء، فرد البروفيسور بالرفض وقال انه غير معنى بقرار فصلى من العمل، وأستطيع مواصلة الدراسة ما دمت ملتزما بدفع مصروفات الدراسة التى أوقفت الحكومة دفعها، واستدعانى البروفيسور صديق ونقل لى ما حدث وقال انه لن يسمح بايقافى عن الدراسة مهما كلفه الأمر. * بعد يومين من ارساله للرد تلقى البروفيسور مكالمة هاتفية من شخصية نافذة فى الدولة كررت الطلب بايقافى عن الدراسة، فكرر البروفيسور رده بالرفض، بل استدعانى مرة أخرى وأخطرنى باعفائى من مصروفات الدراسة ولم يخبرنى بأمر المحادثة الهاتفية التى لم أعلم بها الا بعد سنوات طويلة من صديق عزيز يعمل استاذا بجامعة الخرطوم تربطه صداقة قوية ببروفيسور صديق. * كان للموقف الشجاع لبروفيسور صديق فى ذلك الوقت الذى كانت فيه أبواب بيوت الأشباح مفتوحة على مصراعيها، الأثر الكبير فى نفسى لاكمال الدراسة والحصول على الدرجة العلمية رغم الضغوط النفسية السيئة التى كنت أعانى منها بفصلى عن العمل وايقاف راتبى، بل ومنعى من دخول وكالة الثروة الحيوانية وقتا طويلا لتسوية حقوقى المالية، وكانت كل جريرتى هى نشاطى النقابى فى فترة ما قبل الانقاذ وعملى فى الجمعيات الطلابية المختلفة أثناء الدراسة الجامعية ومنها جمعية الاداب والفنون بجامعة الخرطوم التى تشرفت برئاستها دورتين متتاليتين رغم وقوف (الكيزان) ضدى بدون سبب واضح ومهاجمتى فى صحفهم وندواتهم واطلاق اسم \" الدجاجة الصغيرة الحمراء\" على كونى كنت طالبا بكلية الطب البيطرى وصغير الحجم، مع أننى لم أكن صارخا أو مغاليا فى اختلافى معهم، بل كنت فى معظم الأحيان متصالحا معهم لأننى كنت وما زلت أحترم الرأى الأخر وأؤمن ايمانا مطلقا بالتعددية باعتبارها حقيقة كونية ومشيئة إلهية لا مجال لتجاهلها او الاعتراض عليها ..!! * رحم الله بروفيسور صديق أحمد اسماعيل الطبيب العظيم والانسان الشجاع وأسكنه فسيح جناته ، وألهمنا وأسرته واصدقاءه وتلاميذه الصبر الجميل، و\" إنا لله وانا اليه راجعون.